Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

العميد محمد عبد المنعم يوسف - الفصل الثالث

 

الفصل الثالث

 

تطوير الهجوم شرقا والأستيلاء على أرض جديدة…

ومع مشرق يوم الاثنين الثامن من أكتوبر بدأ طيران العدو بطلعاته المعتادة المتكررة والتي تعودنا عليها وتطعمنا ضدها وأخذت طائرات العدو تتساقط الواحدة تلو الأخرى ولم تصب قصفات الطيران أي وحده فرعيه من الكتيبة بل كانت تلك القصفات تسقط بعيده عن أي هدف تنوى تدميره وذلك بفعل شده نيران وصواريخ سلاح الدفاع الجوى الذي جعل الطيارين الإسرائيليين في حاله ذعر مستمر.وبدأ الأفراد في تناول أول وجبه طعام مما  كان معهم من التعيين الجاف وكانت هذه أول وجبة يتناولونها منذ بدء سير العمليات الحربية وكل فرد رابض في موقعه يده على سلاحه واليد الأخرى تتناول الطعام وكانت الاشتباكات مستمرة من على أجناب الكتيبة وفى حوالي الساعة الواحدة ظهرا كانت بعض عربات الصواريخ المحملة على عربات تقذف من خلفنا مباشرة على مواقع العدو.وظل الحال على هذا المنوال مواقع العدو مشتعلة فيها النيران وقواتنا متدفقة بغزارة من أفراد ومعدات ومركبات إلى الضفة الشرقية ومازالت مدفعيتنا تدك في الموقع الحصين الموجود على شاطئ القناة عند المعدية نمرة 6 والقصف عليه مستمر،ثم جاءت بعض مدرعاتنا التي كانت معاونه لنا وقامت بالاشتباك مع مدرعات العدو التي كانت تظهر أمامنا.ثم بعد ذلك أخذ قائد السرية تمام سريع عن الأفراد والسلاح والمعدات وحتى هذه الساعة كانت لا توجد أي خسائر من سريتنا سوى شهيد واحد استشهد في أول يوم للمعارك وعدد أثنين من الجرحى تم إخلاؤهم إلى الخلف وكان من بينهم أحد الضباط.

وبدأ تطوير الهجوم…

 

وفى تمام الساعة الواحدة ظهرا صدرت إلينا الأوامر بتطوير الهجوم والتقدم للأمام داخل عمق دفاعات العدو المتقدمة والاستيلاء على ارض جديده والقضاء على أي مقاومة للعدو، وبدأنا في أخذ تشكيل الهجوم حسب الأوامر وبدء كل فرد يستعد للمشاركة في المعارك الجديدة التي سوف يخوضها وتحركنا بتشكيل الهجوم تعاوننا الدبابات والمدفعية الثقيلة وأخذنا نتقدم ونكتسب ارض جديده ومواقع جديده ومع شده ضرباتنا للعدو كان يخلى مواقعه الأمامية ويفر هاربا للخلف داخل عمق سيناء دون أن يقدم على مواجهتنا أو حتى التصدي لنا بأي مقاومة .

وبدأ الأفراد يتقدمون بحماس وبروح معنوية عالية لا تظهر عليهم أي علامات إرهاق أو تعب أو خوف ونشوة النصر تزيدهم قوه وإصرار على النصر ، وفى أثناء تقدمنا كنا نرى بعض المواقع الهيكلية التي صنعها العدو بغرض خداعنا وكنا متقدمين للأمام متعقبين ارتداد العدو وتقهقره للخلف من شده الفزع والخوف من قواتنا الباسلة. وفى أثناء تقدمنا كان العدو يحاول أن يعوق تقدمنا بقصفات من مدفعيته الخلفية وعن طريق قصفات طيرانه على بعض مدرعاتنا ولكن كل ذلك لم يؤخر ولم يستطيع أن يعوق تقدم أي فرد أثناء الهجوم وكان جميع الأفراد يطلقون صيحة النصر الله اكبر ومهللة في السماء نابعة من صدورهم وكانت في كل صيحة أشارة نصر من الله إلى الجنود لذلك لم تختفي قوة هذه الصيحة وكان الجميع يرددونها باستمرار.

تقدمنا بضعه كيلومترات داخل سيناء وكان اتجاه تقدمنا في اتجاه طريق القطاع الأوسط وفى حوالي الساعة السادسة مساء أثناء تقدمنا ظهرت دبابتان في يسار الكتيبة وأصدرت الأوامر إلى طاقم المدفع المضاد للدبابات بالتصدي لهم وقد نجح أفراد هذا الطاقم بقياده العريف بيومي في تدمير إحدى الدبابتين وفرت الأخرى هاربة قبل أن ينجح طاقم المدفع في تدميرها.وفى أثناء التقدم لم تتوقف مدفعيه العدو لحظه واحدة وقد كان هدفهم هو منع تقدمنا الهائل إليهم، وبرغم شده القصف فقد كان لا يؤثر علينا ولم يسقط أي شهيد أثناء التقدم ثم وصلنا إلى أول طريق أسفلت متفرع من الطريق الأوسط لسيناء ويسمى طريق الطالية وبعد أن تخطينا هذا الطريق وفوق إحدى التلال العالية صدرت الأوامر بتغيير اتجاه الهجوم لكل سريه على حدي حسب الموقف الموجود أمامنا وبنفس العزيمة واصلنا التقدم.

معركة الدبابات الكبرى…

ومع غروب الشمس فوجئنا باختراق سريع لتشكيل من دبابات العدو ويقدر بحوالي أثنى عشر دبابة قاموا بالاختراق  من منتصف مواجهه الكتيبة ومن يسارها وكان الغرض الذي ظهر لنا وقتها أنها عمليه تطويق سريعة للكتيبة والقضاء علينا، وبسرعة أصدر قائد الكتيبة المقدم حسن بشر أوامره بالتصدي لهذا التشكيل المعادى والقضاء عليه فورا حتى لا ينفذ خطته وبسرعة البرق بدأت جميع الأسلحة على مختلف أنواعها في الاشتباك المنظم مع الدبابات التي أصبحت على مقربه مئات الأمتار من الأفراد وفى دقائق معدودة تم تدمير خمس دبابات من القوة المهاجمة في اتجاه سريتنا ونجحت الدبابة الباقية في الاختراق بين الأفراد وحاولت الالتفاف وتطويقنا من الخلف وكانت تسير بسرعة عالية وركبت هذه الدبابة فوق تبه عالية وأخذت تقصف نيرانها على أفراد قواتنا وقد نجحت هذه الدبابة المعادية في أصابه إحدى مدرعاتنا ،ولم يجد الأفراد مفرا من التعامل معها بأي طريقه حتى لا تصيب أفراد آخرين من قواتنا فأصدرت أوامري لأثنين من الأطقم المسلحين بالقواذف الصاروخية الخفيفة بالتعامل مع هذه الدبابة وفى جرأه متناهية يعجز الإنسان عن وصفها نجح طاقم الصواريخ الخفيفة في أصابه الدبابة وتدميرها وقفز أفراد طاقمها من فوقها وقابلتهم على الفور نيران أفراد المشاة حتى قضت عليهم جميعا ،وبتدمير هذه الدبابة نكون قد دمرنا التشكيل المدرع الذي كان في مواجهه سريتنا أما باقي الدبابات فقد تم تدمير بعضها وفر الباقي إلى الخلف وذلك بواسطة باقي سرايا الكتيبة في أعنف وأشرس قتال شهدته كتيبتنا منذ بدء العبور.

وكانت ضراوة المعارك ممتدة على مختلف الوحدات الفرعية للكتيبة ولقد سقط في ساحة هذه المعارك عدد من شهدائنا الأبطال في أروع مثل للتضحية والفداء وفى أقوى المعارك الأنتحاريه التي سيسجلها لهم التاريخ وضربوا أروع مثل في الجسارة والأقدام على الالتحام بدبابات العدو والقضاء عليها دون خوف أو مبالاة من قوه ومتانة هذه الدبابات ،وقد سقط في هذه المعارك أول شهيد من الفصيلة التي كنت قائدا لها .

 

الأحتلال والتشبث بالأرض المكتسبه…

وبعد انتهاء معاركنا في هذه الليلة مع هذا التشكيل المعادى صدرت إلينا الأوامر بالتعزيز واحتلال الأرض التي تم الاستيلاء عليها وكانت هذه المنطقة عبارة عن تبه عالية تسمى "تبه أبو وقفه" وبشده ونشاط أخذ كل فرد يعد ويجهز موقعه وفى نفس الوقت العيون ساهرة متيقظة ومستعدة للاشتباك مع أي عناصر من أفراد العدو قد يقوم بدفعهم إلينا وكانت هذه هي خطه العدو دائما في تجزئ هجماته المضادة ولقد فهم قادتنا هذه الخطط وأخذوا يدبرون لها الخطط حتى نفوت على العدو أي فرصه يحقق منها أي مكسب ولو ضئيل،ورغم عناء ذلك اليوم بما فيه من معارك وتحرك وتقدم للأمام لم يظهر على أي فرد أي بادرة تعب أو إرهاق وكانت الروح المعنوية للأفراد عالية برغم سقوط أول شهيد من الفصيلة وكانوا مستعدين لو صدرت إليهم الأوامر بتكملة الهجوم للأمام لم يتردد أي فرد بل كان يتمنى ذلك كل فرد ،كان هذا الشعور صادر من فرحه النصر الذي تحقق في هذا اليوم وتدمير عدد كبير من مدرعات العدو.

إلا أنه كانت هناك دبابة واحدة لم يتم تدميرها بالكامل بل انه قد تم قطع جنزير الدبابة فقط من أحد الصواريخ الخفيفة ولكنها ظلت سليمة ويوجد بها أحد أفراد طاقمها الذي اخذ يضرب بالرشاش الخفيف الموجود أعلي الدبابة ضربا عشوائيا في كل مكان نظرا لصعوبة الرؤيا ليلا وحاول اكثر من مدفع مضاد للدبابات أصابه هذه الدبابة وتدميرها إلا أنها كلها باءت بالفشل وظل هذا الجندي الإسرائيلي يضرب عشوائيا حتى أصاب عدد كبير من الجنود وبعد عده محاولات وبطلقة مدفع يسمى بازوكا قمت أنا وأحد الأفراد بمحاولة لتدمير الدبابة وبالفعل قمت بتوجيه المدفع ناحية الدبابة واستعنت بالله وأطلقت إحدى الدانات التي أصابت الدبابة وقفز منها هذا الجندي الذي أخذ يصيح باللغة العربية عاير أعيش عايز أعيش ولكن الجنود لم يمهلوه وقام أحد الجنود بتصويب بندقيته الأليه إليه وقام بتفريغ مابها من طلقات في صدره انتقاما منه لأصابه زملائه واستشهاد آخرين وقام جندي أخر بضربه على رأسه بكوريك الحفر فقسمها نصفين وهذا هو اقل جزاء له ولأمثاله .وبعد ذلك عم الهدوء وكانت الساعة تشير إلى حوالي الواحدة بعد منتصف الليل انتهى كل فرد من تجهيز موقعه ومررت عليهم بسرعة ووجدتهم جميعا في حاله تيقظ تام ولم يخلد أي جندي إلى الراحة أو النوم بل ظلت عيونهم ساهرة ترفض النوم وأبت أجسامهم أن تنعم ولو بقسط قليل من الراحة.

 

محاولة العدو الانتقام…

ومع صباح يوم الثلاثاء التاسع من أكتوبر وفى حوالي الساعة السادسة سمعنا أصوات دبابات العدو وكانت تدل على أن عددها كثير جدا وكانت أصواتها تأتينا مزمجرة وكأنه استعراض لقوتهم وكأنهم جاءوا ليرهبونا ويبثوا في قلوبنا الرعب والخوف ، وبسرعة أصدرت الأوامر إلى كل جندي أن يثبت في موقعه ويدمر أي دبابة تحاول الاقتراب ، وللعلم كانت جميع هجماتهم علينا بالدبابات أو بالعربات المدرعة نصف جنزير ولم نرى أي جندي إسرائيلي مترجل بعكس ماكان يلاقيهم الجندي المصري بجسده مترجلا غير محمى في أي درع أو حتى في داخل عربات مدرعة.ومع ظهور أول دبابة لهم أخذ كل جندي وضع الاستعداد وعلم أن هذا اليوم قد يكون هو اليوم الفاصل بيننا وبينهم وأنهم في هجومهم هذا سوف يردون إلى الخلف وأدرك أن معارك الأمس كانت عمليه استطلاع لمدى قوتنا ومعرفة مدى صمودنا وقدرتنا على التصدي لهم لذلك جاءوا هذا اليوم بأعداد ضخمه من الدبابات وقدرنا أول قوه ستبدأ الهجوم بحوالي من عشرين إلى ثلاثين دبابة يتبعهم بعد ذلك في تطوير هجومهم ضعف هذا العدد وهذه كما قلت من قبل أنهم يقومون بتقسيم الهجوم على عده مراحل بغرض شل القوات التي أمامهم وفى نفس الوقت تضييع واستهلاك لكميات الذخيرة ولكننا كنا على علم ودراية بذلك.

وبدأ الهجوم المضاد للعدو…

وبدأت أول موجه للهجوم وعلى الفور صدرت إلينا الأوامر بالتعامل والاشتباك مع الدبابات فأخذت تخترق الواحدة تلو الأخرى وكانت صيحة الله اكبر تنطلق مع كل طلقه تخرج من أسلحه جنودنا وتدمر الدبابات الواحدة تلو الأخرى وأثناء ذلك أصبت بشظية من دانه دبابة من دبابات العدو في قدمي اليمنى ولكني تحاملت على نفسي وتمكنت بمساعده الفرد الطبي الموجود معنا بإخراج الشظية من قدمي وعلاجها علاج سريع وربطها بالرباط الضاغط وأكملت مع باقي الأفراد التصدي لدبابات العدو ونسيت تماما أنني مصاب حتى أن الجرح شفى تماما وأنا لا أفكر أنني مصاب  وبمجرد أن انكسرت أول موجه للهجوم وتم تدمير عدد كبير من الدبابات وقتل أفردها بالكامل بدأ العدو يدفع الموجه الثانية بأعداد أكبر يصل عددها من الدبابات والمجنزرات ضعف الموجه الأولى وبدأنا في الاشتباك معهم واشتدت ضراوة المعارك على أعنف ما يكون وأخذ كل فرد يصب نيرانه على أفراد العدو اللذين كانوا يتركون دباباتهم بمجرد أصابتها وفى عنف القتال سقط الشهيد الثاني من فصيلتي وهو جندي حامل رشاش أستشهد بعد أن اقتربت منه إحدى الدبابات وداسته بالجنزير في حين أنه كان يتعامل مع دبابة أخرى قام بتدميرها وقتل طاقمها . وتوالت علينا هجمات العدو بأعداد هائلة من الدبابات وبشراسة لم يسبق لها مثيل علما بأننا كنا نقاتل دبابات العدو بدون أن تعاوننا مدرعات من قواتنا لأن أخر دبابتين كانتا معنا دمرهم العدو في أول هجوم حيث أنه ظن في أول الأمر أنه بتدميره لمدرعاتنا سوف يقضى على أفراد المشاة بسهوله وقد خاب ظنه وقابله أفراد المشاة بصدورهم وأسلحتهم الخفيفة وقاموا بتدمير دباباته وأفراده ، وأزداد القتال شراسة ومدرعات العدو تحترق الواحدة تلو الأخرى ويتم تدمير بعضها وتنجح الأخرى في الإفلات والاختراق وسقط عدد كبير من شهدائنا ولم يفكر أي فرد في الرجوع للخلف بل تركنا أمر هذه الدبابات المخترقة للقوات الخلفية وقد نجحت بعض دبابات العدو في الوصول إلى شط القناة ولكن تم تدميرها بواسطة القوات الخلفية لنا. واستمرت هذه المعارك من السادسة صباحا حتى حوالي الساعة العاشرة ورغم ضراوة هذه المعارك استنفذت معظم الذخيرة التي كانت معنا ولكن لم يتسرب اليأس إلى نفوسنا لأننا كنا لا نريد أن تكون هذه أخر معركة لنا مع العدو ونحن كنا نحاربه على أن الحروب ضربات وضربات وكسب وخسارة وليس معنى ذلك أنهم أصبحوا خلفنا بمدرعاتهم أننا سندير لهم رؤوسنا  وصدورنا ونفعل كما يفعلون ونسلم لهم أنفسنا.

ولقد أبى كل جندي أن تضعف قوته وعزيمته وآثر على نفسه أن يموت في مكانه ولاينال منه العدو أي غرض.

 

إخلاء الموقع لتدميره بالمدفعية…

وفى غمرة القتال وضراوته ونجاح العدو في الاختراق المؤقت صدرت إلينا الأوامر بالارتداد للخلف إلى نقطه معينه وذلك للخروج عن مرمى مدفعيتنا التي صدرت إليها الأوامر بقصف الموقع الذي نجح العدو في اختراقه والقضاء عليه وضرب المنطقة التي كنا نشتبك فيها مع مدرعات العدو ، وبمجرد ارتدادنا وإخلاء الموقع بدأت قصفات المدفعية تلاحق دبابات العدو وتصب حمما من النيران عليها وأستمر قصف المدفعية بكل شراسة وضراوة حتى جعلت الموقع كالجحيم على دبابات العدو وبدأ العدو يتكبد الخسائر من الدبابات وعربات مدرعة وأفراد ما جعله يتردد في إرسال باقي موجات الهجوم ثم بعد ذلك أستنجد بقواته الجوية لتعاونه في نجاح هجومه وتحاول أن تخفف من ضرب المدفعية التي لم تهدأ في عمليات القصف عليه،وبمجرد ظهور طائراته في السماء حتى بدأت تصل إليها صواريخنا وأسلحه الدفاع الجوى المختلفة وتم نجاح هذه الأسلحة في إسقاط أكبر عدد من هذه الطائرات التي كانت تسقط كالفراش وفرت باقي الطائرات هاربة وكانت هذه أول معركة اشتركت فيها الأسلحة المختلفة مثل المدفعية الثقيلة والمدرعات والمدفعيات المضادة للطائرات والصواريخ وجنود المشاة الأبطال ، واستمرت هذه المعارك حتى مساء ذلك اليوم والعدو مصمم على دفع موجات الهجوم المضاد بغرض أن يزحزح قواتنا إلى الخلف ولكن كان في كل مره يتكبد خسائر فادحه لاحصر لها من معدات وأفراد وجن جنونه في هذا اليوم بالذات حتى علمنا بعد ذلك أنه في إحدى هجماته المضادة وصلت إلى قوه لواء مدرع ( 100 دبابه ) ولكن خاب ظنه في تحقيق أهدافه.واستمرت المعارك حتى الساعة الثانية من صباح يوم العاشر من أكتوبر ولم ينجح العدو حتى هذا الوقت في إحراز أي نصر أو استفادة من معارك هذا اليوم وبدأ في جمع ما أستطاع جمعه من قتلاه وجرحاه تحت ستر بعض طائراته والتقهقر للخلف وكانت نتيجة هذه المعارك بالنسبة لقواتنا أنها أسرت عددا كبيرا من دبابات العدو وكانت بعضها بأفرادها كاملة غير عشرات الدبابات والعربات المدرعة المحترقة على مسرح العمليات الحربية.ولقد كانت دبابات العدو المحترقة تظل مشتعلة لزمن قد يصل لأكثر من ساعة أو تزيد وذلك لما فيها من كميات مهولة من أنواع الذخيرة المختلفة ولقد كنا نشاهدها وهى تنفجر بما تحمله من مفرقعات وكانت تتطاير أشلائها في السماء وبفعل شده الانفجارات كانت تتحول الدبابة تلك الكتلة الضخمة المكونة من عده دروع إلى جزيئات صغيره متناثرة في ذلك المكان.

 

وتقدمنا مرة أخرى لأحتلال الموقع…

وفى صباح اليوم العاشر من أكتوبر صدرت إلينا الأوامر بالتقدم للأمام واحتلال المواقع التي كنا قد تركناها يوم أمس وبسرعة أخذنا تشكيل سيرنا في وضع الهجوم وبمنتهى الحذر واليقظة تقدمنا وسط دبابات العدو المدمرة وبين أشلاء جثث أفراده القتلى اللذين تركهم في أرض المعارك غير مبالين بأي شئ حتى أن العدو عاود إلى نغمه مدفعيته التي تعودنا لا نسير إلا على صوتها وكان يحاول تركيز ضرباته على تقدمنا بغرض إعاقة التقدم ولكننا مضينا في التقدم وكلما اقتربنا من العدو أزداد ضرب مدفعيته حتى يوقف تقدمنا وبعد نشاط مدفعيه العدو صدرت الأوامر بتقسيم تقدم الكتيبة إلى سرايا حتى نفوت على العدو فرصة أحداث خسائر بأفراد الكتيبة وبسرعة قامت سريتنا بمواصلة التقدم في اتجاه العدو تحت ستر نيران مدفعيتنا حتى أصبحنا على مسافة قليلة من موقعنا القديم وفى ذلك الوقت بدأ الظلام يحل علينا وقمنا باحتلال هذه المنطقة وتأمينها من أي اختراق قد يقوم به العدو

 

وبدء وصول الأمدادات…

وفى مساء ذلك اليوم جاءت إلينا أول إمدادات بالمياه منذ بدء المعارك وقد أخذ كل فرد يملئ زمزميتة بالمياه والاستعداد للرد على أي هجوم للعدو ، ولم يحاول العدو في هذه الليلة القيام بأي هجوم ضدنا وبقى جميع الأفراد ساهرين متيقظين إلى أن طلعت عليهم شمس يوم الخميس الحادي عشر من أكتوبر وفى حوالي الساعة التاسعة صباحا قمت بتمام سريع على الأفراد والأسلحة والمعدات وقمت بتوزيع كميات من الذخيرة التي وصلت كإمداد لنا بعد تلك المعارك وكذلك وصلت إلينا أول إمدادات بالتعيين وقد وزعتها على الأفراد وبدأ كل فرد يتناول وجبة إفطار بأقصى سرعة .

دفن الشهداء وجمع الغنائم…

وخلال ذلك اليوم صدرت  إلى أوامر من قائد السرية بأخذ جماعة من الأفراد والتوجه بهم إلى الموقع القديم في "تبه أبو وقفه"للقيام بدفن جثث شهدائنا الذين سقطوا في معارك الأمس وإحضار الأسلحة والمعدات التي كانت معهم وتوجهت ومعي الأفراد إلى مسرح المعركة حيث قمنا بدفن شهدائنا وإحضار أسلحتهم ،وفى أثناء قيامنا بذلك شاهدت بعض دبابات العدو التي تركها سليمة دون أن يحدث فيها أي إصابة ومن حولها جثث أفراده وأن دل ذلك على شئ فهو لا يدل إلا على جبن العدو والجندي الإسرائيلي الذي كان يترك الدبابة ويفر هاربا منها دون أن تصاب بأي شئ ولكن أفرادنا كانوا يقتلونهم على الفور.ولقد قام بعض الأفراد الذين كانوا معي بإحضار بعض الغنائم من دبابات العدو ومن أفراده القتلى مثل الساعات والنقود والملابس وبعض أجهزة الراديو وأشياء أخرى مختلفة وبعد ذلك أتممنا عملية الدفن وأحضرنا أسلحتهم ومعداتهم علاوة على ذلك أحضرت بعض الرشاشات والبنادق والمعدات الخفيفة من دبابات العدو وبعد ذلك رجعنا إلى سريتنا حيث قمت بتسليم هذه الأشياء إلى قائد الكتيبة . وفى ظهر ذلك اليوم لم يهدأ نشاط طيران العدو في الضرب خلفنا وكانت اغلب قصفاته تضيع هباء ولم تحدث أي خسائر لنا وفى حوالي الساعة الرابعة من مساء ذلك اليوم صدرت إلينا الأوامر بالتحرك لاحتلال "تبه أبو وقفه" التي دارت عليها معارك الأمس مرة ثانية وبدأنا التحرك إليها حتى وصلنا إليها في المساء وبسرعة أخذ كل فرد في تجهيز موقعه والاستعداد لأي احتمال من جانب العدو بالهجوم وفى الليل كان كل فرد قد أتم تجهيز موقعه وجاهز للاشتباك مع أي عناصر للعدو وكان ذلك الموقع به بعض من دبابات العدو المدمرة والمحترقة عن أخرها لدرجة الانصهار .

وسمعنا خطبة الجمعة على أصوات المدافع…

وظل الأفراد في حالة تأهب حتى أشرقت شمس يوم الجمعة الثاني عشر من أكتوبر وفى صباح ذلك اليوم لم يحاول العدو القيام بأي هجوم وذلك بعد أن كانت معارك اليومين الماضيين ضربة قاضية للعدو حيث أنه لم يفلح في هذه المعارك بلوائه المدرع من تحقيق المهمة التي كان ينوى تحقيقها وعرفنا بعد ذلك أن معظم مدرعات هذا اللواء قد دمرت في قطاع اللواء المشاة التي كانت كتيبتنا من ضمن وحداته ومعه بعض وحدات الجار اليسار من الفرقة الثانية المشاة وهذا اللواء المدرع الإسرائيلي قد تم أسر قائده على أيدي قواتنا في قطاع الفرقة الثانية المشاة المجاورة لنا في اليسار وكان قائد هذا اللواء الإسرائيلي يدعى العقيد"عساف ياجورى" قائد اللواء 190 مدرع ولقد سررنا كثيرا لأن نهاية هذا اللواء كانت على أيدي قواتنا وأبطالنا البواسل.كان هذا اليوم هادئا إذا قارناه بالأيام السابقة إلا من بعض الطلعات الجوية لطيران العدو وكانت دون فائدة وكانت تساعدها بعض قصفات مدفعيته الطائشة .ثم اقتربت صلاة الجمعة وكان يوم عظيم لما حمله إلينا بذكرى من ذكريات الإسلام الخالدة وعند بدء صلاة الجمعة تجمعنا حول الراديو الموجود معي لكي نتابع شعائر صلاة الجمعة ونملأ قلوبنا بقوة الأيمان ونريح قلوبنا بسماع القرآن الكريم ولو أن طائرات العدو لم تهدأ ولكننا كنا في حالة خشوع ديني ولانبالى بما يحدث من حولنا وانتهت تلاوة القرآن الكريم ثم أخذنا نتابع خطبة الجمعة في أعظم متابعة وقلوبنا معلقة بالسماء لما كان في خطبة هذا اليوم بالذات من عظات دينية ومواقف بطولية سردها الخطيب لأبطال الإسلام الأولين .

وبعد انتهاء الخطبة فوجئنا بكلمة للسيد حسين الشافعي نائب الرئيس وكنا لا نعرف عن أي شئ سوف يتكلم ثم بدأت الكلمة وأخذنا نتابعها من أول كلمة قالها إلى أخر كلمة أنهى بها كلمته وكان وقع هذه الكلمة له تأثير في نفوس الأفراد مما جعل معظم الأفراد تزرف الدموع من أعينهم لم ورد فيها من حساب دقيق على الإنسان.

وبعد انتهاء شعائر الصلاة بدأ الأفراد في تناول وجبة غذائهم كل في حفرته التي أعدها للدفاع والقتال منها.ومر اليوم عاديا خاليا من أي معركة سوى بعض طلعات طائرات العدو التي كان قصفها يقع في الخلاء دون أن تحدث أي خسائر وكان ذلك للعناية الإلهية التي كانت تصاحب قواتنا وجعلت الطيارين الإسرائيليين في حالة عدم أتزان أو انضباط.ومع حلول المساء توقعنا أن يقوم العدو بأي محاولة للهجوم ولكنه لم يفكر في ذلك بعد أن أخذ أكثر من درس على أيدي أفراد كتيبتنا ،وبقى الأفراد على عاداتهم في حالة يقظة ولم يفكر أي فرد في النوم لأننا كنا في هذا الوقت لا نذوق طعم النوم وكأننا في حالة عمل مستمرة ليلا ونهارا ورغم مما ظهر على  الأفراد من بعض الإرهاق وقد تغيرت ملامحهم حيث أنه لم يفكر أحد في الاعتناء بأي مظهر في نفسه وكانت قد بدأت ذقونهم تكبر وكذلك شعورهم إلى درجة تبعث على الضحك عندما يدقق كل فرد في زميله وكان ذلك حال الجميع من ضباط وجنود ولم يكن لذلك أي تأثير علينا بل كان ذلك يزيد من عزمنا وأن المظاهر في الحروب تعتبر كماليات ولا تنقص من عزيمة أي فرد.

الأندفاع لأحتلال موقع متقدم…

ومع شروق صباح يوم الثالث عشر من أكتوبر العظيم صدرت الأوامر إلى فصيلتنا بالاندفاع إلى مكان أخر أكثر تقدما وبالتالي قمت باستطلاع سريع للمكان الجديد وفى حوالي الساعة العاشرة صباحا بدأنا التحرك للموقع الجديد وكان هذا الموقع عبارة عن تبه عالية مطلة على وادي فسيح وبمجرد وصولنا أخذ كل فرد يقوم بتجهيز موقعه وقد كان هذا الموقع حاكما على هذا الوادي الذي كانت تأتى منه معظم بل أغلب طائرات العدو وكنا بحكم هذا الموقع وارتفاعه نرى الطائرات عن قرب لدرجة أننا كنا نرى الطيارين داخل الطائرات وهم يمرون من أمامنا.ومنذ احتلالنا لهذا الموقع بدأت أسراب الطائرات تتوالى في ذهاب وإياب على ارتفاع منخفض جدا ، وكنا أيضا في نفس الوقت نشاهد تلك الطائرات تسقط محترقة في الخلف بواسطة الصواريخ وأسلحة الدفاع الجوى ولما كان مرور الطائرات من أمام مواقعنا ومن فوق رؤوسنا كان لزاما علينا أن نكون في حالة إخفاء مستمر حتى لا نكون هدفا لهذه الطائرات.وفى حوالي الساعة الواحدة ظهرا وعلى أثر انفجار إحدى الطلقات أصيب جندي من الفصيلة وتم نقله إلى الخلف وفى المساء وصلت إلينا إمدادات التعيين حيث كان لايتم الإمداد إلا ليلا وكنا نقوم بتوزيعه على الأفراد بمجرد وصوله حتى يأخذ كل فرد تعيينه ليلا حتى إذا طلع النهار لا يحدث أي تحرك أو ظهور لأي فرد من الفصيلة وذلك لأن هذا الموقع كان نقطة مرور رئيسية يمر عليها طيران العدو ومعنى أن يظهر أي فرد بالموقع فإن الموقع سوف يتعرض مباشرة للقصف الجوى الذي كنا نخشاه.وحتى مساء ذلك اليوم لم يحدث أي رصد لهذا الموقع أو تحدث به خسائر ومر يوم الثالث عشر من أكتوبر نهاره وليله دون أن نلاحظ أي تقدم لقوات العدو التي كانت على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من مواقعنا وكنا نرى نقطة الملاحظة التي كان يصحح بها العدو ضربات مدفعيته التي لم تسكت وكانت تضرب في كل اتجاه بدون وعى وكان ضربها عشوائي لا يحقق أي هدف سوى المظاهرة الفارغة دون أن تحدث أي خسائر في قواتنا.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech