أبطال في ذاكرة الوطن
اللواء شفيق مترى سيدراك
بطل يونيو وأكتوبر
بقلم محمد خلف الله
دار المعارف
نقلها للمجموعة 73 مؤرخين – الحسين هيكل
بطل من شبراخيت
العميد شفيق مترى سيدراك أحد الأبطال في ذاكرة الوطن ينتمي الى أسرة جذورها الى قرية المطيعة بمحافظة أسيوط حيث ولد والده مدرس الانجليزية مترى سيدراك وعاش فيها حتى انتقل الى القاهرة ليستكمل تعليمه وتخرج ليعمل مدرسا ثم انتقل للعمل بمحافظة البحيرة غرب الدلتا ليستقر في عزبة (أبو حنا) بمركز شبراخيت ويلتقي بالانسانة التي أصبحت شريكة حياته وتتكون أسرة مصرية جذورها في الصعيد وتعيش في شبراخيت ولا يزال بعض أبنائها يعيش هناك.
ارتبطت حياة الطفل شفيق مترى سيدراك منذ مولده في محافظة البحيرة بحكايات وطنه فقد ولد عام 1927 في نفس العام الذي توفي فيه سعد زغلول باشا بعد نجاح ثورة 1919 التي تفجرت بسبب القبض عليه مع رفاقه والتي تحولت الى ثورة شعبية شملت جميع أنحاء مصر واضطرت بعدها بريطانيا للافراج عنهم وبعدها اصدار تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترفت فيه لأول مرة باستقلال مصر مع بعض التحفظات وكان هذا التصريح خطوة للاستقلال .
ويستمع الطفل شفيق من أسرته الى حكايات معركة شبراخيت ضد الحملة الفرنسية وقادها نابليون بونابرت عام 1798 ومعركة رشيد ضد الحملة البريطانية وقائدها فريزر عام 1807 وحكاية حجر رشيد الذي كشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة التي تمتد الى 7 آلاف سنة ومكتشفه شامبليون وكلها حكايات أثرت في وجدانه ..وأسهمت في تشكيل هويته الوطنية المصرية.
من الثانوية للكلية
عاش الطفل شفيق مترى سيدراك حياته وسط أسرته التي وفرت له ولاخوته وأخواته فرصة التعليم بمراحله المختلفة وينهي الشاب شفيق مترى سيدراك دراسته الثانوية ويقرر أن يلتحق بكلية التجارة جامعة فؤاد الأول بالقاهرة بينما تستمر مصر في الكفاح ضد الاحتلال البريطاني وأمضي الطالب الجامعي شفيق عامين دراسيين في كلية التجارة وكان الطلبة يتجهون للتدريب العسكري وكان بعضهم يترك الدراسة الجامعية للالتحاق بالكلية الحربية وكان منهم الطالب شفيق مترى سيدراك حيث شهدت فترة الأربعينات من القرن الماضي الاقبال على الالتحاق بالكلية الحربية بدوافع وطنية..
الضابط شفيق
استجابة لمشاعره الوطنية مثل غيره من طلبة الجامعات المصرية يترك الطالب شفيق متري سيدراك كليته ليلتحق بالكلية الحربية ويعاصر خلال دراسته بالحربية الأحداث الوطنية والعربية ومحاولات اليهود الصهاينة اغتصاب فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني.
وكانت مصر تتابع مايحدث على الحدود المصرية الفلسطينية حتى صدور قرار التقسيم في نوفمبر1947 وقبل أقل من عام وفي يوم 15 مايو1948 تعلن بريطانيا انهاء الانتداب والانسحاب من فلسطين وفي نفس اليوم يعلن اليهود الصهاينة قيام دولة اسرائيل على الأراضي التي اغتصبوها من الفلسطينيين وتعترف أمريكا باسرائيل وبعدها الاتحاد السوفيتي- روسيا والدول المجاورة الآن.
وتعلن الدول العربية الحرب على اسرائيل وتخوض مصر حرب فلسطين في 15 مايو 1948 وهو نفس العام الذي يتخرج فيه الضابط شفيق مترى سيدراك في الكلية الحربية برتبة ملازم ويعمل بسلاح المشاة في الجيش المصري وترفض الدول العربية الاعتراف باسرائيل وتخوض حرب فلسطين في نفس اليوم 15 مايو1948 م
وتنتهي حرب فلسطين ولا يتبقي من الوطن الفلسطيني الا قطاع غزة الذي أنقذته القوات المصرية والضفة الغربية لنهر الأردن وفيها القدس التي سميت فيما بعد بالقدس الشرقية بعد أن استولت اسرائيل على غرب القدس والتي تعرف بالقدس الغربية
وكانت القدس الشرقية تحت الادارة الأردنية ثم ضمتها امارة شرق الأردن بعد ذلك عندما أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية بينما بقيت الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة تحت الادارة المصرية ودخلتها القوات المصرية لحمايتها من الدولة الاسرائيلية.
وكانت أخطر نتائج حرب فلسطين هو قيام دولة اسرائيل على الحدود مع مصر من جنوب قطاع غزة وحتى طابا المصرية والحدود البحرية مع اسرائيل عند منطقة طابا المجاورة لميناء أم الرشاش الذي استولت عليه اسرائيل بعد الحرب وأسمته ميناء (ايلات) الاسرائيلي.
وكان الضابط شفيق مترى سيدراك يتابع هذه الأحداث كضابط مصري خاصة بعد أن أصبحت سيناء على الحدود مع اسرائيل وتحولت الى منطقة عسكرية لا يدخل اليها أو يخرج منها المصريون الا بتصريح عسكري وظلت سيناء المعبر المصري لأبناء قطاع غزة الذين طبقت عليهم نفس قواعد الدخول والخروج من والى غزة.
شفيق وسيناء
عاش الضابط شفيق مترى سيدراك حياته العسكرية في الجيش المصري بعد حرب فلسطين وقيام ثورة 1952 وعاصر محاولات اقامة جيش مصري قوي بتطويره وتسليحه ولكن الدول الغربية ماطلت في تزويد مصر بالسلاح فعقدت مصر صفقة الأسلحة التشيكية للحصول على السلاح الروسي بعد تكرار الاعتداءات الاسرائيلية على الحدود المصرية.
وفي عام 1954 وقعت مصر اتفاقية الجلاء مع بريطانيا وتم اجلاءآخر جندي بريطاني عن مصر في 18 يونيو1956.
واتجهت مصر لبناءالسد العالي ورفض الغرب تمويل المشروع وعاش الضابط شفيق مترى سيدراك المفاجأة التي فجرها الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 وتهديدات الدول الغربية بالحرب حتى تتراجع مصر عن تأميم القناة...
ورصدت مصر التحركات العسكرية البريطانية الفرنسية وتوقعت مصر أن الدولتين تستعدان للحرب ولكن المفاجأة جاءت من الشرق عندما أعلنت اسرائيل أنها تتقدم بقواتها الى داخل سيناء فقامت مصر بدفع قواتها الى سيناء لقتال القوات الاسرائيلية.
وعاصر الضابط شفيق مترى سيدراك تحرك القوات المصرية الى سيناء يوم 29 أكتوبر 1956 لقتال القوات الاسرائيلية ومنعها من التوغل في سيناء وحاربتها لوقف تقدمها وجاءت المفاجأة الثانية وهى الانذار البريطاني الفرنسي لمصر واسرائيل بالتوقف عن القتال والابتعاد عن جانبي القناة لمسافة 10 كيلومترات وصدر قرار مصر بسحب القوات المصرية من سيناء والتمركز غرب القناة للدفاع عنها واستعدت مصر لمواجهة العدوان البريطاني الفرنسي.
وتعرضت اسرائيل لحرب العدوان الثلاثي مساء يوم 31 أكتوبر 1956 وصدت القوات البريطانية والفرنسية التي استخدمت جميع أنواع وسائل الهجوم البحري والجوي والاسقاط المظلي لاحتلال المدينة الباسلة تمهيدا لاحتلال منطقة القناة والاستيلاء على قناة السويس وأدى الضابط شفيق متري سيدراك دوره طبقا لموقعه وكان يتابع الحرب التي خاضتها قوات الجيش المصري والشرطة والمقاومة الشعبية.
وفشل العدوان الثلاثي على مصر برحيل القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد في 23 ديسمبر1956 ورحيل القوات الاسرائيلية من سيناء في مارس 1957 ولكن بعد أن حصلت اسرائيل على حق المرور في خليج العقبة وتم وضع القوات الدولية بين مصر واسرائيل.
قتال متواصل
جاء الانتصار السياسي في الحرب عام 1956 ليعلن للعالم حق مصر في ادارة مرافقها ومنها قناة السويس بعيدا عن السيطرة الأجنبية لتبدأ مصر مرحلة جديدة حافلة بالانجازات .
وعاصر الضابط المصري شفيق مترى سيدراك العديد من الاجازات أهمها بناء السد العالي والوحدة المصرية السورية والتي لم تدم طويلا.
ثم عمل بالكلية الحربية قبل أن يشارك في حرب اليمن عندما قررت مصر دعم الثورة اليمنية بينما كانت اسرائيل تستعد للحرب مع مصر أثناء انشغالها في اليمن.
وزادت رغبة اسرائيل في ضرب مصر بعد اتجاه مصر الى دعم اقتصادها وتنمية قدراتها العسكرية مما دفع اسرائيل لمطالبة أمريكا وبريطانيا بدعمها عسكريا لمحاربة مصر تحقيقا لأهدافهما في ضرب مصر ولحمايتها من مصر والقضاء على زعامة مصر العربية.
وبعد انشغال مصر في حرب اليمن بدأت اسرائيل في الاعداد النهائي للحرب ضد مصر باعتبارها الخطر الأكبر على وجودها وعاصر العقيد شفيق مترى سيدراك التقارب الاسرائيلي مع أمريكا وبريطانيا بهدف اقناعهما بالاسراع في تقديم الدعم المطلوب لضرب مصر
فقدمت أمريكا لاسرائيل السلاح والعتاد وقدمت بريطانيا المعلومات العسكرية عن مصر ثم بدأت اسرائيل في افتعال التهديدات العسكرية لسوريا ولكن مصر كانت متيقظة لهذه المحاولات ورغم المعركة الجوية ضد سوريا أواخر عام 1966 لم تستطع اسرائيل استفزاز مصر لانشغالها في حرب اليمن.
ونجحت اسرائيل في استفزاز مصر قبل منتصف العام التالي في منتصف مايو1967م بعد أن حركت اسرائيل قواتها أمام الحدود السورية ثم سحبتها ولكن سوريا أعلنت أن اسرائيل تحشد قواتها على حدودها وأكد الاتحاد السوفييتي مارددته سوريا وتحت ضغط الحرب السياسية قامت مصر بحشد قواتها في سيناء
وتحرك العقيد شفيق مترى سيدراك قائد كتيبة المشاة الى سيناء مع كتيبته طبقا للتعليمات ضمن القوات المصرية التي دخلت سيناء بينما كانت القيادة السياسية تتعرض لضغوط متعددة دفعتها الى اعلان اغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الاسرائيلية وطلبت سحب قوات الطوارئ الدولية على الحدود المصرية الاسرائيلية.
واشتعلت المنطقة بتهديدات الحرب وتدخلت أمريكا وروسيا لتهدئة الموقف وأقنعتا مصر بضبط النفس وعدم البدء بالضرية الأولى لتقوم بعدها اسرائيل بالضربة الأولى ضد مصر وكانت الضربة القاضية صباح يوم 5 يونيو1967 عندما قام الطيران الاسرائيلي بضرب المطارات والقواعد الجوية المصرية لتنتهي الحرب قبل أن تبدأ...ويصدر قرار مصر بالانسحاب من سيناء لتنسحب القوات المصرية في ظروف صعبة.
ورغم الظروف القاسية التي عاشتها القوات المصرية في سيناء بعد الضربة الجوية الاسرائيلية وبعد قرار الانسحاب فقد قامت بعض الوحدات المصرية الألوية والكتائب ببطولات شهد بها العدو قبل الصديق ومن بينها بطولة كتيبة المشاة التي يقودها العقيد شفيق مترى سيدراك في يونيو1967 والشجاعة التي أبداها قائد الكتيبة في مواجهة القوات الاسرائيلية حيث صمد بكتيبته في مواجهة القوات المعادية وأوقع فيها خسائر جسيمة ولم تتمكن هذه القوات من التقدم أو الالتفاف حول موقع الكتيبة على مدار 36 ساعة قتالا متواصلا حتى أمكن انسحابها.
وعاد العميد شفيق مترى سيدراك بكتيبته المشاة الى الضفة الغربية للقناة والى مكان تمركزه طبقا للتعليمات ليبدأ مرحلة جيدة من العمل العسكري بعد اعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة للاستعداد لمعركة مصيرية يتم فيها قتال القوات الاسرائيلية وطردهم من سيناء وتحرير الأرض المصرية التي فقدتها مصر في حرب يونيو1967 ولتبدأ مراحل التدريب المتواصلة لتحقيق النصر.
تدريبات..ليل نهار
أعادت القوات المسلحة تنظيم صفوفها وبناء وتنظيم القوات والوحدات ونظم التسليح والتدريب وأتاح التنظيم الجديد المناخ للاستفادة من العلوم العسكرية الحديثة وتطبيقاتها في الخطط التدريبية للقوات المسلحة.
ويبدأ العميد شفيق مترى سيدراك مرحلة جديدة من التدريب مع وحداته مستفيدا من دراساته العسكرية فقد كان من الضباط الذين حصلو على دورة أركان حرب وهو برتبة (صاغ)رائد وكان من أوائل الضباط الذين حصلو على الدورة الدراسية بأكادمية ناصر العسكرية العليا وتدرج في المناصب القيادية حتى عين قائدا للواء المشاة الميكانيكي اللواء الأوسط في الفرقة المشاة المكلفة بتحرير القطاع الأوسط من الجبهة بالجيش الثاني الميداني في حرب التحرير المنتظرة.
وبدأت القوات المسلحة في القيام ببعض العمليات ضد القوات الاسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة وكان العميد شفيق مترى سيدراك مع وحدته يواصل التدريبات القتالية في اطار الخطة التدريبية للقوات المسلحة بينما كانت تقوم بعمليات الدفاع الوقائي ضد القوات الاسرائيلية عقب وقف اطلاق النار في 9 يونيو 1967 ثم تطورت العمليات الى الدفاع النشط في 8 مارس 1968 حتى اندلاع حرب الاستنزاف في 8 مارس 1969 والتي استشهد في ثاني أيامها الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وشارك العميد شفيق مترى سيدراك مع وحداته في حرب الاستنزاف وعبر مع رجاله الى سيناء في بورسعيد والدفرسوار وجنوب البلاح والفردان في نطاق الجيش الثاني الميداني وكانت هذه الحرب تدريبا عمليا على العبور مع رجاله في اللواء المشاة الميكانيكي الأوسط وعلى العمليات المتوقعة ضد القوات الاسرائيلية في الحرب المنتظرة.
واستمرت القوات المصرية في تدريباتها ليل نهار حتى تكون جاهزة للعمليات المنتظرة والمتوقع أن تستمر ليلا ونهارا وكان العميد شفيق مترى سيدراك يواصل تدريب اللواء المشاة الميكانيكي الذي يقوده وتطورت خطط التدريب مع كل تغيير تقوم به القوات الاسرائيلية على مواقعها والتي كانت تحت أعين القوات المصرية.
وكانت الخطط التدريبية تتميز بالمرونة والسرعة مع تعلية الساتر الترابي الغربي ليكون أعلى من الساتر الترابي للقوات الاسرائيلية حتى تتمكن قواتنا من رصد مايدور على الضفة الشرقية والتعامل مع النقط الحصينة وخط بارليف الذي تم تدميره في حرب الاستنزاف.
البروفة النهائية
تطورت خطط التدريب على العمليات القتالية للقوات المسلحة المصرية بعد وقف القتال عقب استجابة مصر لمبادرة روجرز الأمريكية في 8 أغسطس 1970 والتي استهدفت وقف اطلاق النار لصالح اسرائيل وبهذا انتهت حرب الاستنزاف التي استمرت 500 يوم نحو عام و4 شهور ونصف الشهر واستفادت مصر من وقف اطلاق النار في الاعداد النهائي لحرب التحرير.
وكان العميد شفيق مترى سيدراك يواصل تدريب اللواء المشاة الميكانيكي الذي سيخوض معه الحرب بينما استغلت اسرائيل وقف القتال في تدعيم مواقعها على الضفة الشرقية للقناة واعادة انشاء خط بارليف والنقط الحصينة لحماية مواقعها وقواتها وليكون درعا لها ضد عبور القوات المصرية أو وصولها للأرض المقدسة في سيناء.
واستمرت تدريبات القوات المسلحة بعد اتخاذ قرار الحرب عقب تعيين اللواء أركان حرب أحمد اسماعيل علي وزيرا للحربية-الدفاع الآن-وقائدا عاما للقوات المسلحة وهو القرار الذي اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات وأبلغه للقيادة العسكرية ليبدأ الاعداد النهائي للقوات المسلحة لتخوض حرب التحرير المنتظرة في أسرع وقت ممكن لاستعادة سيناء.
وطبقا للخطط التدريبية للفرقة المشاة المكلفة بتحرير القطاع الأوسط للجبهة كان العميد شفيق مترى سيدراك ينفذ مع اللواء المشاة الميكانيكي الذي يقوده الخطة التدريبية لعمليات اللواء بالقطاع الأوسط للفرقة المواجهة لمحافظة الاسماعيلية وتحرير الضفة الشرقية للقناة من منتصف بحيرة التمساح شمالا وحتى منتصف البحيرات المرة الكبرى جنوبا بالتعاون مع الفرقة المشاة اليمين المواجهة لشمال الاسماعيلية و على ضوء آخر تحركات للقوات الاسرائيلية يتم رصدها في أى لحظة.
وكان العميد شفيق مترى سيدراك يؤكد في تدريب قواته على الالتزام بالتوقيتات المحددة ابتداء من لحظة الصفر وبدء الحرب والعبور والاقتحام وحتى الاستيلاء على الضفة الشرقية للقناة.
وبدأ الاعداد النهائي للحرب مع بداية أكتوبر 1973 من خلال مناورة الخريف التي كانت تنفذها القوات المسلحة منذ منتصف ستمبر 1973 وكانت بمثابة البروفة النهائية للحرب حتى وصلت تعليمات بدء الحرب وساعة الصفر مساء يوم 5 أكتوبر1973 لقادة الجبهة وابلاغ قادة الكتائب والسرايا صباح يوم 6أكتوبر وللجنود عند ظهر السادس من أكتوبر قبل الحرب بساعتين لتبدأ لحظة الصفر في الثانية ظهر السادس من أكتوبر بضربة الطيران الظافرة التي فتحت باب النصر لمصر.
معارك العبور
بدأت قوات الفرقة المشاة تنفيذ مهامها بعبور القناة في القطاع الأوسط للجبهة بعد الضربة الجوية ومع بدء ضربة المدفعية عبرت قوات المشاة وأطقم اقتناص الدبابات القناة الى الشرق على امتداد 40 كليومترا ليتدفق الآلاف من المشاة الى سيناء بالقوارب وعبرت الناقلات البرمائية من بحيرة التمساح وتم العبور في الخامسة مساءا.
ثم عبر العميد شفيق مترى سيدراك واللواء الأوسط بالفرقة المشاة اللواء المشاة الميكانيكي في التاسعة مساءا على كباري العبور الثقيلة وبمجرد عبوره بدأ مهمته في القطاع الأوسط للفرقةو التي اكتملت واحتلت الشاطئ الشرقي للقناة واتخذ كل لواءمن الفرقة موقعه وتمكنت بسرعة من عمل رأس كوبري الفرقة.
وبعد عبور الفرقة بدأت تنفيذ مهمتها في الاتجاه شرقا الى الطريق المؤدي الى منطقتي العوجة والقسيمة واحتلال مواقعها استعدادا لمواجهة القوات الاسرائيلية القادمة من العمق بقيادة ايرئيل شارون بعد استدعائه من بئر سبع على مسافة 220 كيلومترا من الطاسة شرق القناة والدفاع عن نطاق الفرقة المشاة من منتصف بحيرة التمساح شمالا وحتى منتصف البحيرات المرة الكبرى جنوبا.
وقام العميد شفيق مترى سيدراك بقيادة اللواء المشاة الميكانيكي بالفرقة بالتعاون مع الفرقة المشاة المجاورة اليمين المواجهة لشمال الاسماعيلية لتكوين رأس كوبري الجيش الثاني الميداني والدفاع عنه ضد القوات الاسرائيلية والاستيلاء على النقطتين الحصينتين بالدفرسوار وتل سلام على البحيرات المرة ومركز قيادة القوات الاسرائيلية بمنطقة الطالية.
وقامت الفرقة المشاة بتحرير القطاع الأوسط من الجبهة وقام العميد شفيق مترى سيدراك بقيادة اللواء الأوسط بالفرقة لتحرير المنطقة المواجهة للجفاجفة والمليز في الشرق وتعاون مع ألوية المشاة بالفرقة واحتلال المواقع المحددة لكل منها لعمل رأس كوبري الفرقة والتمسك به والدفاع عنه وصد الهجمات المضادة الاسرائيلية القادمة من العمق والحفاظ على الاتصال برأس كوبري الفرقة المشاة المجاورة اليمين وبدأت القوات الاسرائيلية الهجوم على القوات المصرية التي تمسكت بالأرض ودافعت عنها مع غياب الطيران الاسرائيلي الذي لم يبدأ في الظهور الى بعد وصول المدرعات المصرية.
استهدفت القوات الاسرائيلية ضرب القوات المصرية التي نجحت في عمل رؤوس كباري الفرقة المشاة وقاد العميد شفيق مترى سيدراك اللواء الأوسط المشاة الميكانيكي للدفاع عن رأس كوبري الفرقة والقطاع الأوسط من الفرقة ضد الهجمات الاسرائيلية المضادة والمركزة التي تضرب رأس كوبري الفرقة بالطيران والمدفيعية الطويلة المدى ولمنع الفرقة المشاة من عمل رأس كوبري الجيش بالتعاون مع الفرقة المشاة المجاورة اليمين واختراق مواقع الفرقة للوصول الى القناة بالقضاء على رأس كوبري الفرقة المشاة..
اليوم ..الرابع
واصل المقاتلون المصريون عملياتهم لتحرير شرق القناة وتدعيم مواقعهم رغم النيران الاسرائيلية التي تضرب القوات المصرية التي تمسكت بمواقعها وحاصرات النقط الحصينة بخط بارليف تحت ستر قوات الدفاع الجوى التي قلصت قدرة الطيران الاسرائيلي على التدخل في المعركة ورغم النيران الاسرائيلية استمر حصار النقط الاسرائيلية لاقتحامها والاستيلاء عليها وأسر الجنود الاسرائيلين وقطع الامدادات عنها واستمرت الهجمات المضادة الاسرائيلية وتم تدمير أول هجوم اسرائيلي في العاشرة مساء اليوم الأول للمعركة يوم 6 أكتوبر1973.
وفي صباح اليوم الثاني للمعركة 7 أكتوبر1973 كان العميد شفيق مترى سيدراك يقود اللواء الأوسط للفرقة المشاة لصد هجوم القوات الاسرائيلية على الفرقة في الثامنة صباحا وركزت هجومها على الجانب الأيمن للفرقة التي واجهت 50 دبابة ووحدة مشاة ميكانيكية وتم تدمير 20 دبابة اسرائيلية فاستعانت بالطيران لمهاجمة القوات المصرية وتصدت له الصواريخ المصرية وفشل الهجوم الجوي الاسرائيلي ولم يصب الا كوبري واحد.
وعادت القوات الاسرائيلية للهجوم بنحو 50 دبابة أخرى وتم تدمير 15 دبابة منها وفشل الهجوم الاسرائيلي الثاني وتقدمت القوات المصرية للاستيلاء على تبة الطالية والتباب المحيطة بها أبوطربوش والخيل وأبووقفة وبيرحيطة للسيطرة على المنطقة.
واستمرت الهجمات المضادة الاسرائيلية على الفرقة المشاة صباح اليوم الثالث للحرب 8 أكتوبر1973 وبدأت هجومها بنحو 50 دبابة على الجانب الأيمن للفرقة في الثامنة صباحا وشارك العميد شفيق مترى سيدراك واللواء المشاة الميكانيكي اللواء الأوسط للفرقة في صد الهجوم الاسرائيلي الذي فشل..أيضا.
واستمر تقدم القوات المصرية للاستيلاء على تبة (الطالية) شرق القناة وماحولها ونجحت الفرقة المشاة في تكوين رأس كوبري الجيش الثاني بالتعاون مع الفرقة المشاة اليسار ( الفرقه الثانية مشاة ) والمواجهة لشمال الاسماعيلية وعاودت القوات الاسرائيلية الهجوم في الرابعة مساءا على اللواء اليمين للفرقة ليمنع الالتحام مع الفرقة المشاة اليمين ليمكنها اختراق رأس كوبري الجيش الثاني الميداني واستخدم الهجوم الاسرائيلي 150 دبابة للهجوم على اللواء المشاة اليسار للفرقة اليمين المجاورة وتم تدمير الهجوم الاسرائيلي.
ونجح اللواء المشاة المكلف بمهاجمة نقطتي الدفرسوار في الاستيلاء عليهما وتم أسر 37 أسيرا اسرائيليا ضباطا وجنودا بالنقطتين وتم ترحيلهما الى الخلف غرب القناة ومنها للقاهرة.
واستعد العميد شفيق مترى سيدراك وقائد اللواء الأوسط المشاة الميكانيكي بالفرقة المشاة لمواجهة الهجوم الاسرائيلي الذي رصدته القوات المصرية حيث حشدت القوات الاسرائيلية اللواء المدرع رقم 600 للهجوم الذي بدأ بنحو 150 دبابة على مواجهة الفرقة المشاة من منتصف بحيرة التمساح شمالا وحتى منتصف البحيرات المرة الكبرى جنوبا وبدأ الهجوم في التاسعة والنصف صباح اليوم الرابع للمعركة 9 أكتوبر 1973 للوصول الى القناة ومحاولة اختراق الدفاعات المصرية.
تقدمت القوات الاسرائيلية بأقصى سرعة لتخترق الدفاعات المصرية في منتصف تشكيل الفرقة المشاة بقوة اللواء المدرع الاسرائيلي (600) لتدور احدى معارك الدبابات الكبرى في حرب أكتوبر 1973 وتصد الفرقة المشاة الهجوم الاسرائيلي وتستخدم الاحتياطي المدرع وقناصة الدبابات الذين دمرت مجموعة منهم 24 دبابة ويتم تدمير الهجوم الاسرائيلي ثم ترتد للهجوم بقوة أكبر لاخلاء الجرحى والقتلي الاسرائيلين ويفشل الهجوم الاسرائيلي.
ويستمر العميد شفيق مترى سيدراك واللواء الأوسط اللواء المشاة الميكانيكي في صد الهجمات الاسرائيلية ويصدر العميد شفيق أوامره الى قائد الكتيبة اليمين لتطوير الهجوم شرقا لتتمشى أوضاعه مع الخط العام للفرقة المشاة في منطقة كثيب أبوطربوش والتمسك بالمنطقة للسيطرة على التباب المحيطة بتبة الطالية والتي تم الاستيلاء عليها واستمرت المعركة ضد الهجوم الاسرائيلي .
وأثناء تحرك العميد شفيق مترى سيدراك للأمام تعرض للهجوم وكان يواجه خطر الموت مع ضباطه وجنوده في الخط الأمامي وكان في عربته المدرعة عربة القيادة المتحركة.
وبينما كان يتقدم للأمام أصابت عربته قذيفة مباشرة من اتجاه النقطة الاسرائيلية الحصينة(118)وهو بين جنوده ومع رجاله’ داخل السيارة التي دمرتها القذيفة الاسرائيلية’ لينضم الى قائمة الأبطال في ذاكرة الوطن بعد أن قدم روحه فداء للوطن.
نجمة سيناء
ويتم تكريم البطل بترقيته الى رتبة اللواء وكانت بطولته وشجاعته معروفة في حرب يونيو1967 كما تم منحه وسام (نجمة سيناء) وكان اسمه الثاني بعد اسم الشهيد العميد أحمد حمدي الذي استشهد في نفس اليوم.