Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء ا/ح صليب منير بشارة قائد الجيش الثالث

الفصل الثالث عشر
صليب في مواجهة الموت

لقد مر صليب في حياته في مواقف عديدة صعبة ، تواجه فيها مع الموت ولكن الله حفظه من كثير من الشرور إلي ان جاءت ساعة الرحيل بعد صراع عدة سنوات من المرض .

* المواجهة الأولــــي :

يفتتح صليب هذا الفصل ، فيقول في محاضرته الشهيرة لقادة القوات المسلحة ...." وإني اكتفي بكلمة موجزة عن السلوك الغير طبيعي في بعض الجنود كظاهرة لضعف ما في الصحة النفسية . كنت ضابطاً صغيراً عندما سمعت عن ضابط كبير يقول " جرب أن تعامل الجندي المجرم علي انه جندي ملاك " .

كان لهذه النصيحة وقع البداية غير مستصاغ وبالتطبيق اثمرت فى كثير من الحالات ولا أقول كل الحالات وبمرور الزمن وتقدم العمر رأيت انه ليس بالضرورة ان يكون داخل كل مجرم روح شريرة أو أن يكون داخل كل ملاك روح طاهرة وإن كانت القاعدة العامة تقول ان السلوك هو عادة إنعكاس خارجي لإنفعال داخلي أي أن الظاهر يعبر عن الخفي وما علي السطح ينبئ عما في الباطن .

* وفي يوم 14 يوليو 1945 كنت ضحية لنصيحة الضابط الكبير ولكني وحتي اليوم مازلت اعمل بها لأن الضابط الكبير قال جرب أن تعامل الجندي المجرم علي أنه جندي ملاك وأني اضع خطاً تحت كلمة جرب لان هذه الكلمة تعطي لمضمون النصيحة فلسفتها التجريبية .

تعرضت لحادثة قتل مثيرة مازال جسدي يحمل اثارها ولا يتسع وقتكم للإستماع اليها ولكنني ارجوكم الا تظنوا في الغرور حيث أقول إنني كنت انذاك قائداً مثالياً وقد يتساءل البعض ولماذا وقع اختيار القاتل علي قتل مثالي . إن القاتل لم ينظر إلي بعين المثالية في شخصي بل وقع علي اختياره امعاناً في حبكة الاخراج المسرحي أو بلغة الجريمة سبق الاصرار والترصد حيث ظن انه بقتلي وقتما كنت ضابطاً نوبتجي الأورطة علاوة علي انني كنت قائده – يتحقق له وبصورة مؤكده ما هدف من وراءه للقتل وهو أن يقتل هو بدوره بحكم الحكمة فكانت الحادثة والحالة هذه عملية انتحار عكسية حيث يقتل الإنسان غيره بسهولة ولكنه لا يستطيع لنفسة ايذاء . كان الجندي يعاني ثورة نفسية مكبوتة لم يجد لها متنفساً سوي بتفجير شحنتها وكانت الوسيلة بندقية لي انفيلد مفرود عليه سونكي بطول نصف متر حاد كالسيف . اذن هوالكبت اذن هوالضغط العصبي واكتفي بهذا واقول انها حوادث فردية كات وستكون وتحضرني الآن رؤية عين لا تغيب عن بالي وان كانت غير بالغة الخطورة ".

هذه كانت المواجهة الاولــي لصليب مع الموت يوم السبت 14/7/1945 : محاولة قتل مع سبق الاصرار والترصد لكن عين الرب كانت عليه فنجاه .

* المواجهة الثانيــــــــــــة : -

.... " في 2 نوفمبر 1954 ، كدت ومجموعة كبيرة من رفاق السلاح نغرق في البحر المتوسط وكان احتمال بلوغنا شط الامان عائدين من ايطاليا يكاد يكون معدوما".

* المواجهة الثالثـــــــــــة : -

خلال معركة الصحة التي بدأت يوم الاربعاء 2 نوفمبر 1955 ، تواجه صليب مع قوات يربو عددها عن الثلاثة الاف جندي إسرائيلي ولكنه خرج منتصراً ونجاه الرب .  

* المواجهة الرابعـــــــــة : -

خلال انسحابه في صحراء سيناء بعد ظهر يوم الجمعه 2 نوفمبر 1956 ليقطع سيناء سيراً علي الاقدام مع عدد من سرايا من الكتيبة 11 مشاه و قوات اخرى ليدخل القنطرة يوم 10 نوفمبر متفادياً المدرعات والمشاه الاسرائيلي والطيران " الفرنسي – الانجليزي – الاسرائيلي " .

وايضاً الرب نجاه هذه المرة هو وجنوده البواسل ودخل في حضن الوطن سالماً ولم يصب اي من جنوده بسوء ورجعوا جميعاً بكامل اسحلتهم .

* المواجهة الخامســـــــــــة : -

خلال عام 1957 ، دخل صليب المستشفي الميداني بالاسماعيلية في حالة سيئة وعندما سألت الاسرة عن السبب قيل = محاولة انتحار !! طبعاً هذا الكلام لم تصدقه الاسرة حيث أن حياته العائلية وعلاقاته لا تنبئ بأي انتحار .

الحقيقة التي لم تعلن وقتها ا ن   مخابرات احدى الدول رصدته ، حيث عرف من الاسري المصريين انه قائد معركة الصحة التي كبدتهم العديد من الارواح وتمت محاولة للتخلص منه ولكنها باءت بالفشل .

* المواجهة السادســـــــــــة : -

الرئيس جمال عبدالناصر توفي يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970 . وشيعت الجنازة يوم الخميس 31 سبتمبر .

اصطف في جنازة الرئيس وعلي جانب النعش 40 ضابطاً برتبة اللواء كان من بينهم صليب بشارة .

حينما بدأت الجنازة في التحرك بدأت الجموع الغفيرة بضغط علي جانبي النعش ما هي الا دقائق معدودة حتي وجد صليب نفسه محشوراً بين عربة المدفع والجموع الضاغطة وكاد أن يسقط وسط الامواج المتلاحمة من البشر .

وما هي الا لحظات حتي انقض عليه عدد من الشباب وجذبوه بعيداً وقربوه من مجري نهر النيل وبللوا وجهه بماء من النيل ( بداية الجنازة كانت عند كوبري قصر النيل ) وأعطوه كوباً من الماء ليشرب .

وحينما رأي أن النظام الذي كان متوقعاً أن يسود في الجنازة قد تلاشي ، تحامل سيادته علي نفسه ومشي حتي ميدان رمسيس حيث كانت تقطن شقيقته / إعتدال وكان كاتب هذه السيرة هناك يتابع الجنازة من شرفة العقار الكائن علي ناصية شارع عماد الدين .

لقد فوجئنا جميعاً بدخوله علينا في حالة يرثي لها ، فأعطي ليشرب ويأكل ومن شدة تعبه دخل ليستريح في حجرة النوم .

* المواجهة السابعـــــــــــة : -

بدأ عام 1976 حتي عام 1983 ، مرا اللواء صليب بفترات مرض متعددة واجريت له عدة عمليات ، وتقبل ذلك بنفس راضية متعزية .

احياناً طبعاً ، كطبيعة بشرية ، كان يضعف ولكن سرعان ما يسترد الروح المعنوية المرتفعة ويرتفع فوق الآلم والمرض بإقتدار ايماني بالغ .

المرض الذي لازمه خلال تلك الفترة ، جعلنا نلهث ورائه بالمساندة والصلاة والزيارات المستمرة للكنائس والاديرة ، وكم من الصلوات التي رفعت من اجله

لقد تحملت زوجته الفاضلة معه تلك الآلأم بصبر وايمان ، ضاربة مثلاً رائعاً في البذل والتضحية واستطاعت ان توازن في وقتها بين احتياج ابناءها بالمنزل ومساندتها لزوجها اثناء فترات العلاج فكانت بحق الام الروؤم والزوجة المثالية.

كان اخر يوم للواء صليب علي الارض يوم السبت 15 اكتوبر 1983 ، حيث كنت في زيارة له .كان اللواء صليب قد دخل في ذلك اليوم في غيبوبة الفشل الكبدي الكلوي وقد جلست بجانبه في غرفة العناية المركزة بمستشفي كوبري القبه العسكري . وما ان جاءت الساعة 8.26 دقيقة مساءاً حتي توقف التنفس تماماً وابلغت الطبيب الذي كان في الغرفة المجاورة فجري لإستطلاع الامر في محاولة يائسة لإنقاذ الموقف لكن ارادة الله قد نفذت .

الفصل الثالث عشر

فكر القائد وصفاته الشخصية

اللواء صليب يعتبر رجل صاحب فكر عسكري .

فقراءاته المتعددة وخبراته الميدانية اهلته ان" يكون له إرادة ثاقبة في شتي الامور العسكرية، وتحضرني بهذه المناسبة قصة متداولة عنه في القوات المسلحة ، حيث كان حاضراً إجتماع بحضور الرئيس جمال عبدالناصر ، وقتما كان سيادته قائداً للجيش الثالث الميداني .

في هذا الإجتماع ، سأل الرئيس جمال عن خطة القوات المسلحة في مرحلة الدفاع النشط ، فانبري احد خبراء الإتحاد السوفيتي للرد علي الرئيس

فقاطعهً صليب قائلاً = ليه انت اللي بتتكلم ؟؟

أنا اللي حا شرح للرئيس ولو عندك تعليق إضافي تبقي تقوله !

الرئيس جمال لم يعلق علي ذلك الموقف في لحظتها ، لكن بعد الاجتماع استدعي الرئيس وزير الدفاع ، الفريق محمد فوزي وابلغه اعجابه الشديد بما قام به اللواء / صليب وطلب منه ابلاغ تحيات الرئيس .

لقد استدعي بناء القوات المسلحة بعد نكسة 1967 أن يتواجد خبراء من الاتحاد السوفيتي في مواقع عديدة بالقوات المسلحة ليساعدوا في عملية اعادة البناء هذه.

الذي حدث انه بمرورالوقت ، كانت معاملتهم للضباط المصريين تتسم بالصلف والعجرفة .

موقف اللواء / صليب امام الرئيس إنتشرعلي مستوى القوات المسلحة كلها وحينما عين صليب رئيس تدريب القوات المسلحة بالإنابة ، كانت شكاوي القادة المصريين من االخبراء الروس تصله اول بأول .

لقد عرف عنه حساسيته الشديدة واعتزازه ( بالكرامة المصرية ): كرامة الضباط والجنود ، وعدم تهاونه مع اي هفوه تجاه رجال القوات المسلحة.

وفي حفل اقامته السفارة الروسية بمناسبة ثورة اكتوبر البلشفية ، حين دخل اللواء صليب وزوجته قدمه السفير الروسي لاحد مارشلات الجيش الروسي قائلاً :

اهو ده به صليب اللي كلمناك عنه !

لقد كان موقف اللواء / صليب من الخبراء الروس دافع لهم ليغيروا من حدتهم الي حد ما ، لكن لم يمنع ذلك خروجهم من البلاد بقرار من الرئيس انور السادات .

مواقف اللواء / صليب الثابته ما هي الإ نتاج فكر عسكري واضح ، فعن الزعامة / القيادة يقول سيادته :

........ اذا أستعرنا الزعامة كبديل لكلمة القيادة واذا عدنا الي الذاكرة وعما قرأنا عن الإنسان في جميع العصور من السحيق إلي المعاصر نجده ان المجموعة البشرية في حياتها الانعزالية ثم في حياتها كجماعات ثم كقبائل منذ قرون يصعب حصرها – عرفت بالفطرة الا سبيل لها لتبقي الا بقبول نظرية الزعامة والإلتزام بالخضوع للزعامة تحقيقا ًبهدف مشترك وهو البقاء .

وكان البقاء يحتاج الي الامن من عدو وهوالحيوان المفترس ولتأمين ادارى لم يكن يزيد عن الحاجة إلي الطعام بالصيد كان او بالبحث عما تجود به الطبيعة .

وكان هذا بدوره يحتاج الي فرض الزعامة لتكون لمن هو اقوي واذاك كانت المجموعة البشرية احوج الي الزعيم الاقوي جسمانياً عما هواصلح من حيث مفاهيم الزعامة كما هي اليوم اي كان السبيل الي الزعامة هو القيادة المفروضة فرضاَ . وكانت المجموعة البشرية في حاجة لأن يقوم كل انسان رجلاً كان ام امرأة بعمل ما وحده او بالتعاون مع آخرين وهذا ما نعبر عنه نحن العسكريين بتخصيص المهام في ظل نوع بدائي من علم ادارة الاعمال حيث كان يوكل لكل رجل او امرأة ما هو قادراً علي ادائه لصالح المجموعة ومن هنا كان دور اختيار الانسان للعمل الذي يناسبه .

واستخداماً للكلمات في مدلولها الصحيح تعبيراً عن العصر السحيق قد يكون من الاصوب ان نتخير عبارة دستور البقاء . وإذا عبرنا عن عصر ما قبل التاريخ في رحلة واحدة إلي يومنا هذا حيث نقطع من عمر الزمن ما يفوق الخيال طولاً نجد ان القيادة وإدارة الرجال هي هي منهجاً واسلوباً ففي اي مكان اليوم في اكبر دول العالم حضارة وارتقاء أو حيث ما تزال مجموعات من البشر قليلة تعيش حياة بدائية وفي هذه او تلك وفي جميع المجالات ان القيادة وفن إدارة الرجال هي الإطار العام للحياة تنظيماً وايماناً .

و عن القيادة العسكرية وفن ادارة الرجال يقول : -

"اذا أمعنا الفكر وحللنا هذا المصطلح أو ما درجنا علي الأخذ به مسمي وشعاراً يقودنا الفكر والتحليل الي التساءل ألم يكن يكفي ان نقول القيادة العسكرية وليس القيادة العسكرية وفن ادارة الرجال حيث ان القيادة هنا ترمز الي كل من المنهج والأسلوب بتر منها للإيجاز كلمة اسلوب فنقول القيادة العسكرية . وعبارة العسكرية فيها يكفي ويكشف عن المضمون بمعني أنها القيادة المتخصصة لقيادة مجموعة من البشر هم الجنود . هل كان يجوز ان نبتر " وفن ادارة الرجال ": أليست الادارة تعبير عن القيادة * . وفوق هذا لماذا لم نقل القيادة العسكرية وفن قيادة الرجال لماذا استخدمنا كلمة ادراة بديلاً لكلمة قيادة . ان كلمة ادارة أشمل وأعم وأوسع مضموناً وتبعد الذهن عن مرادف القيادة الذي يوحي بكلمتي قائد وقتال أو قائد ومقود . ثم وفي النهاية لماذا لم نقل " وفن ادارة الجنود " لم نقل الجنود بل قلنا الرجال لكي نضفي علي الشعار جانبه الإنساني اذ لا يعدو الجندي الا أن يكون انساناً رجل.ً رجلاً تعلو انسانيته فوق غيره من الناس حيث يتميز بالتعرض الي أحاسيس ومشاعر ينفرد بها عن غيره من الرجال منذ أن يطلب أو يتطوع للخدمة العسكرية الي أن يؤدي لوطنه ما له عليه من حقوق ظل بعد ادائها حياً او دفع فـــي سبيلها حياته التي هي اغلي ما يمتلك و ان كان غزيرة حب البقاء هي من بين الغرائز التي يتميز بها كل من الإنسان والحيوان" .

وعن كلمة " فن " التي تسبق عبارة ادارة الرجال فهي جزء من كل ونحن لا نقول علم ادارة الرجال كما نقول علم ادارة الاعمال فما هو الفرق بين العلم والفن . العلم هو مجموعة القوانين والقواعد والنظريات . وماذا عن الفن هل هو مجرد الإبداع الإنساني الفردي اوالموهبة المخلوقة في انسان . هل الفن نشاط ذهني قائم بذاته ومحدد كالعلم . لا فجانب الإبداع والموهبة في الفن لا تمثل سوي فلتات في البشر وحتي هؤلاء الذين يخلدهم التاريخ كما يخلد مشاهير رجال العلم لا يقوم لابداعهم او موهبتهم شأن الا مستنداً علي العلم فليس الرسم والنحت والموسيقي والتمثيل والرقص وما إلي ذلك الا علوم لها أصولها وقواعدها حتـــي العمارة ونطلق عليها فن العمارة بينما جانب الفن فيها لا يعدو ان يكون لمسات الجمال والتنويع في المظهر. فلو اننا أنشأنا عشرات ومئات من أعمال وأنماط العمارة المتشابهه بلغت الواحدة منها منفردة من جمال وروعة لفسد المنظر، اذا العين وقعت عليها مجتمعه.

وهكذا فن ادارة الرجال اساسه العلم ونجاحة ينبع من تطبيقه في قالب الفنن اي قالب اللمسة وقالب التناسق وقالب البيئة وقالب الزمان وقالب المكان.

ولما كان الجنود لا يتشابهون سوي من حيث هم رجال . ولما كان القادة لا يتشابهون سوي من حيث هم بدورهم رجال اوكلت اليهم مهمة قيادة غيرهم من الرجال وهم الجنود فأنه والحالة هذه يتعين علي القادة كل علي مستواه أن يدرس النفس البشرية بصفة عامة وسيكولوجية الجندي والحرب بصفة خاصة ثم يترك وشأنه في حدود الارشاد الموجه من قبل من هو أكبر منه لتطبيق العلم واسلوب الفن .

الآن فقط انتهيت من تقديمي للمحاضرة كما وصلت بمقدمتها الي ما أرمي إليه فهل اسرفت بهذا الفيض وهل خرجت عن مألوف النسبة والتناسب بين المقدمة والموضوع اذ ماذا سيبقي وعما سأتحدث . لم تكن اسرافاً هذه الاستفاضة وهي في حقيقة الأمــر مقدمــه وموضوعاً مسست فيها الإنسان والإنسان هو البداية وهوالموضوع وهو النهاية .

كبار الرجال قادة وخالدين وكيف نأخذ منهم العبرة والقدوة

أنتم الدارسون قادة علي الطريق إلي قيادات أكبر وعليكم أن تعلموا قادة لكم مرؤسين يخطون اولي الخطوات علي طريق أطول فهل تهدف مثل هذه الدراسات أن تجعل منكم نداً لخالد بن الوليد أو رمسيس الثاني أو صلاح الدين الايوبي أو نابليون الذي تولي قيادة الجيش الفرنسي ولم يتجاوز بعد السابعه والعشرين من عمره وهل خلد التاريخ قائداً مرؤساً والتاريخ يتحدث عن كبار القادة الذين كتبوا بدماء الضباط والجنود نصراً في حرب او في معركة فاصلة من معارك التاريخ وكم من معركة كان حجر الزاوية فيها أو صاحب الفضل في نجاحها قائداً أصغر ولطالما كان الحد الذي يفصل بين النصر والهزيمة ساعة أو بعض ساعة من الوقت أومناورة الي بيمين أو مناورة الي يسار . ساعة يكسبها مرءوس أو مناورة في وقتها تحقق النجاح فلمن يكون النصر: للقائد دونالمرءوس، وان حدث العكس فبمن يلصق التاريخ الهز يمة: طبعا للقائد هذا عن الكبار فماذا عن التالين للكبار منقادة وماذا عن التالين لهؤلاء بدورهم من قادة أصغر وجنود .

كل هؤلاء في الصراع المسلح رجل واحد وإن بلغوا مليوناً لانهم جميعهم يقاتلون من اجل قضية واحدة ولأنهم جميعهم يدركون حتميتها ويؤمنون بعدالتها . تربطهم الثقة من جانب الاصغر إلي الاكبر في تسلسل روحي يصل في النهاية الي شخص القائد الكبير . ومثل تسلسل هذه الثقة من القاعدة الي القمة يتحتم ان تتمها ثقة اخري لا تقل عن الأولي اهمية هي ثقة من القمة الي القاعدة حتي تصل الي شخص الجندي مثلما وصلت ثقة اخري الي شخص القائد . وما هو مطلوب من الجندي هو ايضاً الكثير ولكن هذا الكثير يعطي له صقلاً وتدريباً .

فهل يتأتي ذلك الا ولكل قائد من القائد العام الي قائد الجماعة صرح في البناء فهذا يقود من الجنود عشرة وآخر مائة وثالث الفاً وهكذا . وهذا يقودنا مرة اخري الي تساؤل هو : -

هل يوجد قائد يصنع الجنود ويوجد قائد تصنعه الجنود . لم يوجد ولن يوجد قائد تصنعه الجنود . بل قديماً كان واليوم وفي الغد هناك القائد الذي يصنع الجنود ومن يصنع الجنود يصنع النصر .

قد يتساءل البعض واين نحن من صلاح الدين الايوبي او نانليون او اي من الخالدين . انتم احد أو كل هؤلاء . كل في محيطه كل في دائرته كل وحجم المجموعة البشرية التي يتزعمها اي حجم الوحدة او التشكيل الذي يقوده ومن ينجح في القليل ينجح في الكثير وليس العكس صحيحاً أي ما يفشل في القليل لن ينجح في الكثير .

إن نابليون القائد لم يولد نابليون القائد بل ولد نابليون الطفل ثم الصبي ثم الشاب وان كان نابليون ينفرد بين الخالدين بصفات شخصية فريدة من حيث الطموح والذكاء والمكر والدهاء الا نها في مجموعها لا تدخل في اطار الاعجاز الذي تميز به عدد من البشر قلة هم الرسل والانبياء . فما هي عناصر القيادة من صفات شخصية موهوبة او ومكتسبة او الاثنين معاً والشق الثاني من عناصر القيادة وهي المبادئ والقواعد . ما هي ايضاَ . وقبل ان ننتقل الي هذا فلنتحدث عن القدوة ايضا.

وعن خطورة وظيفة قائد الكتيبة نقول :

لماذا انادي بخطورة وظيفة قائد الكتيبة – انه المستوى الذي يمكن ان يمارس فيه القائد ويبسر الصفات التالية وهي قوة الشخصية ، الحماس ، قوة التأثير ، التواضع ، الروح المرحة ، اللياقة ، اجادة التعبير والخطابة واقول بيسر لأن قائد الكتيبة يستطيع ان يخاطب كتيبته مجتمعه ودون حاجةالي مكبر صوت . وهذا القائد بالذات هو اكثر ما ينطبق عليهم المثل القائل كيفما يكون القائد تكون جنوده او القائد مرأة لجنوده .

ولهذه الاسباب ايضاً قلت من قبل ان خطة التآخي في عنق قائد الكتيبة ينسبها ويضفي عليها من اخلاصه وعنها ينقل الضباط الاصاغر .

هذا عن التآخي اتخذت منه مثالاً مناسب هدف انعقاد هذه الدورة الدراسية ولا يتسع لي الوقت لأن ان اتوسع في اعطاء امثلة عن كل قائد عسكري ممن دخلوا التاريخ لكي اسوق بالبرهان بالمكان والزمان عن ابرز صفات القيادة فيه .

واني اوصيكم ان يكون بين من تقرأون تاريخهم اولئك الذين كتبوا لمصر امجاد علي ارض فلسطين التي يعيد التاريخ اليوم الصراع فيها وحولها . اقرؤا عن رمسيس الثاني ومعركة قادش .

تحتمس الثالث ومعركة مجدو ، صلاح الدين الايوبي ومعركة حطين ، بيبرس ومعركة عين جالوت .

أما كيف نأخذ العبرة والقدوة فيقول:

لكي نأخذ العبرة والقدوة يجب اولاً ان نقرأ يجب اولاً ان نحصر ان نقرأ ثم تأتي مرحلة الاختيرا الأسبقية وهنا يكون الاعجاب الشخصي بمن سنقرأ عنه هو الحافز علي تحديد الأسبقيات . أما عن اسلوب الافادة من القراءة فلكل منا طريقة والعبرة في أن تكون المعرفة غاية وسيلتها القراءة ومن المعرفة تأتي القدوة وبالقدوة نمارس التطبيق وفي نجاح التطبيق يأتي النجاح في القيادة وفي فن إدارة الرجال .

ولما كانت الصفات والخصائص والمواهب التى ميزت كبار الرجال والخالدين من القادة العسكرين هى هى الصفات التى يطكع كل منا أن يسير على نهجها فليس اذاً من قبيل المبالغة أن نتشبه نحن ايضاً بكبار قادة التاريخ ونأخذ منهم فهؤلاء لم يصبحوا من قادة التاريخ إلا بعد أن اخذوا هم ايضاً عماً كان قبلهم من قادة التاريخ ثم ماذا الذى يأخذه القادة بعضهم من بعض جيلاً بعد جيل .

أن الذى يؤخذ يسير للفهم وليس عسير على التطبيق فنحن نأخذ اطبيق مبادىء الحرب لنكسب المعركة وتطبيق مبادىء الإنسانية لنكسب الرجال وهم الذين بدورهم يكسبون المعركة وهما من صفات القادة .

فكم منا فطن إلى حتمية خلق روح التأخى بين الجنود المؤهلين وبين الجنود غير المؤهلين ومن منا يعمل على أن يتيح بين الحين والحين لمرؤسية من صغار الضباط فرصة للتأخى مع كبار الضباط ثم وما هو أهم ماذا نفعل للتأخى بين الضباط والجنود عندما اقول التأخى لا اعنى به ما تحدده البرامج أو ما هو فى اطار الألزام ، أن التأخى لا يؤتى ثمارة إلا أن خرج عن اطار الرسميات إلى اطار العلاقات الشخصية .

ولما كان لكل شىء حدود ولكل اسلوب منهجة فيجب أن يعرف القادة ولا سيما صغارهم أن التأخى الصادق الأمين المنبعث من القلب الكبير شىء وازالة الكلفة أو هدم فوارق الرتب شىء آخر ، وهنا يلعب العلم الذى بطبق بأسلوب الفن أخطر أدواره . ولما كنت ممن ينادون بأن اخطر المستويات القيادية هى قيادة الكتيبة يكون الأمر والحالة هذه فى عنق قائد الكتيبة لكى يضع لضباطة خطة التأخى واقول خطة وأنى اعنى ذلك بمفهومها العسكرى فخطواط الخطة تبدأ بهدف مطلوب تحقيقة نجرى له تقديراً للموقف نصل منه وبه إلى قرار سليم يعقبه متابعة واشراف .

وعن التدريب وأهميته فيقول :

تحدثت من قبل عن دور قائد الكتيبة كأب روحى لإدارة الرجال أو كرب الأسره فماذا عن التدريب .

التدريب إذا تحدثنا عن اصوله واساليبة وتطبيقاته نخرج عن موضوع اليوم لأنه فى حد ذاته سلسلة طويلة من الموضوعات ولكنى اكتفى بأن اقول إذا تساوى جميع الضباط فى كفائتهم كمدربين كل على مستواه وكل فى دائرة عملة وحدود مسئولياته – اكتفى من أن اقول أن المدرب الأول هو قائد السرية وأن اعتبر استاذاً فأن قائد الفصيلة هو الأستاذ المساعد وللإيجاز يشير إلى أن الجنود وبسهولة أ، تمييز بين الأستاذ والأستاذ المساعد والمدرس والمعيد ومن هو فى حاجة لأن يعود طالباً يدرس مرة آخرى قبل أن يمارس المهنة هذا تماماً كالكليات.أنى اضيف تحفظ واحداً هو أن الأستاذ فى الجامعات ابسط أما القائد فمهمته أصعب لسببين أولهما أختلاف المستوى الثقافى للجنود حتى وأن قل هذا الأختلاف وثانيهما أ، التدريب العسكرى فيه الجانب الفردى وفيه الجانب الجماعى إذ ليس يكفى أن يصبح كل فرد على جانب عالى من الكفاءه ، كفرد يجب أن يعرف دوره تماماً ضمن الفريق وأن ابسط تشبيهه بذلك هو الفرقة الموسيقية .

أما عن تحضيرات الدرس والصرامة فى توقيتات التدريب ألخ من الأمور فخى فى غير حاجة إلى التنويه . وأخيراً أوصى بأنه أن كان احد منا يشعر أن موضوعاً لم يتعلمه تماماً على يد من كان يجب أن يعلمه ابتداء من الكلية الحربية إلى اخر يوم فى الخدمة أن يطبق شعار علم نفسك بنفسك ، فألمعرفة هى اكبر موسوعات العلوم لكثرة متنوعاتها ".

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech