Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الناس والحرب - الحلقه التاسعه

مفاجأة غير متوقعة:

      عدت الى وحدتى وانا عاقد العزم على ان اتخذ خطوة ما لشعورى بفتور من جهتها ومضى على ذلك شهرين شعرت خلالها بقتامة سوداء فى حياتى وكنت اعود من زيارتهم حزين القلب ومشاعرى تائهة ولا اعلم كيف الخروج من تلك الدوامة واعتقدت ان السبيل الاوحد لتقليل تلك الفجوة هو ان اتخذ خطوة ما لاعادة دفء القلوب ثانية كما كان دائما بينى وبينها .. قررت كتابة خطاب لها ارسله مع شخص اثق به وينتظر لليوم التالى ليعيد رد الخطاب لى حتى اذا كانت مستعدة اتصل بعائلتى لنذهب لزيارتهم وقراءة الفاتحة وتكون تلك اول خطوة اخطوها فى حياتى العاطفية والاجتماعية .. صحيح اننى راغب فى الاقتران بها وخاصة فى الفترة الاخيرة كنت الاحظ مدى ما تتمتع به من جمال طبيعى كما ان زواج عاطف شجعنى وليكن ما يكون وهل انا علام الغيوب واعلم متى تبدأ الحرب ومتى تنتهى وهل سانجو منها وانا الذى شاهدت المآسى فى سيناء من شباب يافع قوى يلقون حتفهم ظلما وقهرا من العدو والطبيعة.

     ارسلت فى طلب صف ضابط مجند عمل معى فى سرية الهاون وهو من ابناء القاهرة وكان دائما ما يقص على اخباره واخبار اسرته وهو ابن رجل فاضل كان رئيسا للبعثة التعليمية باحدى الدول العربية .. انه محمد فوزى .. حضر الشاب سعيدا باننى تذكرته واريد محادثته وجلسنا نشرب الشاى سويا بعيدا عن اعين الجميع واخبرته باننى اريد ان ارسل معه بخطاب الى شخص يهمنى يعيش فى حى المنيل وسألته اتعرف حى المنيل فهو من ابناء حى شبرا فارغى وازبد فى معرفته بهذا الحى الجميل فاردت ان انهى حكايته التى لاتخرج عن كونها الرغبه فى النزول لتنفيذ تلك المأمورية وقضاء يومان مع اسرته قائلا له سوف ازودك بالعنوان والوصف .. اوضح له انه ليس المنيل بالضبط ولكنها منطقة الروضة والبعض يطلق عليها منيل الروضة .. ضحك الشاب قائلا ان تلك المنطقة صغيرة وله فيها من الذكريات الجميلة ايام ان كان يجمعه مع زميلته فى الجامعة وبنفس الكلية قصة حب قوية يتحدث عنها جميع زملائه وزميلاته لان الحبيبة كانت من نفس الكلية .. آه يافندم انه فتاة جميلة آه عليك ياعلا وعلى جمالك “انتابنى بعض التوتر لتشابه الاسماء” سألته انه اسم جميل .. علياء .. صحح الاسم .. لا ليست علياء بل علا هشام !!! ارتبكت قليلا ولم استطع ان اتحدث فكنت ابتلع انفاسى التى بدأت تلهث من تلك الكلمات القليلة .. يستطرد .. انها تقيم فى فيلا “دينا” فيلا رائعة وهم من الاغنياء ميسورى الحال ولها اخ ضابط بالجيش يكبرها بعدة سنوات وذهبت لمفاتحته بالاقتران بها ولكنه رفض طلبى قائلا بعد التخرج واخبرته اننى سوف اتخرج هذا العام وكنا قبل حرب 67 اى فى عام 66 ولكنه صمم .. تصور يافندم .. افندم انت نمت .. اشير له بان يكمل قصتى المأساوية والفرصة السيئة التى جائتنى على غير موعد .. يكمل حديثه .. كنا نتنزهه واحضر معى العود لاعزف عليه اغنية اول همسه للفنان فريد الاطرش .. ياه كانت تذوب عندما تسمع منى هذا العزف .. اتنحنح سائلا اياه .. لكن كان فيه بينكم حاجات ومحتاجات .. يضحك ويطلب منى الا اذكره بتلك الايام السعيدة ونحن هنا نقاسى التعب والالم البدنى والنفسى .. قائلا  “ايوه كان فيه امال .. اتنين بيحبوا بعض حيعملوا ايه .. لازم فيه من لمسات وآهات”انا اقول فى نفسى آه .. آه” بصوت متحشرج سائلا اياه يعنى بوسه والا اتنين ميخسرشى .. يجيب” : يخسر ازاى دا ده هو المهم امال تشعر بيا ازاى لازم يافندم الواحد يشعلل البنت اللى معاه .. كلام وبس بقيت زى اى زميل لكن مدام فيه حب ورغبة لازم نتمتع قبل الجواز .. دا انت سيد العارفين”انظر اليه وانا احدث نفسى قائلا : دا انا سيد الخايبين لحد دلوقت مختش بوسه من خدها” يكمل حديثه بصراحه اتمتعتلى يومين حلوين .. لكن والله كنت ناوى على جواز لكن اخوها يخرب بيت اهله هو السبب .. ياه اتلاقيكى اجوزتى ومعاكى عيلين دلوقت خلاص بقيتى ذكرى .. ياه .. لكنها ذكرى حلوة ما تتنسيش”.

       جلست صامتا وهو يتحدث فى اشياء اخرى وتنبهت انه مازال يتكلم .. حدثته محمد طيب روح دلوقتى سريتك وانا حابقى ابعتلك لما اجهز الجواب .. وقف شاكرا ويودعنى قائلا اهى تبقى فرصه اعدى على فيلتهم واعرف الاخبار من البواب او يمكن اقابلها صدفه .. ماهى الصدف الحلوة كتير وربنا يكترها .. ادى التحية العسكرية وانا لاافترق عن تمثال رمسيس فى شىء سوى فى العمر الزمنى .. تسمرت وتجبست فى مكانى .. ياه ياعلا لكِ قصة حب عنيفة مع محمد فوزى وكمان اول همسه وتلاقى اول لمسه واول قبلة .. آه لا استطيع ان اتذكر ولا اريد .. الله يخرب دى فرصه والله يخرب عقلك يامحمد يافوزى .. اعمل ايه ياربى يعنى البت اللى طلعتلى فى البخت اعرف “بالصدفة المُرة” انها كانت على علاقة واعرف الشخص واشاهده امامى وهو يقص على تلك الغراميات .. اعيد التفكير ومراجعة عقلى المنهار المضطرب .. يمكن حكاية تاليف من بتوع الشباب وانه واد عفريت ودون جوان .. امضيت ليلة سيئة لا يقارنها ليلة سوى تلك الليالى والتى كنت مدفونا فيها مع الذئاب .. فتحت ظرف الخطاب المرسل لها واقرأ عبارات الحب التى ارسلها لها واخبرها فيه بلهفتى للارتباط بها واننى قادم فى اجازتى هذه وسيكون برفقتى والدى ووالدتى لقرآة الفاتحة وارجو ان تخبرينى مع حامل تلك الرسالة هل هذا التوقيت ملائم من عدمه وسلامى وقبلاتى الى ماما وداد والحبوبه الصغيره دينا واخى الاكبر مدحت وعروسه سعاد .. وختام من الحبيب الولهان اسامة.

      فارت الدماء فى راسى وانا فى غاية التوتر على تلك الخيانة وكيف لى ان ارتبط بانسانه خائنة وكل الشكوك كانت قائمة فى ذكراى وانها استلمتنى مكان محمد فوزى كبديل بدلا من الحب الضائع .. اجلس قليلا ثم اعيد الفكر والتقدير لتلك المأساة التى لم تكن تجول بخاطرى .. اعود لتبرئتها متعللا باننى سبق وان تعرفت انا وعادل على فتاتين بالجامعة  وتركت الفتاة التى تعرفت عليها وعادل لصق بصديقته وهما الان مخطوبان .. هل حكم على فتاتى السابقة بالاعدام عاطفيا لانها سارت معى بعض الايام وتنزهنا وذهبنا الى دار السينما عدة مرات .. هل هذا عدل ان تموت عاطفيا واجتماعيا وانا او اى رجل نظل نقفز من تلك الفتاة الى الاخرى كطائر يبدل اغصان الشجرة التى يقف عليها .. اذا فرض وان مائة شاب تعرفوا على مائة فتاة ثم انفطر عقد صداقتهم .. هل الشباب المائة لن يتزوجوا .. سوف يتزوجون .. ولكن من اى فتيات سيتزوجون .. من فتيات اخريات تعرفن على شباب ولم تتم خطوات وفاق بينهم .. اذن هى تباديل وتوافيق وعلى الجميع ان يتأكد بانه ليس الشاب الاول فى حياة عروسه فهى مثل الاشكال والشخصيات التى نقابلها فى حياتنا ونبتسم لهذا ونبتعد عن ذاك .. لا يجب على ان اكون هكذا وان اصبح جنتلمان وفارس وليس لى حق على ماضيها وليس لها حق على ماضى.

      صباح اليوم التالى قمت من نومى وعيونى منتفخة من السهد والارق والشواء على نار الغيرة والخيانة التى اشعلها فى قلبى الغبى محمد فوزى بدون ان يدرى .. ياله من احمق يفتح فمه ولسانه عن الاخرين .. آه على ديننا الحنيف الذى حرم اغتياب الناس وخاصة النساء وجعلها من اكبر الكبائر” قذف المحصنات المؤمنات الغافلات”.. ان هذه الغيبة والنميمة مثل السهم الذى اذا خرج لاتستطيع استرجاعه .. كيف لى الان استرجع كل السنين الخمسة بينى وبين علا .. ياه يا علا الرقيقة اللطيفة ولماذا اصدق هذا الاحمق واكذب عيونى وحواسى .. طوال خمس سنوات لم يحدث بيننا اى شىء وكنا متفقين انه لاحقوق بدون واجبات اى بدون خطوات تعد فى صالحنا للارتباط .. كما ان شقيقتها دينا تلعب معى كاننا فتايان صديقين ولم اشاهد عليها اى ميوعة او مياصة اما ماما وداد” .. ادمعت عيناى عليها” تلك الام الرقيقة الكريمة التى ساعدتنى واوصلتنى الى محطة كوبرى الليمون منذ عدة سنوات وانا شبه كسيح عاجز عن السير عدة خطوات وجشمت نفسها عبء الاتصال باسرتى بالزقازيق وهى التى فقدت ابنها الوحيد ومازالت تبحث عنه ورغم هذا لم تدع فرصة لمعاونة المحتاج الا وفعلتها..ولم تكن تفعل هذا تيمنا من الله بان ينقذ وحيدها ولكنها مازالت تفعله وتلقبنى بابنى اسامة وتعتبرنى احد ابنائها طوال اكثر من خمس سنوات وتعلم بان ابنتها راغبة فى وانا لم اتخذ اى خطوة حتى الان .. الله يخرب بيتك يا محمد يا فوزى يا مجنون.

أول همـسـة

 

     مضى يومان على وانا لا اعلم ما اقوله .. اهو اصحيح ام خطأ .. وسألت النقيب حسن .. حسن انت واخد بالك منى اليومين دوول ملخبط شويه .. ضحك بصوته الذى يشبه اصوات المعلمين واولاد البلد قائلا: ايه اللى بتقوله ده .. .دا انت فله وميه ميه وآخر حلاوه وكله على بعضه حاجه كده سمك .. لبن .. تمرهندى .. ايقنت من حديثه الفكه ان حالتى ملخبطة .. انشغلنا جميعا فى مشروع الرماية التكتيكية بالذخيرة الحية للسرية المشاه الميكانيكى المدعمة .. مشروع كبير وتستخدم فيه الذخيرة الحية واسلحة المركبة التوباز واسلحة من الهاون 82مم وسرية الم/د بالكتيبة وفصيلة مهندسين عسكريين وقواذف لهب وعناصر استطلاع .. سبقنا الى هذا السريتين الاولى والثانية “بقيادات من ضباط الاسكندرية” والتى سبق الحديث عنهم .. جاءت نتائجهم امتياز فى الرماية وجيد فى المواقف التكتيكية.

      امضينا ثلاثة ايام فى موقع الرماية بامكانيات ادارية تعتبر اقل عن امكانيات تواجدنا بمواقعنا .. هذا هو يوم الرماية والكل مستعد ولابد من حضور قائد اللواء العقيد /احمد عبده وقائد الكتيبة المقدم فريد مندور .. المتبع والمفروض ان تبدأ الرماية فى حوالى الساعة التاسعة اسوة بالذين سبقونا كما ان هذا يمنع انعكاس الضؤ الساقط من اشعة الشمس على اجهزة تصويب الجنود وخاصة “سن نملة الدبانة” التى هى اساس تصويب جندى المشاه والاسلحة الصغيرة عامة .. لكن الرماية لم تبدأ الا بعد الثانية عشرة ظهراً بدقائق والجنود والضباط منتظرين من الثامنة صباحا وقد اعياهم الانتظار ودرجة الحرارة المنخفضة واشعة الشمس الشديدة فى رمال الموقع الثالث الناعمة المتحركة .. بدأ المشروع والرماية مع تدخل قائد اللواء ليختبرنى بمواقف تكتيكية للعدو وانا اتصرف مع بعض الملاحظات منه من حين لآخر .. انتهت الرماية ونحن مصطفون والمفتشين وضابط رماية اللواء وقائد اللواء والكتيبة ويعلن قائد اللواء ان نتيجة الرماية جيد والموقف التكتيكى امتياز .. شكرنا قائلا انا واثق انه اذا لم نتأخر عليكم لكنتم حصلتم على تقدير امتياز فى الرماية وشد الرجل على يدى مودعا.

    بعد انصراف قائد اللواء وقف قائد الكتيبة لاعنا تلك الوحدة وهذا اليوم النحس عليكم وعلى اهاليكم وموقعا جزاء على جميع الافراد ضباطا وصفا وجنودا بالعودة سيراً على الاقدام الى موقع الكتيبة عقابا لهم على تلك النتيجة السيئة .. غادرنا بعد ان امر ضابط الحملة بعودة اللوارى فارغة وها نحن مطلوب منا ان نعود لمسافة ثمانية كيلومترات سيراً على الاقدام بكل اسلحتنا ومعداتنا .. تلك الاسلحة التى وبخه قائد الفرقة امامنا جميعا عندما لاحظ قصور فى صيانة معدات التوباز قائلا له انت يافريد خائن لبلدك لان تلك المعدات يطلبها رؤساؤنا من الاتحاد السوفيتى ويتذللون للحصول عليها بعد دفع ثمنها من قوت الشعب المسكين .. انت قائد مهمل ويجب عليك الحفاظ على معداتك وان تلحسها بلسانك .. هكذا وبخه امام جميع افراد الكتيبة .. بينما وقف المقدم فريد مندور امامه صامتا لم يفتح فمه والان جاء ليستأسد على وحدتنا بعد مجهودهم هذا .. غادرنا القائد واتجه الى الكتيبة وارتدى ملابسه للنزول يومين مكافأة على مجهود كتيبته .. الظلم بحد عينه .. فهو يتمتع باجازه ولكن الممثلين والكومبارس مازالوا فى الجبل ويطلب منهم العودة تلك المسافة مدمرين اسلحتهم من عناء السير وبهدلتهم.

    رفضت العودة طالبا من جميع الوحدات التى تعمل معى الدخول للراحة بموقع الصواريخ التبادلى المجاور لنا واخذت مركبة توباز واتجهت الى كتيبة دبابات مجاورة لنا طالبا احضار الكانتين للموقع واسعد هذا ضابط الكانتين فهو يعلم ان عددنا كبيرا منذ اليومين السابقين .. بقينا من الثانية بعد الظهر حتى تخطت العاشرة مساء .. حضر قائد ثان الكتيبة لنا وبعد ان غادر السيارة الجيب يرفع صوته صارخا فى الجنود بان ينهضوا ويعودوا الى وحدتهم .. امرت الجميع بالعودة الى راحتهم موضحا لقائد ثانى انه يوجد قائد لتلك الوحدة وعليك ان تعلم ان الوحدة قائد وتحضر لمخاطبتى .. وقف صامتا ثم قال .. آمرك بان تعيد الجنود والمعدات الى الكتيبة .. اجبته لاتوجد سيارات .. جميع اللوارى غادرت الموقع .. اجابنى تنفيذا لاوامر القائد بالعودة سيرا على الاقدام .. سالته تدريب ام عقاب .. تلعثم ثم قال تدريب .. اجبته لم يصلنى اخطار وبرنامج التدريب هل معك نسخة منه .. توتر من ردى عليه امام الجميع ليلا وفى الظلام فقال اذن اعتبره عقاب .. اجبته لايوجد عقاب جماعى وانا ارفض تنفيذ هذا الامر .. طلب منى اعادة ما قلته .. اجبته ارفض تنفيذ هذا الامرطالبا تحويلى وقائد الكتيبة وانت الى محكمة عسكرية ميدانية فورا .. تلعثم الرجل ثم طلب منى التوجه الى قائد اللواء معه لاخباره بهذا الامر لان الجبهة متوترة لان قوات الدفاع الجوى اسقطت طائرة استطلاع اسرائيلية وان قائد اللواء عندما علم ان نصف الكتيبة غير موجودة فى مواقعهم جن جنونه وارسلنى لكم .. هيا معى لتعرض الامر على قائد اللواء وان يقوم احد الضباط بمرافقة السرية ووحداتها الى موقع الكتيبة رفضت هذا طالبا ان يحضر المسئولون فى الدولة ليروا كيف تدمر اسلحة البلد بايدى الجهلاء بعد ان تدمرت سابقا بايدى الجبناء .. شعر الرجل باننى قد افقد اعصابى فقلل من لهجته معى وامرت النقيب حسن بالبقاء فى هذا المكان حتى احضر او تحضر لوارى الكتيبة او قائد اللواء شخصيا .. رافقت قائد ثان الكتيبة لمقابلة قائد اللواء العقيد احمد عبده وطوال الطريق يوجه لى النصح بالا اندفع فى مثل تلك الامور وقد احاكم بمحكمة عسكرية .. ضحكت من حديثه وانا اخبره اننى متعمد ان افعل هذا لاقدم المقدم فريد مندور الى المحكمة العسكرية .. وصلنا الى مكتب قائد اللواء باحدى حدائق منطقة الروضة جنوب القنطرة غرب .. اقف امام قائد اللواء الذى يستفسر منى عن سبب تأخير السرية ووحداتها حتى الان والساعة اقتربت من الحادية عشرة .. ابلغته بما ابلغت به قائد ثان مع اضافة بان اجهزة التصويب والتنشين ستتأثر تأثرا شديدا بذلك وتضربكفائتها .. اجابنى عليك تنفيذ التعليمات ثم اكتب هذا فى تقريرك .. ثم نظر الى قائد ثانى الكتيبة مستفسرا هل السرية بدأت السير فاجابه نافيا وبان النقيب اسامة رفض تنفيذ الاوامر امام الجنود .. قال الرجل ارسل بلوارى الكتيبة لاحضارهم ثم طلب من ضابط امن اللواء احضار المقدم عبدالمجيد ابوالعلا امامه

حضر الرجل فطلب منه اجراء مجلس تحقيق لكلا من المقدم فريد مندور والنقيب اسامة الصادق لما حدث بينهم فى ميدان الرماية اليوم ثم رفع التليفون مبلغا جندى الاشارة بارسال اشارة عاجله بعودة المقدم فريد مندور اليوم من اجازته قبل الفجر للاهمية.

    انتهت تلك المهاترات بان ادين قائد الكتيبة وخصم ثمن الوقود المستخدم فى اعادة الوحدة ومعاونيها من ميدان الرماية على نفقته الخاصة .. اصبح فريد مندور حانقا على وانضم ضباط الاسكندرية الى بعد هذا الحادث بعد ان اخبرهم النقيب حسن بما حدث فى ميدان الرماية.

     بعد هذا الحادث حصلت على اجازتى الميدانية واصبحت ثقيلة على نفسى بعد الاخبار المفزعة التى صبها محمد فوزى فى راسى عن علاقته بعلا .. فى المساء توجهت الى فرح او زفاف عاطف واسعدنى هذا وكانت تلك هى المرة الاولى التى اشاهد كنيسة من الداخل وسعدت مع المقربين له بهذا الاحتفال بينما الام مارى ملاصقة لى سعيدة بى وهى مازالت تكرر فى بعض الاحيان قولها : تعالى ياوليم اعرفك بالاب متى او اعرفك بالام دميانه او اعرفك بالخال يعقوب .. واصافح هذا واصافح تلك والاخرين يسألوننى عن لقبى .. اى وليم ماذا بعده .. فتضحك وتقول انه بديل وليم ابنى وهنا يصححون مواقفهم ..

     صباح اليوم التالى رافقت علا الى حى الحسين وكنت اعرف قهوة يرتادها السائحون وبها رجل كفيف لكنه بارع فى العزف على العود .. طلبت منه وانا احادثه على جنب بدون ان تشاهدنى او تلاحظنى علا ان يعزف مقطوعة اول همسه لفريد الاطرش .. بعد قليل بدأ الرجل فى العزف والناس تتمايل طربا وبهجة وسعادة وانا من بينهم وخلالهم الاحظ ما يبدو على علا التى نقلها العزف الى انسانة اخرى هائمة ممسكة بيدى سعيدة وهى نائمة على ذراعى وهى تنظر الى من حين لاخر سارحة فى تخيلاتها .. ايقنت صدق ما اخبرنى به محمد فوزى وكدت اصرخ بها موبخا افعالها ولكننى وجدت ان مثل هذا التصرف ليس له اى مبرر فهى لم تخطىء فى حقى حيث كانت خالية بدون اى علاقة ما. ايقظنى ضميرى بانه لايجب على ان اكون ظالما واحلل لنفسى ما احرمه على الاخرين لكنه تأكد لى ان الذكرى الماضية مازالت عالقة بخيالها .. لم اعد استطيع التفكير او اتخاذ قرار فى هذا الشأن فكلما لجأت الى المهادنة مع النفس اعود ثانية وتشتعل نيران الغيرة فى قلبى متذكرا محمد فوزى معى فى كل مكان وانا احدثها وانا اخاطبها حتى وهى تضحك لى اقارن ذلك بانها كانت تفعل هذا مع ذاك الشاب وقررت بعد عودتى الى وحدتى بان افاتحها فى علاقتها مع محمد فوزى ولكن زميلى وصديقى حسن ابراهيم الذى جمعنا العمل اولا ثم جمعنا الضيق من تصرفات قائدنا ثانيا والعنصر الثالث الذى جمعنا ان يبث كل منا الى اخيه اشجانه وما يقاسيه تأكيدا على اننا اصبحنا صديقين لدرجة ان يخبر كل انسان اخاه بما يعتمل فى صدره من الام مكبوته ومؤلمة.

    رفض حسن هذا الراى وباننى بذلك اضع اصبعى فى عينها واتدخل فى حياتها السابقة مؤكدا لى انها لن تعترف بهذا الحب وسوف تزداد عنفا وضيقا منك لانك تنبش فى ماضيها ومن منا ليس له ماضى وغالب ماضينا ابيض ناصع شفاف لصغر اعمارنا ومنذ متى وقد اصبح الحب مكروها وغير مطلوب .. ان الحب هو سبب الحياة وهو المرافق للشمس والهواء والماء فى استمرار الحياة فوق الارض وبدون الحب تنشأ الحروب وتدمر المدن ويقتل الرجال وتغتصب النساء وييتم الاطفال .. ارجوك لاتكن كريها واذا شعرت بانك غير قادر على تحمل غيرة هذا المنافس الخيالى فكن رجلا حصيفا واهجر هذا الحب وتحمل عذاب الهجر بشجاعة واقدام.

        اثلج حسن قلبى وصدرى بتلك الكلمات المعبرة وبتلك النصائح الغالية التى مسحت غبار الغيرة من امام عينى فاصبحت ارى الطريق اكثر وضوحا وبالتالى اصبحت اوجه حياتى وقراراتى بدقة اكثر فالطريق واضح وشوشرة الغل والكره قلت الى درجة كبيرة واستقر قرارى على ان علاقتى بعلا قد انتهت وانه ليس لى بها اى ارتباط بعد اليوم وما علاقتى بهم سوى معرفة سابقة يترتب على بقائها ونموها تصرفاتنا المتبادلة .

  مازلنا نواصل تدريباتنا واقترب شهر يونيو من نهايته وتبلغنا ادارة افراد الفرقة  (18) بنجاحى فى امتحان الترقى وترقيتى الى رتبة رائد اعتبارا من الاول من يوليو القادم واسعدنى هذا الخبر المتفائل فى غمرة الخسائر المتتالية فى محيط العواطف .. ياه كثير من المعجبات ولا احظى بقرار سليم وكل معجبة لها مشكلة وقصة ومعضلة .

   مُنحت اول اجازة لى بعد الترقى الى رتبة الرائد وماتمثله تلك الرتبة من معان كثيرة .. انها بداية لرتب القيادة .. كرئيس عمليات بعد عام اواكثر ثم قائد ثان كتيبة ثم قائد كتيبة وهكذا. اتجهت لزيارة ماما وداد وعلمت بان السيدة تعانى الام فى معدتها واشتكتنى لنفسى باننى لم ازورها منذ شهران ومازالت دينا تلاحقنى بشقاوتها اما علا فكانها الصمت المطبق وكاننى اصبحت غريمها وهى غريمتى مع ايقاف التنفيذ .. نظرات بعيدة باردة وابتسامة بسيطة مضطربة وغير دافئة جلست جلستى بين رجاء الام ان ابقى معهم تلك الليلة لتستأنس بى وهى تسألنى : لماذا لا تزور اخوك مدحت فى منزله انه يسأل عنك ويريد رؤيتك ولكن علا تتحدث وتخبر امها قائلة دعيه ياماما ولاتضغطى عليه فلقد اثقلنا عليه وضايقناه او قد يكون عثر على من هم احسن منا ومن يريدهم ولايريدنا وهو عنا راغب.

     الكلمات قليلة ولكنها قاسية مؤثرة على نفسيتى التى اثرت على مشاعرى والان علا لاترغب فى بقائى وما كنت اخشاه من عامين حدث وتحقق .. حدثت نفسى .. فر ايها المعتوه قبل ان تطلب من البواب طردك الى الشارع .. قبلت ماما وداد وغادرت الفيلا متجها الى زيارة مدحت وزوجته وشعرت بعد لقائه انه يرفل فى نعيم السعادة والحب مع زوجته الرقيقة الباسمة ايضا ويسألنى اقمت بزيارة ماما؟ وانا اخبره باننى قادم من عندهم الان .. تسألنى زوجته بدلال النساء وامتى ياترى حنفرح بيك مش كفاية عزوبية مش بتغار من اخوك مدحت .. ابتسم ابتسامة مفتعلة ثقيلة على شفاهى وانا اخبرها قريبا باذن الله .. يتفحصنى مدحت بعينه ويقول .. هيه .. ياترى لاقيت بنت الحلال؟ .. تسرع زوجته قائلة بنت الحلال معروفه .. الله يبخت لكِ يا علا .. انتفضت وانا جالس صامت ولاحظ الشقيق ان هناك سحابة صيف قادمة فقال لها .. اتركيه يقرر شأنه.. اننا جميعا اخوته .. انا وعلا ودينا .. مش كده برضه .. اشير برأسى دليلا على الموافقة فيتبادلا النظرات فيما بينهما وتأكد لهما اننى غير راغب فى الاقتران بعلا.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech