سالنى بعض الأصدقاء .. اننا نعرف انك حاربت فى 1967 فى معركة جبل لبنى و حاربت فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر و خدمت حوالى 43 سنة فى القوات المسلحة و جرحت ثلاثة مرات .....ما هو أصعب موقف قابلتة فى حياتك ؟؟؟؟؟

فعلا هناك موقف لا انساة ابدا وكان أصعب موقف فى حياتى على الاطلاق وكان ظهر يوم الاربعاء 7 يونيو 1967 ....

كنت ملازم متخرج من حوالى سنة من الكلية الحربية اقود فصيلة مشاة جنوب جبل لبنى على الطريق الأوسط بسيناء ضمن سرية مشاة .. وكنت مصابا بطلقة رشاش إسرائيلي اخترقت فخذى الأيسر خلال قيامى يوم 6 يونيو بداورية استطلاع مقاتلة فى اتجاة ابو عجيلة والكوبرى المنسوف. ... وضمدها لى العريف الطبى للفصيلة برباط ميدانى ....

وكانت فصيلتى تقاتل العدو من اول ضوء يوم 7 يونيو وكان لواء مدرع اسرائيلى ....و كنت لا اسمع تقريبا باذنى اليسرى نتيجة للانفجارات ...

كانت سريتنا المشاة بقيادة النقيب صلاح محمد حسين تحتل ثلاثة فصائل على خط واحد لمنع العدو من الاختراق لكل فصيلة شكل للدفاع غير الثانية ....كانت فى الجنوب فصيلة دفعتى الملازم سامى البتانونى تحتل دفاعاتها على شكل خندق واحد متصل ... ثم فصيلتى وتحتل نقطة قوية على تبة حاكمة تشبة القمع فى المنتصف ... وفى اليسار فصيلة الملازم رستم وكان الدفعة التى تسبقنا 48 يدافع عن غرد رملى بخنادق مزدوجة غير متصلة ....

وبعد هجوم اللواء المدرع الإسرائيلى علينا وطبعا لا وجة للمقارنة بين سرية مشاة حوالى 150 جندى وضابط بالدعم بأسلحة صغيرة و بين لواء مدرع من 111 دبابة و 47 عربة مدرعة ومئات الجنود وعشرات المدفعيات و التفوق الجوى الرهيب. ..

اخترقنا العدو رغم بسالتنا وحدوث خسائر كبيرة خاصة فصيلة سامى البتانونى ...

نظرت بنظارة الميدان فوجدت الملازم سامى ومعة حوالى حوالى 3 جنود يتوجهون نحوى للانضمام إلى فصيلتى ... نظرت إلى فصيلة الملازم رستم لم أجد احد ... نظرت إلى مكان قيادة الكتيبة والى الشؤن الإدارية لم أجد اى أثر لحياة .....

وكنت أقدم من سامى البتانونى رغم اننا دفعة واحدة فكان على تولى القيادة. ...

حاولت باستخدام اللاسلكى اتصل بقيادة السرية او الكتيبة او اللواء لم يرد على أحد ... حاولت الاتصال بالتليفون الميدانى وكانت الخطوط الارضية الميدانية مقطوعة نتيجة للانفجارات ومرور دبابات العدو عليها .....

كان على اتخاذ القرارات ... اولا بدأت فى تجميع الجرحى إلى مكان أعلى التبة و محاولة تضميد جراحهم بالاربطة الطبية الميدانية ...

ثانيا .. امرت بملىء جميع الزمازم بالمياة و خزن السلاح بالرصاص. ... ثم نزلت من مكانى ومعى العريف فيروز شاة احمد لتفتيش عدة عربات كانت تتبع قيادة اللواء تركها خلال الانسحاب لتضررها من القصف بالطيران والمدفعية وقررت تدميرها حرقا حتى لا تقع فى يد العدو ..

جلست أفكر واقدر الموقف ماذا افعل هل ابقى فى مكانى وهناك احتمال ضعيف ان تقوم قواتنا بهجوم مضاد ..... او ارتد ومعى كل القوة و الجرحى القادرين على التحرك بمساعدة ونتجة إلى جبل لبنى عسى ان نجد احد القادة الأقدم يتولوا المسؤلية عنى ولا تنسوا ان عمرى كان حوالى 21/22 سنة ..

ولكن الانسحاب بدون اوامر من القيادة الاعلى فية خطر رهيب لاحتمال مطاردتنا بواسطة العدو المتحرك على الطريق الأوسط فى اتجاة الغرب والاحتمال الاقسى هو تعرضى للمحاكمة العسكرية التى تصل عقوبتها إلى الاعدام فى وقت الحرب و السمعة السيئة بالجبن و الفرار امام العدو وهى صفات الموت ارحم من ان تلتصق بأحد الضباط ....

كان على ان اتخذ أصعب قرار فى حياتى كلها ... و فى النهاية قررت الاتى ...

الانتظار فى موقعى عدة ساعات حتى قبل اخر ضوء بساعتين عسى ان تنفذ القوات المسلحة هجوما مضادا ... ثم تدمير جميع الأسلحة الثقيلة التى تعوق تحركنا مثل المدافع عديمة الارتداد والرشاشات المتوسط. . والانسحاب شمالا إلى جبل لبنى ...وكان القرار الأخطر هو دفن الشهداء و تجميع المصابين بإصابات مميتة فى مكان أعلى التبة وان نضع بجوارها بيرق ابيض علية هلال احمر عسى ان يكتشفها العدو وينقذهم ...

وهذا ما فعلتة ونفذتة ورغم مرور حوالى٥٧ سنة على ذلك القرار الا اننى حتى اليوم لا أنسى نظرات جنودى المحتضرين وانا اودعهم. .. ونظرات جنودى عندما أخبرتهم بقرارى الانسحاب إلى جبل لبنى ...

والحمد للة فبعد وصولنا إلى جبل لبنى وجدت ضابط إشارة الكتيبة النقيب احمد ممدوح طة تولى هو القيادة

رابط صفحة البطل للتواصل معة 

https://www.facebook.com/abdelhamed.sharara.9