Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر
  • تعريف بالمجموعة و أعضاءها

     مؤسسة مؤرخي مصر للثقافه ( المجموعة 73 مؤرخين ) المشهرة برقم 10257 لسنه 2016  المجموعه 73 مؤرخين ، مؤسسه ثقافيه للتأريخ والابحاث التاريخيه نشأت عام 2008 - وهي عباره...

    إقرأ المزيد...

بطل الشهر

بطل الشهر /  العميد يسري عمارة 

 

 

الــصـفـحـة الـرئيسيــة

البطل المقاتل محمد خضيري

    

عاشت مصر فترة من أصعب فترات تاريخها ، بين عامي 1967م ، و1973م ، وفما بين الألم والأمل عاش بطلنا محمد خضيري تلك السنوات الست ، مجنداً في القوات المسلحة . وفي هذا اللقاء ، يقص علينا لمحات من مشوار حياته ، وبطولاته خلال تلك الفترة .

     ولدت في شارع أحمد عرابي، بمدينة السويس الباسلة ، في ديسمبر من عام 1946م . وانضممت للجيش في أكتوبر 1966م ، وكان تجنيدي في التل الكبير ثم تم توزيعي لمعسكرات الجيش في منطقة "مشعل" بحي الهرم ، في القاهرة .

     ولأني كنت أجيد لعب كرة القدم ، فقد تعرفت أثناء تواجدي في المعسكر على أحد زملائي الذين كانوا يلعبون في فريق "اتحاد السويس" ، فأخذني معه ، وبعد أن لعبت مباراة لديهم ، طلبوا مني أن أحضر مخلتي ( حقيبة المهمات الشخصية العسكرية ) حتى أنضم لاتحاد الكرة بالقوات المسلحة .

نكسة 1967 م :

       بعد فترة قصيرة من انضمامي للسرية الرياضية بالقوات المسلحة ، توقف نشاط الكرة في مصر كلها فجأة ، وقيل لنا إن الاتحاد سوف يتم إيقاف نشاطه مؤقتاً ، وتم إرسالنا لسيناء . ولم نكن نعرف ما الذي يحدث ؟!!       

وتلقينا في سيناء ، فرقة تدريب على الاستطلاع ، ثم انطلقنا إلى منطقة في العمق تسمى جبل خرم ، وبينما نحن نتدرب على كيفية فك وتنظيف وإعادة تركيب البندقية الآلية 7.62×39 مليمتراً - في طابور على شكل مربع ناقص ضلع - صباح يوم 05 يونيو 1967 م ، إذا بطائرات إسرائيلية تمرق من فوقنا باتجاه الغرب .

     ولم نستطيع لحظتها التمييز : هل تلك الطائرات مصرية أم إسرائيلية ؟ إلى أن وجدنا سيارات عسكرية مصرية تأتي مسرعة من الشرق إلى الغرب ، في اتجاه الممرات . ثم وجدنا قائد كتيبتنا ينادي علينا ، أن نركب سيارات الكتيبة ، وننطلق أيضاً في نفس الاتجاه . ثم ظهرت طائرات الصهاينة مرة أخرى ، ولكنها لم تكن عابرة في تلك المرة ، وإنما تستهدف القُول ( طابور الآليات ) الذي نسير فيه ، وبدأت بقصف أول القول ، ونهايته ، ووسطه ، لإيقافـنا .

     وتأكدنا أنها طائرات معادية ، وبدأنا مع كل غارة ، نقفز بعيداً عن السيارات ، ثم نعود للركوب بعد انصرافها ، وهكذا ، لدرجة أنني أصبت من ارتطام الخوذة في رأسي ورقبتي ، أثناء تكرار النزول والصعود مرة بعد مرة ، ففضلت التوجه لأحد الجبال القريبة أنا وزميل لي . وهنالك رأينا جندياً من الصاعقة ، مصابًا في ذراعه ، ونفسيته منهارة مما حدث ، فكلما اقتربنا منه أنا وزميلي ، ابتعد عنا خوفًا منا . وكانت الرمال قد دخلت حول أقدامنا في البيادات ( الأحذية العسكرية ) - مع الجري والسير لمسافات طويلة - فمزقت الشرابات ، كأنها نوع من الصنفرة الخشنة ، وأحدثت بأرجلنا جروحاً عميقة نازفة ومؤلمة إلى درجة لا تكاد تُطاق . حتى وصلنا بعد فترة ، إلى طريق أسفلتي ، وظهرت أمامنا سيارة تابعة للجيش فأشرنا لها فتوقفت . وصعدنا على متنها ، فوجدناها تحمل مهمات عسكرية ، وطلب منا ركابها في المقصورة ، أن نخبرهم إن ظهرت طائرات العدو مرة أخرى ، ولكن الله سلّم ، حتى وصلنا إلى الضفة الشرقية للقناة عند الشلوفة .

     وأذكر أننا وجدنا الكثير من القيادات أصحاب الرتب العالية في انتظارنا هناك ، وقاموا بتشجيعنا وطمأنتنا ، مستخدمين عبارات مثل "لا يوجد مشكلة إن شاء الله يا أبطال" ، وقاموا بتوزيع التعيينات الخفيفة علينا من سجائر وبسكويت ، وجنيهٍ واحدٍ لكل منا ، ثم عبرنا بالمعديّة إلى الضفة الغربية للقناة ، فوجدنا أحد الضباط مصاباً بشظية ومحمولا في إحدى سيارات الجيش ، ورفاقه فيها يبحثون له عن أقرب مستشفى ، فأخبرتهم أنني من السويس وأعرف المستشفيات هناك فوافقوا أن أركب معهم لإرشادهم .

     وانطلقنا جميعاً باتجاه السويس ، والحمد لله أن سلاحي والجربندية كانا معي كاملين ، وحينا وصلنا لمستشفى السويس العام ، قمت بتسجيل اسمي ، وسارعت إلى المنزل لأطمئن والدتي وإخوتي ، وسألتني والدتي عن اثنين من إخوتى كانا منضمين للجيش أيضًا في نفس الفترة ، وكان تجنيد أكبرِهِما في سلاح المدرعات ، والآخر في سلاح المشاة ، فأجبتها بأني لا أعرف أي أخبار عنهما ، غير أن أحد تشكيلاتنا المدرعة ، كان متمركزاً بجوارنا في سيناء ، وأن أغلبهم كانوا مصابين ، من جرّاء قصف الطيران الإسرائيلي لهم بالنابالم .

       بقيت أفكر في أخواي ولا أعرف ماذا أفعل ، حتى وصل أولهما سالمًا بعد أيام ، ثم تلاه الآخر سالماً أيضاً بحمد الله ، بعدها بأيام أخر . وظللت أذهب للمستشفى يوميًا بعدها للتوقيع في كشف ( قائمة ) الموجودين ، واستلام بون ( تذكرة ) التعيين ، وفي أحد الأيام عندما ذهبت لأقوم بالتوقيع وإثبات تواجدي ، حتى جاءت التعليمات من وزير الحربية ، أثناء زيارته لمدينة "بورتوفيق" بسفر جميع الأفراد ، الأصحاء ، والمصابين جميعاً ، بالقطار إلى القاهرة .

       وبعدما ودعت أسرتي ، أخذت مِخلَتى ( الجربندية ) من المنزل . وذهبت إلى محطة القطار ، حيث تسلمنا أفرولاً جديداً ، وجنيهاً واحداً لكل منا ، في حضور وزير الحربية شخصياً ، ثم تحرك القطار بما فيه من الأصحاء ، والكثيرين من المصابين والمرضى ، إلى أن وصلنا منطقة "الهايكستب" العسكرية . وأذكر أن معنويات الجنود كانت منخفضة جدًا ، وأغلبهم غير مستقرين نفسياً . ولأن منطقة الهايكستب قريبة من المطار ، فكانت تسري بينهم حالة من الذعر مع كل صوت لصعود أو هبوط طائرة ، ويصرخ البعض منهم "طيران! ، طيران!" ، حتى رأيت بعض الضباط يبكون على الحالة التي وصل إليها جنودهم .

     جاءتنا الأوامر بعد عدة أيام في الهايكستب ، أن يتوجه غير المحتاجين لعلاج طبي إلى وحداتهم ، ووجدنا في انتظارنا سيارات تابعة للأهالي ، وليست تابعة للجيش - قد تمت دعوتهم للمساهمة في المجهود الحربي - كي تنقلنا لوحداتنا . وسألنا السائق إن كنا نعرف أماكن وحداتنا ، فأجبناه بنعم ، وأننا نحن الستة من نفس الوحدة وصعدنا إلى السيارة وانطلقنا إلى هناك . ورأيت بعد وصولنا أن مزيداً من زملائنا لديه نفس الهزة النفسية التي رأينا مثلها في الهايكستيب وكان أحدهم شاويشًا اسمه فتحي ، يقوم ويصرخ طيران طيران ويمسك ما يجده في متناول يده ، من خشبة أو بندقية ، وكأنه يطلق النار على الطائرات ، لدرجة أن أحد زملائنا من الجنود قام بضربه في إحدى المرات لإسكاته

     وبعد أن هدأت نفسيات الجنود واستقرت ، انتقلنا في نفس السنة إلى بورسعيد ، عند الكيلو 10 ، وكنت أنا شخصياً أتنقل بين النقاط على خط قـناة السويس ، من بورسعـيد ، إلى الاسماعيلية عند المعـديِّة نمرة ( رقم ) 06.

     واستمريت أنا وزملائي نعمل في المراقبة البصرية لمواقع العدو ، على الضفة الشرقية للقناة. وكنا نفعل ذلك من فوق أبراج للملاحظة بالنظر أنشأتها إدارة الاستطلاع التابعة للمخابرات الحربية ، وكنا نتناوب أنا والعديد من زملائي على النقاط ، في البلاح ، والكاب ، والمعدية نمرة 06 . وكنت أصعد لأعلى البرج بطريقة بدائية ، وكان البرج نفسه بدائيًا ، بينما كانت الأبراج الإسرائيلية على العكس من ذلك ، آلية متطورة ، وكل برج مزود بمصعد للمستخدمين ، كما يمكن إمالة البرج نفسه - آلياً أيضاً - جهة القناة ، لاستطلاع أكبر مدى ممكن على الضفة الغربية ، وإعادته للخلف مرة أخرى ، لحمايتهم عند حدوث تراشق نيراني أو ما شابه . بينما كنا نحن نسارع بالقفز من أعلى البرج إلى الأرض في مثل تلك الحالات .

    

وكانت أبراجنا تقف ما بين ساتر ترابي صغير على طول ضفة القناة ، وشارع أسفلتي خلفنا تليه تُرعة للمياه العذبة . وكانت نوبتي تستمر على البرج بين ساعتين وثلاثة ساعات ، ثم يقوم أحد زملائي بالتبديل معي لأستريح وهكذا .

     وأذكر أن اليهود كان كثيرون منهم عرب ، ويحاولون الحديث معنا عبر القناة للتأثير علينا نفسياً ، باستخدام عبارات مثل "إن الأهل يحتاجونك والأبناء والإخوة" ، أو "إن الوضع القائم سيظل إلى الأبد ، وأي حرب جديدة ستكون خسارة أخرى على مصر" .. إلخ .

     وكانت ملاجئنا بدائية كذلك ، وغير مجهزة ، و كانت حين يعلو منسوب المياه في القناة نهاراً بتأثير حركة المد ، تغمر أرضياتها المياه المالحة ، ونظل نحاول كسحها ، وطمر الأرضية برمال جديدة جافة ، حتى نستطيع النوم عليها .

وكان من أهم مهامنا في الاستطلاع ، معرفة أنواع الطائرات الإسرائيلية المحلقة في الأجواء المحيطة ، والآليات التي تظهر أمامنا على الضفة الشرقية ، وذلك بعد أن تلقينا دورات عديدة في التمييز بينها . وكنا أيضاً نحسب المسافات التي تقطعها آليات العدو في الدوريات ، والزمن المستغرق في قطعها ، وعدد الجنود والضباط في الدورية ورتبهم وتسليحهم بوصف دقيق شامل وكامل .

     وكان محللوا المعلومات في قيادة القوات المسلحة ، يحصلون على صورة كاملة عما يجري على الضفة الشرقية للقناة من تجميع معلومات كل نقط الاستطلاع معاً ، مما يتيح اتخاذ القرارات الصائبة عند التخطيط لعمليات قواتنا داخل خطوط العدو أثناء حرب الاستنزاف ، وغير ذلك .

     كانت قوات الصاعقة تتدرب في مناطق مجاورة لنا ، وكنا نشعر بسعادة بالغة مع كل عملية عبور يقومون بها ، لأننا كنا سببًا في توفير المعلومات لهم ولنجاح العملية . وكنا نحضر معهم دروساً ومحاضراتٍ دينية ، يلقيها علينا مشايخ فضلاء من علماء الأزهر الشريف ، بترتيب من إدارة التوجيه المعنوي . بينما كان الإسرائيليون - في أيام السبت - يقيمون حفلاتٍ ترفيهية ، يمارسون فيها كل ما هو مباح وغير مباح ، على مرأىً ومسمعٍ منا ، محاولين إضعاف نفسياتنا ، والتأثير سلباً على روحنا المعنوية .

       وفي أحد الأيام من عام 1968م - وعلى غير العادة - وجدنا حركة غير عادية لشاحنات إسرائيلية ، تقوم بإنزال مواسير من الحديد على الضفة الشرقية ، وكنا نسجل ذلك في تقاريرنا وقتها ، ولا نعلم فيم ينوون استخدامها ، ثم علمنا تالياً أنها مصممة كمصبات يضخون منها هُلام النابالم - رغم أنه محرم دولياً - ليطفو مشتعلاً على سطح القناة ، إذا حاولنا عبورها ، وأنهم قد بدأوا في بناء خط "بارليف" الشهير .

       وأذكر أثناء حرب الاستنزاف ، أنه جاءتنا كتيبة كويتية ، لترابط معنا ، ولكنهم عادوا من حيث أتوا بعد أسبوعين ، لمّا فوجئوا أن هنالك بين الحين والآخر ، غارات إسرائيلية تحدث علينا ، وتراشق نيراني بيننا وبين الصهاينة ، جعلتهم يقولون إنهم يعيشون في جحيم ، رغم أنهم كانوا مزودين بتجهيزات على مستوى عالٍ من الرقي والرفاهية ، لدرجة أنه كان لديهم طباخون متخصصون لخدمة الكتيبة ، فطلبنا من قياداتنا نقلهم ، بعدما تبين أنهم عامل إضعاف لروحنا المعنوية . وأذكر أن التعيين لديهم ( الطعام والشراب ) كان على مستوى الفنادق ذات الخمسة نجوم ، بعكس التعيين البسيط لدينا . حتى أننا كنا أحياناً ، نطبخ طعاماً إضافياً داخل الوحدة ، بالجهود الذاتية ، خلال فترات وجودنا على الجبهة . أما فترات وجودنا داخل نطاق مدينة بورسعيد ، فكنا نشتري لأنفسنا طعاماً من داخل المدينة .

       وكانت خدمتنا على خط القناة تستمر لخمسة عشر يوماً متصلة ، بدون إجازات ، ثم ننزل بعدها إلى بورسعيد للراحة ، خمسة عشر يوماً أخرى ، وعند العودة للجبهة ، نخدم في نقطة مختلفة عن الأولى .

حرب رمضان / أكتوبر :

     فوجئنا بالرئيس السادات رحمه الله ، قبل المعركة بأشهر قليلة ، يصرح أنه قرر تسريح ثلاث دفعات متتالية من المجندين بمسميات "أسد ، ونمر ، وصلاح" ، توفيراً للنفقات . ولم نكن نعلم طبعاً وقتها أن حرباً على الأبواب . وقد سلّموا كل واحد منا وقتها ، جربندية ( حقيبة عسكرية من القماش السميك ) بها أوفرول ( سترة عسكرية ) ، وملابس داخلية ، وجوراب ، لنقوم بتسليمها في أقسام الشرطة التابعين لها ، عند رجوعـنا لمحال إقامتنا الأصلية ، على أن نعود لاستلامها من هناك مرة أخرى ، في حال استدعائنا بأي وسيلة نداء ، سواء كانت الإذاعة المصرية ، أو غيرها .

   وخرجنا كلٌ إلى محافظته وبلدته في شهر يوليو 1973 م ، وتم تعييني أنا وزملائي من البلدات المجاورة ، بشركة تابعة لقطاع الأعمل الحكومي بمسمى "إسكو" ، في مدينة شبرا الخيمة ، حيث كنت أنا وأسرتي نسكن كمهجّرين من السويس هناك . وأظن أن تم تعييننا هناك ، ليكون من السهل استدعاؤنا أنا وزملائي عند الحاجة ، وكان راتب التعيين في إسكو وقتها لا يزيد عن ستة جنيهات ، فكان لا يكاد يكفينا ، ولكن الله سبحانه وتعالى كان معنا دائماً بستره وعنايته .

     وفوجئنا باستدعائنا بعد التحاقنا بالوظيفة الجديدة بشهر واحد ، وفي صباح يوم 06 أكتوبر ، بعد شهرين تقريباً من عودتنا للوحدات ، أخبرونا أن لدينا مشروع حرب في منطقة تسمى "المثلث" في مدينة القنطرة غرب . وحين وصلنا إلى هناك ، كانت كل السيارات متوقفة في نظام ، وكأنه مشروع حرب عادي . ولم يفاجئنا ، إلا إرعاد الطيران المصري ، وهو يمُّر كالصواعق المتوالية على ارتفاع منخفض جدًا فوق رءُوسنا ، لدرجة أنه أثار الرمال من حولنا .

   وحين صدرت الأوامر بركوب السيارات ، وعلمنا أننا سنحارب ، وانطلقت بنا السيارات فعلاً إلى القناة ، انطلقت صيحات الله أكبر من حناجر الرجال ، ولها وقعٌ وصدىً قويٌ في النفوس ، فكانت دافعًا معنويًا عظيمًا للجميع .

       ومع بدء ملحمة العبور بالقوارب ، والكباري العائمة ، والمعديات ، اختلطت في داخلي مشاعر الفرحة بعدم التصديق ، وأفقت وأنا أعبر بالفعل على السيارة التي نركبها أنا وزملائي المقاتلين ، باتجاه الضفة الشرقية للقناة .

     وأذكر جيداً أن سيارتنا كانت سيارة استطلاع صغيرة "جيب" ، ويجلس في مقعديها الأماميين ، حكمدار وسائق ، بينما أجلس أنا وزميلي "السيد دهشان" بجواري في الخلف ، وطلب مني الحكمدار إحضار أجندة ( كراسة ) للرائد سامي ، فنزلت من السيارة لكي أحضرها ، وعند عودتي بالأجندة ، كانت السيارة قد وصلت بالفعل إلى الضفة الشرقية ، ولكن أصابتها قذيفة معادية ، استشهد على أثرها زميلي الدهشان رحمه الله ، وأصيب زميلنا السائق بجرح قطعي في يده ، ولم يصب الحكمدار بحمد الله ، ولكل أجل كتاب .

      

وحين تمركزت قوات المشاه بالفعل في أماكنها الجديدة داخل سيناء ، بعد أن اجتياح خط بارليف ، تلقت عناصر الاستطلاع الأوامر بالتقدم أمام قواتنا إلى الخطوط الأمامية ، للاستطلاع والتمهيد لها ، في حالة صدور الأوامر بتطوير الهجوم .

     كان تسليح عناصر الاستطلاع عبارة عن رشاشات قصيرة أو خفيفة كحد أقصى ، وكانت التعليمات لدينا ألا نستخدمها أبدًا ، إلا إذا اضطررنا حتمياً للاشتباك ، وكنا كلما تقدمنا أمام قواتنا في اتجاه الشرق ، نرى أننا نستطيع التقدم أكثر وأكثر ، حتى ظننت أننا سوف نصل إلى تل أبيب ذاتها .

     إلا أن الأوامر جاءت فجأة بوقف القتال ، بعد أن استطاعت وحدات من الصهاينة عبور قناة السويس عكسيا إلى الضفة الغربية ، فيما عرف لاحقاً بـ "أحداث الثغرة" ، فتأثرت الروح المعنوية لقواتنا سلبياً ، بعد أن كانت تغمرنا مشاعر الثقة والانتصار . وظللنا في مواقعنا بعمق سيناء حتى اكتملت ترتيبات وقف إطلاق النار ، وانتهت فترة تجنيدي عند ذلك .

       وبعد خروجي من التجنيد ، قررت العودة للسويس ، وكانت وقتها لا تزال غير مسموح بدخولها إلا بعد الحصول على تصريح أمني من المخابرات الحربية ، وعملت هناك في شركة السويس لتصنيع البترول ، مدة عام واحد ، ثم تركتها للعمل ضمن مشاريع إعادة الإعمار ، في مهنة البرادة واللحام ، ويشرفني أنني اشتركت في إنشاء خط أنابيب شركة سوميد لنقل الغازات البترولية ، والبترول .

     وختاماً ، لا يسعنا إلا أن نجدد شكرنا لبطلنا / محـمـد خضيري ، كواحد من أبطال جيشنا الباسل - كلمّا جددنا حمدَ الله تعالى - على ما حققوه لمصرنا الغالية من عـز ونصر ، لم نزل نعيش في ظلالهـما ، إلى الآن ، فالشكر والعرفان لأولئك الأبطال ، والحمد لله تعالى .

* * * * *

تسجـيــل وتفــريغ : أستاذ / يحـــيـــــى مصــــطـــــفى .

مراجـعة لغــويــة : أستاذ / أحـمد مـحـمـد إمـــــــــــام .

                 : مهندس / عبد الناصر محمد المرابط .

مراجعة تاريخية : المـجـــمــوعــــة 73 مــؤرخـــيـن .

 

Share

مـعـرض الـوثـائـق

مـعـرض الـفـيـديـو

Youtube

Cannot Connect to Youtube Server


Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server

   

 

  

زوار اليوم
زوار امس
زوار الاسبوع
زوار الشهر
اجمالى الزوار
4281
4492
25583
80931
34993419

معرض الصور

المتواجدون حاليا

55 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

اتصل بنا

الراسل 
الموضوع 
الرسالة 
    
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech