Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

أسرار هزيمة يونيو علي الجبهة السورية

 

 

 

مقدمة من المجموعة 73 مؤرخين :

الموضوع التالي من مصدر رسمي سوري علي أحد المواقع الرسمية علي الانترنت ، فبعض الاحداث مازالت غامضة حتي بعد نصف قرن من هزيمة يونيو ، ونظرا لعدم وجود مصدر سوري مكتوب كمرجع رسمي لتلك الفترة ، فأن ما ننشرة في هذا الموضوع الشيق هو تقريبا المصدر الوحيد لما حدث علي الجبهة السورية خلال حرب يونيو 1967 ، وقد قمنا من جانبنا بأضافة الصور والخرائط المناسبة لتدعيم الموضوع .

التصعيد المتدرج للأزمة

نجح المد الثوري العربي في مطلع الستينات بتحقيق عدة انتصارات: ثورة الجزائر في تموز 1962، وثورة اليمن في أيلول 1962، ومن ثم ثورة البعث في العراق في شباط 1963، وثورة البعث في سورية في آذار 1963، توقيع الوحدة الاتحادية بين مصر وسورية والعراق عام1963، وقدر المفكرون السياسيون الثوريون العرب أن الفرصة التاريخية قد أتت لإقامة وحدة عربية من خلال المعركة تؤدي إلى إسقاط الكيان الصهيوني العنصري في فلسطين وإقامة كيان فلسطيني علماني لا تمييز فيه بين مسلم ومسيحي ويهودي. سيما وأن إسرائيل كانت تمر آنذاك بأوضاع داخلية صعبة، حيث كثرت إضرابات العمال في جميع القطاعات، وارتفع معدل اليهود النازحين من إسرائيل إلى الخارج، وانخفضت نسبة اليهود المهاجرين إلى إسرائيل، وتضاعفت نسبة البطالة، وبرز الانقسام السياسي في صفوف الحزب العمالي الحاكم بين جماعة "بن غوريون" وجماعة "أشكول"، كما كانت حالة دول الاستعمار الغربي آنذاك لا تسمح أيضاً بتقديم الدعم المباشر لإسرائيل، فالولايات المتحدة الأمريكية غارقة في وحل الحرب الفيتنامية، وفرنسا أخذت اتجاهاً حيادياً وفق سياسة الجنرال "ديغول"، ولم يكن لبريطانية مصلحة بفتح جبهة مع العرب في وقت كانت تسعى فيه لإزالة أثار عدوانها في السويس، هذا بالإضافة إلى أن المفكرين السياسيين الثوريين العرب كانوا قد قدروا أيضاً أن التوازن الدولي يعمل لصالح العرب، فالصين ودول العالم الثالث ستقف إلى جانب الحق العربي، والاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية من المنتظر أن تقدم الدعم إلى الدول العربية التقدمية.ويبدو أن هذا التصور الاستراتيجي كان إلى حدّ كبير قاصراً، إذ بالغ المفكرون والساسة العرب إلى حد كبير في القدرات الذاتية العربية التي يمكن حشدها في ساحة المعركة، وقلّص هؤلاء إلى حد كبير من القدرات الذاتية التي يمكن لإسرائيل وضعها في الميدانلقد بدأ المسؤولون الإسرائيليون بالتحضير للحرب الشاملة السريعة والمفاجئة على أثر توقيع ميثاق الوحدة الثلاثية في 17 نيسان1963، وكتب الجنرال الإسرائيلي "شاموئيلغونين" «إن سلاح الجو الإسرائيلي بدأ يعد العدة ويقوم بالتدريب على توجيه الضربة الجوية المفاجئة منذ ذلك الوقت».كما أن القرارات العلنية التي صدرت عن مؤتمرات القمة العربية دفعت إسرائيل وجعلتها تستكمل خطط الحرب الشاملة، بما في ذلك خطة تصعيد التوتر وخطة الخداع الاستراتيجي، وتقوم بالتدريب عليها. وكانت قرارات القمة العربية قد تضمنت تحديد هدف الحرب بالانتصار على إسرائيل، وتحديد الهدف المرحلي بتحويل روافد نهر الأردن، وإنشاء قيادة عسكرية عامة موحدة لجميع الجيوش العربية مهمتها وضع خطة تفصيلية لتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني، والترحيب بقيام منظمة التحرير الفلسطينية ودعم العمل الفدائي، وإنشاء جيش التحرير الفلسطيني وتأمين متطلباته، وإنشاء هيئة فنية لاستغلال مياه نهر الأردن وروافده.وقد تناقلت الصحف الإسرائيلية آراء القادة الإسرائيليين وأعضاء الكنيست حول خطط إسرائيل في مواجهة قرارات القمة العربية وتمحورت معظم الآراء حول ضرورة تطبيق نظرية الأمن الإسرائيلية التي ثبت نجاحها في حرب عام 1956 والقاضية بسبق العرب في شن الحرب واحتلال أجزاء هامة من الأراضي العربية تسمح بتوسيع حدود هدنة عام 1949 وباستخدام تلك الأراضي ورقة سياسية في المفاوضات.وكمثال على ذلك ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية بتاريخ21/1/1964 عن عدد من المسؤولين الإسرائيليين منهم "موشي دايان"فقد قال : "إذا ما نفذ العرب تهديداتهم وشنوا حرباً ضد إسرائيل فلا يستبعد أن تتمخض تلك الحرب عن حدود جديدة، كي تكون مرضية أكثر من الحدود الحالية"، وقال: "آربيه بن اليعازر" نائب رئيس الكنيست من حزب حيروت: "إن السؤال الذي يجب أن يسأل، على ضوء تهديدات العدو التي نسمعها دوماً، هو فيما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي سيقبل العودة إلى الحدود الحالية إذا ما شن العرب الحرب ... فكثير من السياسيين في العالم يأخذون بالحسبان أن قسماً من سورية ومن مصر ومن العراق والأردن بكامله سيصبح يوماً ما في حدود أرض إسرائيل الكاملة... وأنا أقف إلى جانب الذين يعتقدون بوجوب خلق إمكانيات وظروف ليس فقط من أجل ضمان الحدود الحالية بل من أجل تحرير باقي أجزاء الوطن"، وقال "موشي كول"، عضو الكنيست من حزب "احدوتهعفودا": "أعتقد أن حدود الدولة القائمة الآن والتي نحافظ عليها ليست شيئاً مقدساً .... وإذا ما وجدت بين الدول العربية دولة أو أكثر تريد الحرب ضدنا، كما نسمع من التصريحات التي تعبر عن الرغبة في إبادتنا، عندها لن نسمح بخرق الحدود من طرف واحد فقط بل ستكون هناك صورة أخرى للحدود لصالحنا عندما تنتهي الحرب".وقد أجمع القادة الإسرائيليون أمثال ييجال ألون، وموشي دايانو"عيزر وايزمن" رئيس عمليات الجيش الإسرائيلي، و "دافيد اليعازر" قائد المنطقة الشمالية على أنه يجب الرد على التدابير العربية العملية بتحويل روافد نهر الأردن، وعلى الاشتباكات الحدودية، والغارات الفدائية داخل إسرائيل، بالتصعيد المتدرج للضربات، والذي يؤدي إما إلى وقف هذه العمليات أو الوصول بها إلى مستوى الحرب الشاملة.وكما ذكر سابقاً فإنه بعد أن باشرت سورية بحفر قناة لمشروع تحويل نهر بانياس قامت إسرائيل بتدمير العتاد الهندسي مستخدمة نيران المدفعية والدبابات والقصف بالطيران، وقد نفذ طيرانها ذلك بتاريخ 16 آذار 1965، و13 أيار 1965، 14 تموز1966، الأمر الذي أدى إلى تدمير آليات المشروع ووقف العمل به، دون أن تتمكن القيادة العامة الموحدة من تأمين قوة عربية رادعة تقوم بحماية المشروع والرد على الضربات الإسرائيلية.وكانت منظمة التحرير الفلسطينية بعد عقد مؤتمرها الأول في القدس في أيار 1964، وإقرار ميثاقها الوطني، قد باشرت عملياتها الفدائية عبر الحدود السورية والأردنية، وأعلنت عن أنها نفذت حوالي أربعين عملية في عام1964، و35 عملية في عام 1965، و41عملية في عام 1966، و37 عملية في الأشهر الخمسة الأولى من عام 1967. وفي الوقت الذي كانت فيه المملكة الأردنية الهاشمية تعلن عن رغبتها بضبط هذه العمليات، وبصورة خاصة بعد العملية الإسرائيلية على قرية السموع، كانت سورية تعلن عن أنها لن تقف حائلة بين الشعب الفلسطيني وحقه في تحرير أراضيه وإنها لن تعمل شرطياً لحماية خطوط الهدنة، وهذا ما جعل إسرائيل تركز الجهد الرئيسي لعملياتها على اتجاه سورية:

 

ففي أيار 1966 صرح "اسحاق رابين"رئيس الأركان الإسرائيلي لمراسلي الصحف "أنه على الرغم من أن الأردن قد استخدم كقاعدة للغارات من قبل منظمة فتح فإن سورية هي التي تدعم بشكل علني هؤلاء" (المغيرين)...... وأنا أقول إن كل دولة مسؤولة عن النشاطات التي تقوم بها فتح من أراضيها، ولكن ذلك لا يقلل من مسؤولية سورية مثقال ذرة ". وفي أيلول 1966 ذهب "رابين" بعيداً بتهديداته لسورية قائلاً "إن رد فعل إسرائيل ضد النشاطات السورية يجب أن يوجه ضد أولئك الذين ينفذون أعمال التخريب وكذلك ضد الحكام الذين يدعمون تلك الممارسات ... إن المشكلة مع سورية أساساً هي مع حكام سورية".وبعد أن ناقشت قيادتا سورية ومصر التحدي الإسرائيلي بإيقاف العمل بالمشروع العربي لتحويل روافد نهر الأردن والتهديد الإسرائيلي لسورية بالحرب الشاملة لإسقاط نظامها، قررت القيادتان توقيع معاهدة دفاع مشترك لردع إسرائيل عن القيام بمغامرة عدوانية كبيرة، ووقعتا هذه المعاهدة في السابع من تشرين الثاني عام 1966.ومع تصاعد الاشتباكات الحدودية بين إسرائيل وسورية، عرض "أوثانت" الأمين العام للأمم المتحدة مبادرته على الطرفين بوقف هذه الاشتباكات عن طريق إعادة العمل للجنة الهدنة المشتركة التي توقفت إسرائيل عن حضور اجتماعاتها منذ1960، ووافقت سورية وإسرائيل على مبادرة "أوثانت"، وعقدت اللجنة اجتماعا ًواحداً حضره الطرفان في 25 كانون الثاني 1967، وبعد ذلك رفضت إسرائيل حضور اجتماعات اللجنة وصعدت اشتباكاتها الحدودية. وفي 23 آذار 1967، صرح "موشي كول" وزير الموصلات وزعيم حزب "أحدوت هعفودا" قائلاً: « لربما آن الأوان لأن نعمل بقوة ضد سورية مهما كانت علاقاتها مع الاتحاد السوفييتي».وفي 7 نيسان 1967 وأثناء احتفالات سورية بذكرى ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي، قررت إسرائيل توجيه رسالة تحدي وتهديد واضحة لسورية فدفعت (كعادتها) بجرار زراعي ليتجاوز خط الهدنة شرق مستعمرة هاؤون، وردّ الموقع السوري المقابل بفتح النار عليه، واستخدمت إسرائيل هذا الحدث كذريعة لعدوان واسع قامت فيه الدبابات والمدفعية الإسرائيلية برمي المواقع السورية، كما قصف الطيران الإسرائيلي عدة أهداف سورية في الجولان. وعندما أقدم الطيران السوري على التصدي، عمد الطيران الإسرائيلي لتوسيع دائرة الاشتباكات حتى مدينة دمشق، وقد سقط لسورية في هذا العدوان ست طائرات وعدد من الشهداء والجرحى. وفي المقابل تلقت قوات العدو ومستعمراته الموجودة في منطقتي الحولة وطبريا ضربات قوية وجهتها المدفعية السورية من مرابضها.

وفي 29 نيسان 1967 توقف أنور السادات رئيس مجلس الشعب المصري آنذاك في موسكو في طريقه إلى كوريا الشمالية والتقى "كوسيجين" رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي الذي أعلمه بأن الوضع على الحدود السورية - الإسرائيلية في غاية التوتر وهناك حشود للقوات الإسرائيلية. وفي طريق العودة التقى السادات بـ "بودغورني" الذي أعلمه أن إسرائيل حشدت عشرة ألوية على الحدود السورية، وهي تخطط لشن هجوم بين 18ـ 22 أيار 1967. وعند وصول السادات إلى القاهرة وجد أن معلومات بهذا المعنى قد نقلها السوفييت إلى سورية وإلى مصر. ويشير "موشي دايان" في مذكراته إلى أن "بودغورني" أضاف للسادات بأن غاية إسرائيل غزو سورية وأن الاتحاد السوفييتي سيساعد سورية ومصر في حربهما مع إسرائيل، وأن مصر يجب أن تكون مستعدة لمثل هذا العمل ....

ويجب ألا تؤخذوا على حين غرة وأن الأيام القادمة ستكون مصيرية".

 

وفي 14 أيار 1967 قدم اللواء محمد فوزي رئيس هيئة الأركان في الجيش المصري إلى سورية لتدقيق المعلومات حول الحشود الإسرائيلية على الحدود السورية، وعاد إلى القاهرة في اليوم التالي مؤكداً أن ليس هناك من حشود استناد إلى الطلعات الجوية التي ألتقطتها طائرات الاستطلاع السورية في يومي 12،13 أيار، ومع ذلك أصدر المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للجيش والقوات المسلحة المصرية أمراً برفع حالة الطوارئ في الأراضي المصرية إلى أعلى الدرجات اعتباراً من الساعة الرابعة عشرة والنصف من 15 أيار مايو 1967

وفي اليوم التالي 15 أيار تحركت عدة فرق مصرية إلى سيناء علناً بتظاهرة إعلامية غير مسبوقة من قبل.

في 16 أيار 1967 قررت القيادة السياسية - العسكرية في إسرائيل إعلان التعبئة العامة وتعزيز القوات الإسرائيلية في النقب، كما قامت شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي بتدقيق خطط العمليات المحضرة للحرب الشاملة على الجيهات الثلاثة: عملية "كلشون" لتدمير الجيش المصري في سيناء، وعملية "بارغول" لاحتلال الضفة الغربية، وعملية "مكبات" لتدمير الجيش السوري في الجولان.

وفي اليوم ذاته طلب المشير عبد الحكيم عامر سحب قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة من المواقع الممتدة من غزة إلى إيلات، ولم يطلب سحب القوات الدولية من قطاع غزة ومنطقة شرم الشيخ.

 

فرفض "أوثانت" الانسحاب الجزئي لقوات الطوارئ، وهذا ما دعا عبد الناصر إلى طلب الانسحاب الكامل في 19 أيار، وقد دخلت قوات جيش التحرير الفلسطيني إلى قطاع غزة في حين دخلت القوات المصرية إلى منطقة شرم الشيخ.

 

وفي تعليق محمود رياض وزير خارجية مصر آنذاك على سحب قوات الطوارئ يقول في مذكراته: "إن قرار عبد الحكيم عامر بسحب قوات الطوارئ كان قراراً متسرعاً يفتقد أية قيمة عسكرية، ولا يشكل أي ضغط عسكري على إسرائيل،

وعبّر الملك حسين عن وجهة نظره تجاه هذا الإجراء المصيري بقوله: "منذ اليوم الذي انسحبت فيه قوات الأمم المتحدة من قطاع غزة توقعت نتائج هذه الخطوة، كان الأمر واضحاً بالنسبة لي، لم يبق مفر من الحرب مع إسرائيل وذلك أن الإسرائيليين كانوا يعملون جاهدين في سبيل افتعال وضع شبيه بالوضع الذي نشأ قبل نزاع عام 1956، فتوسعوا في نشر أخبار هجمات الفدائيين العرب، واستغلوا هذه الهجمات بمهارة بفضل دعاية مركزة تستهدف استدرار عطف العالم عليهم، وفي هذا الوقت كان العرب في وضع لا يحسد عليه".

 

في 22 أيار أرسل الرئيس الأمريكي "جونسون" رسالة خطيّة إلى الرئيس عبد الناصر أكد فيها حسن نواياه نحو مصر، وضرورة تفادي القتال، واقترح أن يوفد نائبه "هيوبرت هامفري" إلى الشرق الأوسط في محاولة لتسوية المشاكل القائمة، ويقول محمود رياض وزير خارجية مصر "لم تمر سوى أيام قليلة قبل أن أتبين خطأي في التقدير وصحة شكوك عبد الناصر، بل إن الأحداث سرعان ما أثبتت أن تلك الرسالة من جانب "جونسون" كانت في الواقع أكبر عملية خداع يقوم بها رئيس أمريكي على الإطلاق لصالح بلد وضد بلد آخر".

 

 

في 23 أيار اجتمعت الحكومة الإسرائيلية بجلسة غير عادية بمشاركة قيادة الجيش أحزاب المعارضة، وقدم "اسحق رابين" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تقريره عن جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب بعد أن استكملت التعبئة الاحتياطية، وقال: "إن الجيش الإسرائيلي سوف يقاتل على الجبهتين المصرية والسورية، وربما على الأردنية أيضاً، وأن المشكلة القائمة الآن لم تعد حرية الملاحة في مضائق تيران وإنما مصداقية إسرائيل وقدرتها على الدفاع عن نفسها .. فإذا لم نرد على التحدي القائم فإن الجيش الإسرائيلي سيفقد قدرته على الردع، وسيترتب على ذلك نتائج خطيرة في المستقبل".

 

قررت الحكومةالإسرائيلية في ختام الجلسة غير العادية أن تبدأ بهجومها الدبلوماسي قبل هجومها العسكري وكتحضير له، بحيث يستهدف العمل الدبلوماسي تبرير لجوء إسرائيل إلى خيار الحرب لفك الحصار، والحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، مع المساعدة السرية، هذا إضافة إلى إظهار أن إسرائيل تسعى لدرء الحرب وإيجاد حل سلمي للأزمة. ويقول الدكتور الإسرائيلي "تسفي لنر": «أن أشكول ظل طوال شهر أيار يتفحص إذا كانت الحرب التي ستشنها إسرائيل ستبدو حربا وقائية للدفاع عن النفس». وقد ساعدته بلا شك تلك التصريحات التي كانت تطلقها بعض وسائط الإعلام العربية وهي تطالب بتدمير الكيان الصهيوني.

 

وفي اليوم ذاته أصدر الرئيس الأمريكي "جونسون" إذناً سرياً بأن تشحن إلى إسرائيل جواً مجموعة من منظومات الأسلحة مع التصريح علناً باستمرار حظر الأسلحة إلى الشرق الأوسط".

 

وفي اليوم التالي 24 أيار بدأ "أبا ايبان" وزير خارجية إسرائيل التحرك الدبوماسي تنفيذاً لقرار الحكومة الإسرائيلية فالتقى في باريس الرئيس الفرنسي "ديغول" الذي قال له: «لاتشنوا الحرب، ولا تكونوا أول من يفتح النار، والذي سيفتح النار أولاً ستوقف فرنسا صادراتها من الأسلحة له».

في 25 أيار وصل "أبا يبان" إلى واشنطن والتقى "دين راسك" وزير خارجية الولايات المتحدة، وقابل "جونسون" طالباً منه ضمانة أمريكية ضد هجوم قريب متوقع من الدول العربية، فكرر "جونسون" على مسامعه القول: «لن تكون إسرائيل وحدها إلا إذا قررت العمل وحدها». وبعث "جونسن" برسالة إلى الرئيس عبد الناصر جاء فيها «إذا هاجم المصريون وأطلقوا الطلقة الأولى فمن شأن الحكومة الأمريكية أن تتخذ موقفاً شديداً للغاية من مصر»، كما طالب "جونسون" من الكرملين تحذير عبد الناصر، فقابل سفير الاتحاد السوفييتي في القاهرة الرئيس عبد الناصر في الساعة الثالثة صباحاً لإبلاغه معلومات هامة وبعد أن استمع الرئيس عبد الناصر لأقوال السفير الروسي

 

قال له: «لم أصدر أي أمر بالهجوم، وليس لدينا خطة هجومية كما تزعم إسرائيل»، وفي اليوم نفسه ألقى الرئيس عبد الناصر خطاباً قال فيه «إننا لن نطلق الرصاصة الأولى، ولن نكون البادئين بالهجوم»،

 

وهكذا نجح "جونسون" في تنفيذ تدبير هام من تدابير خطة الخداع الاستراتيجي التي استهدفت وقف الاستعدادات العسكرية العربية ونقلها إلى حالة الدفاع، وتوفير الوقت المناسب لإسرائيل لشن الهجوم.

 

وبعد أن استكمل "أبا ايبان" اتصالاته مع الإدارة الأمريكية لخص ما توصل إليه بالقول: «علمت أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدعم إسرائيل إذا كانت إجراءاتها غير فعالة، الأمر الذي جعلني أتصل برئيس الأركان العامة "يتسحاق رابين" وبرئيس الاستخبارات العسكرية "اهرون ياريف" وأعطيهم الضوء الأخضر».

 

في 30 أيار قام "مئير عميت" رئيس الموساد الإسرائيلي بزيارة إلى واشنطن قابل فيها وزير الدفاع "روبرت مكنمارا" ومسؤولي البنتاغون ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ويصف "موشي دايان" في مذكراته التقرير الذي قدمه "مئير عميت" بعد عودته يقول: «إن استنتاجه الخاص هو أن الولايات المتحدة لن تفعل شيئاً لفتح المضائق ... ولن تفعل شيئاً إذا ما بدأنا الحرب، بل إن ثمة إمكانية أن تساعدنا على الصعيد السياسي، أما السكرتير العسكري لأشكول "الجنرال" إسرائيل ليور" فقد نسب إلى "عميت" قوله لقد أفهمنا الأمريكيون بأنهم سيباركون عملنا إذا تمكنا أن نقطع عبد الناصر إرباً».

 

في 30 أيار كان الملك حسين قد اتصل بالرئيس عبد الناصر، وطار إلى القاهرة سرّاً، وعقد اجتماعاً مطولاً مع عبد الناصر نجم عنه انضمام الأردن إلى اتفاقية الدفاع المشترك التي عقدت بين سورية ومصر،وعين اللواء المصري عبد المنعم رياض قائداً للجبهة الشرقية، وقد وصلت إلى الأردن كتيبتان من المغاوير المصرية قبل بدء الحرب، وفي 4 حزيران انضمت العراق أيضاً إلى معاهدة الدفاع المشترك المصرية السورية الأردنية.

 

وفي 31 أيار سلًم "ليفي أشكول"رئيس الوزراء الإسرائيلي حقيبة وزراء الدفاع إلى "موشي دايان" وفق طلب المعارضة، كما تسلم "بيغين" رئيس "حيروت" حقيبة وزارية بلا وزارة، وهكذا شكلت حكومة "وحدة وطنية" لخوض الحرب.

 

تابع "جونسون" تدابيره الخداعية التضليلية «إذ بعد أن نبهته أجهزة استخباراته في 2 حزيران 1967 بأن الهجوم الإسرائيلي بات وشيكاً، وهذا ما أكده زعيم يهودي أمريكي "أبي فاينبرغ"»، بعث "جونسون صبيحة اليوم التالي" إلى عبد الناصر موافقة على مقابلة زكريا محي الدين نائب الرئيس في 5 حزيران.

 

وفي 3 حزيران 1967 عقد "موشي دايان" مؤتمراً صحفياً استهدف منه تضليل العرب عن النوايا الحقيقية لإسرائيلي بشن حرب فقد قال: إن الوقت قد أصبح متأخراً لاتخاذ إجراء عسكري ضد مصر بسبب إغلاقها مضائق تيران، والعمل الدبلوماسي لا يزال في بدايته ... إن حكومة إسرائيل قبل أن أصبح عضواً فيها اعتمدت العمل الدبلوماسي وما تزال هذه الفرصة قائمة».

 

وهكذا بنت إسرائيل خيار الحرب الشاملة في إطار تصعيدها المتدرج للأزمة وتحت ستار مخادع مفاده أنها تبذل كل جهد ممكن لدرء الحرب، وقد أعدت خلال هذه الفترة كافة التحضيرات الضرورية لخوض حرب مفاجئة وسريعة. ولم تعتمد في تقويمها للنتائج المحتملة على تقديراتها فقط إنما على التقديرات الأمريكية أيضاً، فقد روى الجنرال "إيرلويلر" رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية «إن عمليات إعادة التقويم التي طلبت من مختلف دوائر الاستخبارات، إثر الشكوك التي أعرب عنها "جونسون" إزاء التقدير المتفائل لقدرة إسرائيل، لم تذهب إلى أبعد من عشرة أيام كي يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق الانتصار».

 


 

الضربة الجوية الإسرائيلية المفاجئة

يوضح الملحق رقم (33) قوام قوات الطرفين العربي والإسرائيلي التي شاركت في حرب عام 1967 وتوازنها، ويبدو من خلاله تفوق الجيوش العربية الثلاثة مجتمعة على الجيش الإسرائيلي، ولكن في الوقت نفسه يبدو الجيش الإسرائيلي متفوقاً على كل من الجيوش العربية على حده، وهذه الحقيقة هي التي جعلت القيادة الإسرائيلية تبني خطتها على أساس الانفراد بكل جيش عربي على حده وإخراجه من الحرب ومن ثم نقل الجهود العسكرية لمواجهة الجيش العربي الآخر.الملحق رقم (33)- قوام قوات الطرفين في حرب 1967

كما اتبعت القيادةالإسرائيلية الأسلوب نفسه من أجل تحقيق التفوق العملياتي والتكتيكي على قطاعات الهجوم وقطعات الخرق في كل جبهة من الجبهات العربية مستفيدة من كون كل جيش عربي من الجيوش الثلاثة قد نشر قواته الدفاعية على جبهة واسعة جداً، فقد انتشر الجيش المصري على جبهة بعرض حتى 300 كم من رفح إلى منطقة شرم الشيخ، وانتشر الجيش الأردني على جبهة بعرض أكثر من250 كم من شمال جنين إلى جنوب الخليل. أما الجيش السوري فقد انتشر على جبهة بعرض أكثر من 70 كم من بانياس في شمال الجولان إلى الحمة في جنوبه.ولكي تضمن إسرائيل إحداث التفوق العملياتي والتكتيكي كلفت سلاحها الجوي بمهمة منع المناورة بكافة أشكالها ليس بين الجيوش العربية فقط وإنما بين قوات كل جيش من الجيوش العربية الثلاث، وتطلب هذا من سلاح الجو الإسرائيلي تحقيق السيطرة الجوية التامة على مسرح العمليات وأرض المعركة، فارتبط نجاح إسرائيل في الحرب بنجاح السلاح الجوي في تحقيق هذه السيطرة الجوية.وضعت قيادة سلاح الجو الإسرائيلي خطتها في توجيه الضربة المفاجئة على أساس مهاجمة معظم المطارات المصرية بوقت واحد، وتوجيه الضربة بقوام 160 طائرة، واختارت الساعة 8،45 يوم 5/6 بتوقيت القاهرة لتوجيه الضربة، حيث يتمكن الطيارون الإسرائيليون في هذه الساعة من تدقيق أغراضهم بعد انقشاع الضباب الذي يغطي المطارات في مثل هذا الوقت. وكان لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات تشير إلى أن معظم الطيارين المصريين في هذا الوقت يكونون في وضعية تناول وجبة الإفطار أو في الاستراحة، إضافة إلى أن وسائط الدفاع الجوي في ذلك اليوم طلبت منها قيادة الدفاع الجوي في الجيش المصري أن يكون رميها مقيداً بسبب تحليق طائرة المشير عامر وهو يتجه إلى سيناء.بدأت الضربة الجوية الإسرائيلية المفاجئة في التوقيت المحدد الساعة 8،45، ووجهت بآن واحد إلى تسعة مطارات مصرية (المخطط رقم 7) حيث نفذت الطائرات الإسرائيلية مناورة التفاف عميقة فوق البحر المتوسط وعلى ارتفاع منخفض ووصلت إلى المطارات في العمق المصري، وعندما كانت الموجة الأولى من الطائرات المعادية تقصف أغراضها كانت الموجة الثانية في الجو، والموجة الثالثة تقلع من المطارات الإسرائيلية، بفاصل زمني عشر دقائق بين كل موجة وأخرى، وخلال ساعتين ونصف دمر الطيران المعادي 85% من الطائرات المصرية وهي جاثمة على الأرض، وبلغ عدد الطائرات المدمرة 452 طائرة من مختلف الأنواع (مخطط رقم 8).

في الساعة 12,50 توجه سرب من الطيران السوري المقاتل القاذف لقصف المطارات الإسرائيلية في المنطقة الشمالية كما توجه زوج منه لقصف مصفاة حيفا، وأفاد الطيارون أن الطائرات كانت فارغة، وقد خاضوا معركة جوية مع الطيران المعادي خسر فيها سلاحنا الجوي ثلاث طائرات.

وفي الساعة 14،15 وجه الطيران المعادي ضربة جوية استمرت ثلاث ساعات بعدة أسراب إلى المطارات السورية أسفرت عن تدمير حوالي 50 طائرة من مختلف الأنواع. وفي الوقت نفسه وجه الطيران المعادي ضربة إلى المطارات الأردنية والمطار العراقي (3H) وأسفرت الضربة عن تدمير 29 طائرة أردنية و23 طائرة عراقية من مختلف الأنواع.

 

وهكذا تمكن الطيران المعادي حتى ظهر يوم 5/6 من حيازة السيطرة الجوية الكاملة في مسرح العمليات وعلى أرض المعركة وباشر القيام بمهمة دعم قواته البرية التي تخوض المعركة في الجبهتين المصرية والأردنية، وتدمير أية تعزيزات عربية تقترب من منطقة العمليات.

 

 

المعارك البرية في حرب حزيران على الجبهتين المصرية والأردنية

 

أ ـ معركة القوات المصريةفي الساعة 8،45 صباح يوم الخامس من حزيران وجه الطيران الإسرائيلي ضربة مفاجئة لمحطات الرادار وجهاز الدفاع الجوي والمطارات المصرية ترافقت بإحداث شلل تام للاتصالات السلكية واللاسلكية بين القيادة المصرية وقواتها، وخلال أربع ساعات دمر الطيران الإسرائيلي حوالي 85% من الطائرات المصرية الجاثمة على الأرض.

ترافقت الضربات الجوية الإسرائيلية مع قيام القوات الإسرائيلية والطيران الإسرائيلي بتنفيذ تمهيد مدفعي وجوي على الأغراض المهمة في المنطقة الدفاعية في سيناء.

وفي الساعة التاسعة من صباح الخامس من حزيران بدأ العدو هجومه على قوات الفرقة المصرية السابعة مشاة المدافعة عن منطقة العريش - رفح، وتمكنت تشكيلات العدو المتفوقة والمدعومة بالطيران من اختراق دفاع الجانب الأيسر للفرقة والتقدم باتجاه العريش وبعد ظهر يوم 5/6 شنت القوات المصرية هجوماً معاكساً بقوى لواء دبابات معزز فخاض اللواء معارك ضارية مع قوات العدو حتى صباح 6/6، وعلى الرغم من قيام القيادة المصرية بزج قوات إضافية باتجاه العريش فجر يوم6/6 إلا أن القوات الإسرائيلية المدعومة بالطيران ظلت متفوقة محاولة التقدم وتطويق بقايا وحدات الفرقة السابعة، الأمر الذي دفع القيادة المصرية إلى إصدار أوامرها «بارتداد القوات إلى النطاق الثاني سعت 11،30 يوم 6/6».

وفي حوالي الساعة الثالثة بعد ظهر الخامس من حزيران هاجمت قوات العدو المواقع المصرية في دفاعات أم قطف وتمكنت بعد معركة ضارية من احتلالها، فقامت القوات المصرية بهجوم معاكس واستردتها في مساء اليوم الأول، وفي صباح اليوم التالي هاجم العدو بقوات جديدة وأعاد احتلال أم قطف بعد عدة معارك استمرت حتى مساء هذا اليوم.

 

وفي الساعة الخامسة من صباح 6/6 هاجم العدو دفاعات القسيمة، واستمرت المعارك طيلة اليوم، حيث صدت قوات الفرقة الثانية المصرية كافة الهجمات، وقد فشل العدو في معاركه على هذا الاتجاه ولم يتمكن من التقدم إلا بعد أن انسحبت القوات المصرية المدافعة بموجب قرار القيادة العامة المصرية.

أما على اتجاه الكونتيلا فقد شن العدو هجوماً تعرضياً الغاية منه تثبيت القوات المصرية المدافعة على هذا الاتجاه، وقد فشل العدو في إحداث نجاح على الأرض. وبسقوط العريش وأم قطف بعد ظهر يوم 6/6، وتقدم العدو غرباً صدرت أوامر القيادة العامة للجيش في الساعة السادسة مساء بارتداد بقية القوات المصرية المدافعة في النطاق الأول إلى النطاق الثاني على أن تتم عملية الانسحاب ليلاً، ولكن الوتيرة العالية لتقدم قوات العدو المدرعة والميكانيكية المحمية بالطيران حالت دون انسحاب القوات المصرية بشكل منظم إلى النطاق الثاني كما حالت دون تمسكها بالنطاق الثاني الأمر الذي جعلالمشير عبد الحكيم عامر يعطي أوامره بانسحاب القوات المصرية كلها من سيناء في ليلة واحدة إلى غرب قناة السويس، وقد انتقدالفريق أول محمد فوزي الذي كان رئيساً للأركان قرار المشير عبد الحكيم عامر قائلاً: كان قرار المشير عامر بانسحاب القوات المصرية كلها من سيناء في ليلة واحدة إلى غرب قناة السويس هو السبب الحقيقي في اندحار القوات المسلحة المصرية».

وصلت القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس مساء يوم7/6 تاركة خلفها أعداد كبيرة من القوات المصرية التي أصبحت عزلاء من السلاح وتحت رحمة القوات الإسرائيلية، وفي مساء 8/6 وافقت مصر على قرار وقف إطلاق النار وكذلك الأردن وسورية.

 

ب ـ معركة القوات الأردنية

 

في الساعة الأولى من بدء العدوان الإسرائيلي على مصر صباح الخامس من حزيران طلبت القيادة المصرية من القيادة الأردنية، عبراللواء عبد المنعم رياض الموجود في الأردن لقيادة الجبهة الأردنية، البدء بالأعمال القتالية ضد إسرائيل، فبدأت الاشتباكات في مدينة القدس بالأسلحة الخفيفة، وتطورت إلى القصف المدفعي، وفي الساعة العاشرة صباحاً قصفت المدفعية الأردنية مطار«رامات دافيد» القريب من مدينة الناصرة، ومواقع عسكرية إسرائيلية أخرى شمال غرب جنين، وشرق تل أبيب، ووفق الخطة الإسرائيلية المعدة لاحتلال الضفة الغربية أعطت القيادة الإسرائيلية أوامرها إلى قواتها في المنطقتين الشمالية والوسطى بالاستعداد للهجوم اعتباراً من الساعة 11,00يوم 5/6

.

هاجمت مجموعة ألوية مكونة من الدبابات والمشاة والمظليين باتجاه القدس - أريحا، وقد طوق الإسرائيليون القدس بقوات كبيرة بدعم متواصل من الطيران، فصدت القوات الأردنية المطوقة التجمعات الإسرائيلية لمدة يومين متواصلين وكبدت العدو خسائر كبيرة،ـ وفي الساعة الثامنة مساء يوم 5/6 حركت القيادة الأردنية كتيبة دبابات وكتيبة مشاة من منطقة أريحا باتجاه القدس لدعم القوات الأردنية، إلا أن الطيران الإسرائيلي دمر هذه الوحدات أثناء تقدمها على المحور، وفي مساء 6/6 أرسلت القيادة الأردنية لواء مشاة عبر المحور نفسه لنجدة القوات الأردنية التي تقاتل في القدس، وقد تدخل الطيران الإسرائيلي ضد هذا اللواء وكبده خسائر كبيرة، وتمكنت بعض وحداته من الوصول سيراً على الأقدام إلى مشارف القدس فجر يوم 7/6، في الوقت الذي كانت فيه بقايا القوات المدافعة عن القدس قد فقدت الأمل بنجاح معركتها وبإمكانية تعزيزها فانسحبت ليلاً، ودخلت القوات الإسرائيلية مدينة القدس القديمة صباح 7/6

.

صباح 7/6 تقدم اللواء المدرع الإسرائيلي الذي كان قد احتل مدينة رام الله يوم 6/6 باتجاه مدينة أريحا ودخل المدينة عند الغروب بعد أن كانت القوات الأردنية المحتشدة في هذه المنطقة قد انسحبت إلى شرق الأردن عبر جسري اللنبي والملك عبد الله، كما انسحبت القوات الأردنية التي كانت تدافع عن مدينتي الخليل وبيت لحم.

أما على اتجاه جنين - نابلس فقد هاجمت في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الخامس من حزيران فرقة مدرعة إسرائيلية معززة بلواء مشاة ومدعومة بالطيران وطوقت مدينة جنين من الشمال والغرب فقاتلت القوات الأردنية المدافعة ببسالة وبراعة حتى صباح 6 حزيران، حيث شن الأردنيون هجوماً معاكساً بقوام كتيبتي دبابات، وقد لاقت القوات الأردنية النجاح في بداية معركتها على الرغم من التفوق الإسرائيلي، ولكن تدخل الطيران الإسرائيلي المستمر في المعركة حول نتيجتها لصالح القوات الإسرائيلية، ومع ذلك استمرت المعارك في هذا القطاع لمدة 12 ساعة، تكبدت فيها القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة، واضطرت بقايا القوات الأردنية إلى الانسحاب.

 

 

وعلى اتجاه طوباس - نابلس، هاجم لواء مدرع إسرائيلي الدفاع الأردني، ووصل إلى مؤخرة القوات الأردنية المدافعة، تحت حماية ودعم الطيران، وفي صباح يوم 7/6 وصل هذا اللواء إلى مداخل مدينة نابلس من الشرق وفوجئ سكان المدينة بدخوله المدينة بعد أن ظنوا أنه من القوات العراقية التي كانوا ينتظرون قدومها.

 

 

 

وفي الساعة السابعة والنصف مساء يوم السابع من حزيران ألقى الملك حسين خطاباً موجهاً إلى الشعب الأردني داعياً إياه إلى القتال حتى أخر رمق، وفي الساعة الثامنة مساءً من هذا اليوم، قبلت كل من الأردن وإسرائيل قرار وقف إطلاق النار.

 

وتبعاً لإحصائيات القيادة العسكرية الأردنية بلغت الخسائر الأردنية 560 شهيداً و351 جريحاً و530 أسيراً وحوالي ألفي مفقود معظمهم مدنيون،أما الخسائر الإسرائيلية فقد بلغت 550 قتيلاً و240 جريحاً

 


 

قوات الجيش العربي السوريعند اندلاع الحرب كانت قوات الجيش العربي السوري مؤلفة من: خمسة ألوية مشاة عاملة مع لواء مشاة ميكانيكي عامل، ولواءي دبابات عاملين، وأربعة ألوية مشاة احتياطية، وألوية وأفواج القوى الجوية والدفاع الجوي وكتائب الحرس الوطني، متوضعة في المناطق التالية:أ ـ قيادة الجيش الميداني: مقرها القنيطرة، بإمرة رئيس أركان الجيش العربي السورياللواء أحمد سويداني.ب ـ في النسق العملياتي الأول: مجموعة الألوية 12، قائدهاالعقيد الركن أحمد محمود الأمير، قيادتها في القنيطرة ومكونة من:

- اللواء 8 مشاة، قائدهالمقدم الركن علي أصلان، يدافع عن القطاع الأوسط من الجبهة.

- اللواء 32 مشاة، قائدهالمقدم الركن مصطفى شربا، يتحشد في منطقة تل يوسف إلى الجنوب من القنيطرة.

- اللواء 123 مشاة قائدهالعقيد الركن محمد عيد، ويتحشد في منطقة كفرحور إلى الشمال الشرقي من القنيطرة.

- اللواء 44 مدرع، قائدهالمقدم الركن عزت جديد، ويتحشد جنوب القنيطرة في منطقة العدنانية ـ بريقة.

مجموعة الألوية 35: قائدهاالعميد الركن سعيد الطيان، قيادتها في منطقة الجوخدار-الرفيد ومكونة من:- اللواء 19 مشاة، قائدهالمقدم الركن ميشيل حداد، يدافع عن منطقة فيق ـ سكوفيا ـ العال (القطاع الجنوبي من الجبهة).- اللواء 80 مشاة احتياط، قائدهالعقيد إبراهيم كاخيا، يتحشد في منطقة الخشنية- القصبية.- اللواء 17 ميكانيكي، قائدهالمقدم صلاح نعيسة، يتحشد في منطقة الرفيد-الجوخدار.

اللواء 11 مشاة مستقل، قائدهالمقدم الركن ممدوح عبارة، يدافع عن منطقة بانياس - مسعدة - واسط (القطاع الشمالي من الجبهة).

كتائب الحرس الوطني: دافعت خمس كتائب من الحرس الوطني عن الحد الأمامي (نطاق الحيطة)، وقد بلغ تعدادها أكثر من ألفي عنصر، قوام كتائب الحرس الوطني وتعدادها والمواقع التي كانت تدافع عنها 1967

ج ـ في النسق العملياتي الثاني: مجموعة الألوية 42 قائدها العميد الركن عبد الرزاق دردري، مقرها في سعسع على النطاق الدفاعي الثاني ومكونة من:

- اللواء 25 مشاة، قائدهالعقيد الركن إسماعيل هلال، ويتحشد في منطقة كفر قوق شمال غرب قطنا.

- اللواء 60 مشاة احتياط، قائدهالعقيد الركن سميح السيد ويتحشد في منطقة الكسوة.د

ـ في احتياط القيادة العامة:- اللواء 23 مشاة، قائدهالعقيد الركن سميح سباعي، ويتمركز في المنطقة الساحلية (اللاذقية).

- اللواء 50 مشاة احتياط، قائدهالعقيد الركن شفيق عبدو، ويتمركز في المنطقة الوسطى (حمص).

- اللواء 14 دبابات، قائدهالمقدم الركن مصطفى طلاس، ويتمركز في منطقة القطيفة.

- الكتيبة 102 استطلاع، قائدهاالنقيب رزق الياس، وتتحشد في منطقة خان أرنبة شرق القنيطرة (احتياط مضاد للإنزالات الجوية المعادية).

- المدفعية: اللواء 27 (خمس كتائب مدفعية)، مع 4 كتائب مدفعية مستقلة، وفوج مدفعية م/د.هـ ـ القوى الجوية والدفاع الجوي:

- اللواء الثالث الجوي: يحوي سربين من الطائرات ميغ 21(42 طائرة) الجاهز منها 34 طائرة مع 47 طياراً، ويتمركز في مطارات: الضمير، السيكال، المحطة الرابعة.

- اللواء السابع الجوي: يحوي سربين من الطائرات ميغ 17 (33 طائرة) مع 32 طياراً، يتمركز في مطاري المزة وبلي.

- أفواج الدفاع الجوي: ثمانية أفواج موزعة لحماية الأهداف الهامة والمطارات في القطر، وينتشر فوج واحد منها في منطقة الجبهة.

ـ القوى البحرية خلال عدوان 1967: قوام القوى البحرية عام 1967:- زوارق صاروخية ثنائية طراز 183 عدد 6- زوارق طوربيد طراز 123 عدد 18- كاسحة قاعدية عدد 2- قناص عدد 2- وحدات تأمين مختلفة.(2) قوات العدو التي هاجمت الجبهة السورية:

 

 

 

وفق الوثائق الإسرائيلية هاجمت الوحدات المعادية التالية يومي 9 - 10/6 القوات السورية في الجولان: في مواجهة القطاع الشمالي، الذي يدافع عنه اللواء 11 مشاة:

- هاجم اللواء 45 دبابات بقيادة المقدم "موشي باركوخفا" باتجاه بانياس - مسعدة - القنيطرة.-

 هاجم اللواء الأول جولاني بقيادة العقيد "يونا افرات" باتجاه تل العزيزيات - القلع - بقعاتا - القنيطرة.

- هاجم اللواء الثامن دبابات بقيادة العقيد "ابراهام مندلر" باتجاه العقدة - واسط - القنيطرة.- هاجم اللواء 37 مدرع بقيادة العقيد "أوري روم" باتجاه تل شيبان - واسط - كفر نفاخ - السنديانة.

وفي مواجهة القطاع الأوسط الذي يدافع عنه اللواء 8 مشاة:- هاجم اللواء الثالث مشاة بقيادة المقدم "عموئيلشكيد" معزز بكتيبة من اللواء الخامس مشاة، باتجاه الجمرك ـ كفر نفاخ.- هاجم اللواء التاسع دبابات "هرئيل" باتجاه راوية ـ العليقة ـ الخشنية (نسق ثاني).

وفي مواجهة القطاع الجنوبي الذي يدافع عنه اللواء 19 مشاة:- هاجم اللواء الثاني مشاة بقيادة العقيد يهودا غافيش باتجاه عين غيف (شرق بحيرة طبريا)، - كما هاجمت كتيبة ناحال (مشاة) باتجاه مزرعة عز الدين، وقوة مظليين من فرقة بيلد باتجاه فيق - العال تعززها كتيبة منقولة على الحوامات.وقد تمكن العدو الإسرائيلي من تحقيق تفوق بمعدل أربعة إلى واحد لصالحه في قطاع الخرق الذي اختاره في القطاع الشمالي من الجولان هذا بالإضافة إلى السيطرة الجوية التامة على أرض المعركة.

سير الأعمال القتالية

عندما انتقلت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم على الجبهة المصرية صباح 5/6، كانت القوات السورية في حالة الجاهزية القتالية العالية، فرفعت القيادة السورية درجة الجاهزية إلى الكاملة، وبموجب خطة / رشيد/ المنسقة مع القيادة المصرية قام سلاح الجو السوري سعت 12,50/5/6 بتوجيه ضربة جوية ضد المطارات الإسرائيلية في المنطقة الشمالية(1) (مطار سان جين، مطار رامات دافيد، مطار مجيدو)، كما تم قصف مصفاة حيفا، وعادت الطائرات السورية إلى قواعدها ماعدا ثلاثة طائرات ميغ 21 أصيبت أثناء تنفيذها لمهماتها.

 

وفي الساعة 14,15 وجه الطيران المعادي ضربة جوية إلى المطارات السورية دمر فيها 75% من الطائرات.

وفي الساعة 16,00 يوم /5/6 أصدر قائد الجيش الميداني أمراً إلى كافة التشكيلات لتنفيذ العملية التعرضية /نصر/، رداً على الهجوم الإسرائيلي على الجبهتين المصرية والأردنية، وحدد الساعة/س/ في الساعة 5,00 صباح 7/6، حيث تكون القوات السورية قد عبرت نهر الأردن.

وقد بدأت القوات بالتحرك إلى قاعدة الانطلاق ليلاً على ثلاثة محاور ضيقة تصل المرتفعات السورية بوادي الحولة، وتكبدت هذه القوات نتيجة القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي خسائر كبيرة أثناء تحركها، وفقدت عدة وحدات اتجاهها، ووصل بعضها إلى قاعدة الانطلاق دون توفر تأمينات كاملة للعبور، الأمر الذي أدى إلى إخفاق عملية العبور على الاتجاه الرئيسي (اتجاه جسر بنات يعقوب - مشمارهايردن)، بينما نجحت بعض الوحدات على الاتجاه الثانوي في القطاع الشمالي ووصلت إلى مستوطنة "شنير" ومستعمرة "شرياشوف".

 

وفي مواجهة هذا الموقف طلبت القيادة السورية من القيادة الموحدة في مصر سعت 6,00 من يوم 7/6 الموافقة على انتقال القوات السورية للدفاع، وإرسال لواء مشاة ميكانيكي من سورية إلى الأردن ليشارك القوات الأردنية القتال في الضفة الغربية فوافقت القيادة الموحدة على هذا الطلب، وبقيت القوات السورية يومي 7 - 8/6 تعيد ترتيب أوضاعها الدفاعية تحت القصف الجوي والمدفعي، وتقوم برمي أهداف العدو في سهل الحولة وقواته المتحشدة في المستعمرات المقابلة.

 

وفي يوم 8/6 نقل الطيران الإسرائيلي كامل جهده الجوي إلى الجبهة السورية، مركزاً القصف ضد بطاريات مدفعية الميدان والمدفعية م/ط، ووصلت حصيلة الخسائر في عتاد القوات السورية إلى نحو 50% في المدفعية و75% في المدفعية م/ط.

 

أصيبت القيادة السورية الميدانية وقواتها بصدمة عندما أعلن مساء يوم 7/6 عن احتلال العدو للضفة الغربية ولشبه جزيرة سيناء، وتوقعت القيادة السورية هجوماً برياً كبيراً على سورية، سيما وإن العدو كان يهدد باحتلال دمشق قبل نشوب الحرب، فوافقت القيادة السورية سعت 17,20 يوم 8/6 على وقف إطلاق النار بناءً على نصيحة الرئيس عبد الناصر، وأذيع هذا القرار من إذاعة دمشق، وطلبت قيادة الجيش الميداني من التشكيلات في الجبهة الالتزام بذلك منذ مساء 8/6 كي لا تعطي ذريعة لإسرائيل من أجل استمرار الحرب، إلا أن القيادة الإسرائيلية استخدمت قرار وقف إطلاق النار خديعة من أجل تقرب قواتها من العمق إلى وادي الحولة بمعزل عن تدخل المدفعية السورية.

 

وفي صباح اليوم التالي سعت 9,30 يوم 9/6 بدأ العدو التمهيد الجوي والمدفعي على طول الجبهة السورية مركزاً على خرق القطاع الشمالي من الجبهة، وبعد ثلاث ساعات من التمهيد انتقلت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم موجهة ضربتها الرئيسية باتجاه القطاع الشمالي، وحتى نهاية اليوم تمكن لواءان إسرائيليان معززان بوحدات هندسية من خرق دفاع اللواء /11/ مشاة ووصلا إلى الخط القلع -زعورة، وكانت نسبة التفوق الإسرائيلي تصل إلى أكثر من أربعة أضعاف في قطاع الخرق بالإضافة إلى الدعم الجوي المتواصل، وفي مواجهة القطاع الأوسط قام العدو بهجوم ثانوي بوحدات من المشاة المعززة بالدبابات باتجاه الدرباشيةوالدردارةوالجليبينة، وحاول التقدم ليلاً لاحتلال هذه المواقع، كما قام العدو بهجوم ثانوي في مواجهة القطاع الجنوبي باتجاه التوافيق - كفر حارب - فيق - العال مع استخدام وحدات الإنزال المظلي المنقولة بالحوامات. إلا أن القوات الإسرائيلية لم تلق نجاحاً يذكر على هذين الاتجاهين، ويبدو أن القيادة الإسرائيلية كانت بانتظار وصول ألويتها المهاجمة في القطاع الشمالي إلى مجنبة ومؤخرة الوحدات السورية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي للإخلال بالتوازن الدفاعي للقوات السورية المدافعة في هذين القطاعين وتطويقها.

قاتلت الوحدات السورية في قطاع الخرق بشجاعة فائقة، وقد وصف الجنرال الإسرائيلي "دافيد اليعازر" قائد العملية هذا القتال بقوله: «كان في خندق واحد لا أقل من ستين جثة منتشرة على الأرض، وقد اشتبكوا معنا في الأيدي والخناجر والأسنان وأعقاب البنادق، واستمرت المعركة على هدف واحد أكثر من ثلاث ساعات... وقد قتل في المعركة قائد الكتيبة الإسرائيلية وقادة سراياه، وخرج من المعركة أكثر من مئة عنصر إسرائيلي بين قتيل وجريح»

.

وفي صباح اليوم التالي طور العدو هجومه بزج لواءين آخرين: الأول باتجاه بانياس - مسعدة - المنصورة، والثاني باتجاه واسط - كفر نفاخ - القنيطرة، وقد حاولت القيادة السورية احتواء الخرق باستخدام احتياط م/د الجيش، فخاض هذا الاحتياط معركة غير متكافئة على اتجاه واسط ودمرت معظم مدافعه بالقصف الجوي.

 

وفي سعت 7,40/10 أسندت قيادة الجيش الميداني المهمة القتالية للدفاع عن القنيطرة على الشكل التالي:

- اللواء 8 مشاة يدافع عن خط المغيّر ـ تل خنزير.

 

- اللواء 44 دبابات يدافع عن خط تل أبو الندى ـ تل الغسانية.

 

- اللواء 32 مشاة يدافع عن المرتفعات الشمالية لمدينة القنيطرة باتجاه المنصورة.

- الكتيبة 102 سطع تتمسك بعقدة خان أرنبة.

- المجموعة 35 تتمسك في نطاقها الدفاعي في القطاع الجنوبي من الجبهة.

 

 

 

لقد كان هذا القرار سليماً وفق الموقف المتشكل آنذاك، سواء من حيث اختيار قطاعات الدفاع الجديدة أو من حيث تناسب القوى والوسائط مع العدو، إلا أنه لم تمر سوى ساعات قليلة حتى وصلت إلى قيادة الجيش الميداني معلومات جديدة من التشكيلات تفيد عن وصول طلائع العدو إلى كفرنفاخ، الأمر الذي يشكل بداية لتطويق اللواء الثامن المدافع في القطاع الأوسط، وعن تقدم العدو باتجاه محور مسعدة - سحيتا - حرفا، مما شكل انطباعاً لدى القيادة بأن العدو بدأ محاولاته في تطوير الهجوم باتجاه دمشق، وفي الوقت نفسه يحاول تطويق القوات السورية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي عبر التابلاين، سيما وأنه يقوم بزج لواء مدرع على هذا المحور. وفي مواجهة هذا الموقف اتخذت القيادة قرار الانسحاب من النطاق الدفاعي الأول (الجبهة)، وتعزيز الدفاع عن النطاق الدفاعي الثاني الذي يمر على مشارف سعسع، وأسندت المهام التالية:

- ينسحب اللواء /44/ دبابات مع الكتيبة /102/ استطلاع على محور القنيطرة، سعسع، ويتمركز في بيت سابر.

- تنسحب المجموعة 35 ووحداتها مع اللواء 19 مش، عدا الحرس الوطني، وتنظم الدفاع عن النطاق الثاني.

وكان تقدير القيادة السورية أن من إيجابيات قرار الانسحاب الحفاظ على القدرة القتالية لقسم من القوات على الأقل، وإنقاذ الألوية المدافعة في القطاعين الأوسط والجنوبي من خطر تطويق محتمل وشيك الوقوع، وتوفير شروط عسكرية ودولية أفضل، لكبح اندفاع العدو باتجاه دمشق، أو باتجاه المنطقة الجنوبية من سورية، سيما وأن القيادة السورية كانت على علم بالمأساة التي حلت بالقوات المصرية التي طوقت في سيناء وبالقوات الأردنية التي طوقت في مرتفعات نابلس - جنين.

وعلى خلفية قرار الانسحاب، وردت معلومات إلى لجنة الإعلام عن دخول العدو مدينة القنيطرة سعت 10,30 يوم 10/6، فأذاعت هذه المعلومات في الوقت الذي لم تكن بعض الوحدات قد تلقت مهمة الانسحاب بعد، مما أحدث صدمة كبيرة لدى القوات المدافعة في الجبهة، وساهم هذا البلاغ في الإخلال بتنظيم عملية الانسحاب وقد تبين أن لجنة الإعلام المسؤولة عن صياغة هذا البلاغ تصورت أن بلاغها هذا سوف يسرع من انسحاب القوات الذي يحاول العدو تطويقهم وأسرهم بأعداد كبيرة في القطاعين الأوسط والجنوبي، كما فعل في الجبهتين المصرية والأردنية، سيما وكانت هذه اللجنة قد أخذت قرارها هذا على خلفية المعطيات المتوفرة عن انقطاع الاتصال السلكي واللاسلكي مع الوحدات السورية في هذين القطاعين.

 

أعمال القوى البحرية مع بدء العدوان:

 

مع بدء العدوان تم رفع حالة الجاهزية إلى الكاملة وتلقيم الزوارق الصاروخية وزوارق الطوربيد وتنفيذ الانتشار القتالي في قاعدة الحارثي، (ميناء البيضاء البحري) إلى مناطق الانتشار في اللاذقية وطرطوس وأرواد، وقامت الكاسحات بزرع خط ألغام في المناطق المحتملة للإنزال البحري المعادي..

منذ اليوم الأول للعدوان تم تشديد المراقبة السطحية الفنية والبصرية وتسيير الدوريات البحرية بقوام الزوارق المنفردة والأسراب والكاسحات والقانصات على طول الساحل العربي السوري، كما تم نشر المستودعات ومقرات القيادة خارج أماكن تمركزها الدائم.

 

لم يسجل أي نشاط بحري ضد الساحل العربي السوري، ولم يتم تنفيذ أية إغارة بحرية ضد موانئ ومصبات القطر العربي السوري، وقامت القوات البحرية بتأمين حماية الملاحة ونقل الإمدادات العسكرية والاقتصادية إلى موانئ القطر طيلة فترة العدوان. كما ساهمت القوى البحرية بتأمين حماية تفريغ الحمولات العسكرية على أرصفة الموانئ. بعد العدوان مباشرة استمر دور القوى البحرية في ضبط حركات ناقلات النفط إلى مصب بانياس.

 

لقد تعددت المعارك التي خاضتها قواتنا المدافعة في النسق الأول مع قوات العدو الإسرائيلي، وسوف نذكر على سبيل المثال معركتين بارزتين هما معركة تل الفخار، ومعركة الجليبينة.

 


 

معركة تل فخار

فيلم تسجيلي عن المعركة

 

تعتبر نقطة استناد تل فخار من النقاط الدفاعية المحصنة في الجبهة السورية، يشرف موقعها على سهل الحولة وعلى مستعمرة "دان" الإسرائيلية، وقد أحيطت بثلاثة حواجز مزودجة من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، وتدافع عنها حوالي سرية مشاة معززة.بعد قصف جوي معاد مركز ومستمر لمدة ثلاث ساعات، منذ الساعة التاسعة والنصف صباح يوم 9/6، على موقع تل الفخار والمواقع السورية المجاورة له، تقدمت باتجاه الموقع كتيبة دبابات معادية مع كتيبة ميكانيكية فقابلتها على المدى المجدي عناصر موقع تل فخار مستخدمة كافة الأسلحة المتوفرة لديها استخداماً ماهراً بمناورة بارعة وشجاعة مميزة فأوقعت بوحدات العدو خسائر كبيرة. وعندما أصر العدو على اقتحام الموقع بوحداته المدرعة اشتبك الجنود السوريون في تل فخار مع العدو بالسلاح الأبيض وبقتال الأيدي، فدفع العدو الإسرائيلي المتفوق عدة وعدداً خسائر كبيرة وذاق مرارة عدوانه.وقد جاءت على ذكر هذه المعركة عدة صحف أجنبية وإسرائيلية مثال ذلك ما كتبه أحد الصحفيين الأمريكيين وهو "تيرانس سميث"، في صحيفة نيويورك تايمز في 26 حزيران 1967 يصف تلك الملحمة بما يلي "تل الفخار أحد مواقع الجبهة السورية، يكاد يكون غير مكشوف للناظر إليه من الأرض المحتلة، لقد قتل وجرح أمامه عدداً كبيراً من الجنود الإسرائيليين خلال المعارك العنيفة التي دارت في التاسع من حزيران.«لقد كان تل فخار نقطة قوية في خط الدفاع السوري، وهو عبارة عن مرتفع صغير يبعد ميلين إلى الجنوب من بانياس، وميلين إلى الشرق من مستعمرة "دان" ويشرف على سهل الحولة، وقد كان السلاح الرئيسي في الموقع مدفعاً مضاداً للدبابات موجود في حصن في المرتفع 350.لقد بدأ الهجوم الإسرائيلي على التل يوم التاسع من حزيران، وكانت القوات المهاجمة مؤلفة من الدبابات ووراءها المشاة المحمولة، ولكن دبابات السوريين المركزة إلى جوار الموقع أوقفت تقدم الدبابات الإسرائيلية، وبعد ساعات من القتال المرير لم يحرز المهاجمون نجاحاً يذكر.لقد قاتل السوريون بضراوة، ولما كان تل الفخار ليس إلا واحداً من عدة نقاط سورية قوية، فإن القتال على الجبهة السورية كان أعنف ما جرى، وكانت خسائر إسرائيل أفدح مما تكبدته خلال المعارك كلها».وتحدثت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في عدد 6 تموز عام 1967، بعد شهر تقريباً من المعركة، عن الخسائر الكبيرة التي وقعت في صفوف الإسرائيليين نتيجة القتال والتضحية الكبيرة التي قدمها رجال القوات المسلحة السورية في ذلك الموقع فذكرت: «سقط معظم قادة لواء جولاني، الذين أوكل إليهم أمر مهاجمة تل الفخار، صرعى.. لقد أوضح هذه الحقيقة الرائد زوهر مساعد قائد الكتيبة التي هاجمت الموقع.. وقد جرح هذا الضابط في رقبته أثناء المعركة ذاتها، وتحدث ضابط إسرائيلي برتبة مقدم عن معارك الشمال على مواقع تل العزيزيات وتل الفخار وبرج بابل فقال: بدأت المعركة في التاسع من حزيران، وكان على اللواء جولاني أن يتقدم خلف اللواء المدرع لاحتلال تلك المواقع، غير أن نيران المدفعية السورية ضربت الرتل ضرباً شديداً، وتحملت الأفواج خسائر فادحة، وقتل معظم القادة ومنهم المقدم "موشى كلايت" قائد أحد الأفواج، والرائد ألكسندر كريسكي، والنقيب ميخا، والنقيب شلومو سيجال، وجرح الرائد زوهر في رقبته.. لقد حارب السوريون في هذا القطاع جيداً وكانت نيرانهم توجه بدقة كما أن مدفعيتهم كانت دقيقة أيضاً واستطاعو أن يجمدوا حركة التقدم...».وكتبت جريدة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مطولاً عن معركة تل فخار وذلك في عدد 4/8/1967 فقالت: «لقد عرف السوريون أهمية هذا الموقع واهتموا بحمايته، وكان يحمي سفوحه الغربية تل العزيزيات الواقع على الحد الأمامي، وموقعي برج بابل والبحريات من الخلف، كما كان يحميه من الشمال تل أحمر، وخلفه تقع مواقع زعورة وعين فيت المحصنة... كان على رأس الرتل الذي هاجم التل لواء مدرع مشكل من سلسلة طويلة من الدبابات والعربات المدرعة امتدت على طول عدة كيلومترات من مدخل كفار سولد وحتى سفوح التل، وخلف الدبابات تحركت الناقلات المدرعة التي تحمل وحدات المشاة من لواء جولاني... بدأت الهاونات السورية قصفها بدقة نادرة وكانت نيرانها كثيفة ومتواصلة، وأصبح الالتفاف من خلف التل مستحيلاً وكانت إصابات المدرعات كبيرة وصدر أمر إلى النقيب "أهرون" أن يتقدم في الطليعة ومعه سبع ناقلات مدرعة، لكنها أصبحت ثلاث ناقلات فقط بعد لحظات، فاضطر الجنود إلى مغادرتها والالتجاء إلى الأرض، وبعد ذلك تفرعت القوات المهاجمة إلى محوريين في محاولة للالتفاف على مجنبتي الموقع الشمالية والجنوبية، ولقد دارت المعركة في الجزء الشمالي من تل الفخار بضراوة وفي بحر من الدماء حيث سقط قتلى كثيرون مما اضطر قائد الوحدة إلى طلب النجدة، فتقدمت مصفحة فيها جماعة مشاة كاملة للنجدة ولكن الجنود أصيبوا جميعاً وقتل منهم ثلاثة في الحال».«وأوشكت الذخيرة على الانتهاء، ولكن السوريين استمروا في القصف، وحاول القائد الذي كان يستلقي في الخندق قرب جثث خمسة عشر قتيلاً وجريحاً أن يرفع يده وفيها جهاز اللاسلكي ولكن قذيفة سورية جاءت وبترت يد القائد الذي يحمل الجهاز، وحاول البقية الاتصال بالوحدات الأمامية ولكن دون جدوى بسبب التشويش، حاول النقيب "مردخاي" التقدم للمساعدة ومعه ثلاث ناقلات مدرعة باتجاه الجزء الشرقي من الهدف الجنوبي، وعند مشارف التل دمرت ناقلتان مدرعتان إذ أن النار السورية المركزة إلى قلب الحفر التي اختبأ فيها الجنود الإسرائيليون قد حولت إلى المدرعات، وكانت نيران السوريين الرئيسية تنطلق من الجزء الشمالي من الهدف ومصدرها مدفع عديم التراجع كان يقذف القنبلة إثر القنبلة، وحتى هذه اللحظة كان السوريون قد ردوا موجتين من موجات الهجوم، وحاولت موجة ثالثة اقتحام الموقع ولكنها لم تنجح وهنا توقف التقدم نهائياً والمهمة لم تنفذ بعد، وكان قادة الهجمات قد قتلوا كلهم وارتفع عدد القتلى والجرحى إلى المئات.لقد حارب السوريون بضراوة، واستمروا في الانقضاض والرمي وإلقاء القنابل اليدوية، واضطر المهاجمون المتفوقون عدداً موجه إثر أخرى إلى القتال بأعقاب البنادق وبالمسدسات وبكل شيء في سبيل احتلال هذا الموقع... وهكذا دارت معركة تل الفخار».لقد احتل العدو الإسرائيلي موقع تل الفخار في حوالي الساعة السادسة والنصف مساء يوم 9 حزيران بعد قتال أربع ساعات أسفر حسب معلومات العدو عن قتل 30 جندياً إسرائيلياً وجرح 70 آخرين وتدمير عدة دبابات وناقلات مدرعة مقابل /60/ شهيداً سورياً. وهكذا كان موقع تل الفخار أمثولة للمواقع السورية المدافعة والتي لو تهيأت له فرصة قتال العدو وخوض المعركة القريبة بالتماس معه لما تمكن العدو من احتلال الجولان، ولكن لأن هذه الحقيقة يعرفها العدو فقد اعتمد في معاركه على سلاح الطيران وعلى أسلوب القتال عن بعد


 

 

معركة موقع الجليبينة

 

فيلم تسجيلي عن المعركة

 

الجليبينة هي قرية عربية سورية تقع على سفح يشرف على سهل الحولة من الشرق، وهي أيضاً موقع عسكري يقع في القطاع الأوسط من الجبهة السورية ويشكل نقطة استناد أمامية تحمي مجنبة الطريق الرئيسية الممتدة من القنيطرة إلى جسر بنات يعقوب، وقد عززت هذه النقطة قبل عدوان الخامس من حزيران نظراً لأهميتها.وفي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم التاسع من حزيران، وبعد أن ركز العدو قصفه الجوي والمدفعي على موقع الجليبينة والمواقع المجاورة له لمدة ساعتين صباح يوم 9/6، هاجم العدو موقع الجليبينة بكتيبة دبابات تدعمها كتيبة مظليين، فصدت قوات الموقع هجوم العدو وأوقعت به خسائر كبيرة. الأمر الذي دفع العدو إلى إعادة التجميع وتكرار المحاولات الهجومية مرتين في ذلك اليوم بعد التمهيد المدفعي والجوي، وقد كشفت قواتنا محاولات العدو التسرب ليلاً والتقدم باتجاه الموقع فأخلت الموقع، وعند وصول العدو إليه شنت باتجاهه هجمة جانبية مفاجئة أوقعت به عدة خسائر واضطر إلى الانكفاء والانسحاب من الموقع بعد احتلاله، وبقي موقف قواتنا المدافعة صامداً على هذا الاتجاه ولم يتمكن العدو من فتح محور جسر بنات يعقوب - كفر نفاخ.وقد وصف الصحفي الإسرائيلي "صموئيل سيجيف" في كتاب له عن حرب حزيران معركة الجليبينة بقوله: «لقد اضطر الإسرائيليين إلى زج أفضل وحداتهم تدريباً في هذا الموقع الذي سد عليهم التقدم عبر القطاع الأوسط»، وتبين خريطة العمليات الإسرائيلية المنشورة في الكتاب نفسه أن القوات التي هاجمت موقع الجليبينة كانت مكونة من عدة وحدات من الدبابات والمظليين، وأن القوات السورية قد قاتلت ببسالة وشجاعة كبيرة وصدت محاولات العدو لاحتلال المواقع الأمامية في القطاعين الأوسط والجنوبي.


 

نتائج الحرب وأهم الدروس المستفادة منها

وتم تهجير أعداد كبيرة من السكان العرب من الأراضي المحتلة، بلغت حسب إحصائيات الأمم المتحدة نحو مئة ألف سوري ومصري، ونحو (300) ألف فلسطيني.لقد حققت نتائج الحرب لإسرائيل مزايا عسكرية كثيرة، فبعد احتلال سيناء ازداد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي نحو 200 كم، فأصبحت جميع الأغراض الحيوية الإسرائيلية خارج مدى المدفعية المصرية، وفي الوقت نفسه أصبحت مدن قناة السويس ومصافي البترول واقعة في منطقة الرمي المجدي للمدفعية الإسرائيلية، كما أصبحت شبكة الإنذار الجوي الإسرائيلي أكثر فاعلية، وشكلت قناة السويس والممرات في سيناء عوائق طبيعية جيدة لتنظيم دفاع إسرائيلي فعال عن سيناء، كما امتلكت البحرية الإسرائيلية حرية الإبحار باتجاه البحر الأحمر وخليج السويس، وبدأت إسرائيل باستثمار حقول النفط المصري في سيناء بأقصى طاقتها.وباحتلال الضفة الغربية ازداد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي نحو 60 كم، وأصبح السهل الساحلي المركزي، الواقع بين حيفا وتل أبيب، والذي لا يتجاوز عرضه 20 كم، خارج مدى المدفعية الأردنية، حيث يعيش في هذا السهل 75% من سكان إسرائيل، وتقام فيه 70% من المنشآت الحيوية الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه أصبحت معظم مدن المملكة الأردنية في الضفة الشرقية ضمن المنطقة التكتيكية (عمان 35 كم)، كما ساعدت العوائق الطبيعية المتشكلة من نهر الأردن والبحر الميت، ومرتفعات الضفة الغربية على تنظيم دفاع إسرائيلي فعال عن الضفة الغربية، وتقصير خطوط الدفاع الإسرائيلية السابقة، وبدأت الشركات الإسرائيلية باستثمار الأراضي الصالحة للزراعة في وادي الأردن، وإسكانها، وتشغيل المعامل الأردنية التي كانت قد أنشأت على شاطئ البحر الميت.وباحتلال مرتفعات الجولان زاد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي نحو 25 كم، وأصبحت الأغراض الإسرائيلية الحيوية في وادي الحولة خارج مدى المدفعية السورية، وفي الوقت نفسه أصبحت القوات الإسرائيلية تشرف على مداخل دمشق (قمة جبل الشيخ على مسافة 50 كم منها)، وبذلك أصبحت دمشق العاصمة العربية الثانية، بعد عمان، واقعة ضمن المنطقة التكتيكية -العملياتية، كما وفرت مرتفعات الجولان المشرفة على محيطها، للقيادة الإسرائيلية ميزة تخطيط مناورات التفاف وتطويق بعيدة المدى ضد المجنبات السورية، باتجاه جنوب سورية والأردن، أو باتجاه دمشق وحمص عبر الجنوب اللبناني، وساعدت سلسلة جبل الشيخ التي يصل ارتفاعها إلى نحو ثلاثة آلاف متر، على إنشاء مراكز استطلاع ورصد إلكترونية ومقرات سيطرة جوية إسرائيلية تغطي الأجواء السورية والأردنية واللبنانية، كما تغطي أجواء القسم الشرقي من البحر الأبيض المتوسط ضمناً جزيرة قبرص، أما خط المرتفعات شمال وجنوب القنيطرة فقد ساعد إسرائيل على إنشاء خط دفاع حصين ومشرف، يؤمن السيطرة على منطقة روافد نهر الأردن في الأراضي اللبنانية والأردنية، تلك الروافد التي كانت الأطماع الإسرائيلية بضمها أحد الأسباب في تأزيم الموقف قبل نشوب الحرب.ونظراً لهذه الميزات الاستراتيجية التي وفرتها مرتفعات الجولان لإسرائيل ولكون إسرائيل قد نجحت في إخلاء معظم الأراضي من مواطنيها قسراً عام 1967، فقد أعلنت إسرائيل ضمها، وطبقت عليها القوانين الإسرائيلية في محاولة لعرقلة أية تسويات بشأنها مستقبلاً.أما النتيجة السياسية للعدوان فقد جاءت على عكس ما ترغبه إسرائيل، إذ توحد الموقف العربي ضد إسرائيل على قاعدة رفض الاعتراف بها والمفاوضات معها، وتعززت علاقة العرب مع الاتحاد السوفييتي، وقطعت العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وبرز بوضوح دور منظمة التحرير الفلسطينية على المستوى المحلي والدولي كحركة تحرير للشعب العربي الفلسطيني.وكان من أهم الدروس المستفادة التي استخلصتها القيادات العربية من هذه الحرب ما يلي:

(1) ضرورة وجود صياغة صحيحة ومنطقية لهدف الحرب، بحيث يكون هذا الهدف مقبولاً لدى المجتمع الدولي، ووفق ما تسمح به الإمكانيات القتالية العربية، وقد اتفق العرب بعد هذه الحرب على أن يكون هدفهم: تضافر جميع الجهود لإزالة آثار العدوان على أساس أن الأراضي المحتلة أراضي عربية يقع عبء استردادها على الدول العربية جمعاء(39).

(2) ضرورة تحييد سلاح الجو الإسرائيلي في الحرب المقبلة عن طريق بناء شبكة دفاع جوي واسعة ومتطورة، وبناء أسلحة طيران عربية قوية.

(3) ضرورة صد هجوم سلاح المدرعات الإسرائيلية، وإيقاع خسائر كبيرة به، وذلك عن طريق بناء أسلحة مدرعات عربية قوية، وتقوية جهاز الدفاع المضاد للدبابات باستيعاب المزيد من الأسلحة م/د المتطورة.

(4) رفع مستوى تدريب وإعداد القوات لخوض الحرب.

(5) السعي لتحقيق المفاجأة الاستراتيجية التكتيكية بغية تحرير القسم الأعظم من الأراضي المحتلة قبل تعبئة الاحتياط الإسرائيلي.

وفي حزيران 1967 دعيت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى دورة طارئة بناء على طلب الاتحاد السوفييتي، تم خلالها إدانة العدوان الإسرائيلي من قبل غالبية دول العالم، وقد عبرت إسرائيل عن عدم اكتراثها برأي المجتمع الدولي، وأعلنت أثناء الجلسة المنعقدة في 27 حزيران تطبيق قوانينها على القدس واعتبارها مدينة موحدة.وفي اليوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني 1967 اتخذ مجلس الأمن قراره رقم (242)، الذي جاء في مقدمته عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، كما نص القرار على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة وحق كافة دول المنطقة في حدود آمنة، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن إسرائيل رفضت كافة المبادرات الدولية لتنفيذ هذا القرار، وهكذا لم يكن أمام العرب من خيار سوى استخدام القوة لتحرير أراضيهم فكانت حرب الاستنزاف ضد القوات الإسرائيلية والتي تواصلت حتى حرب تشرين التحريرية عام 1973.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech