Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

حرب إحتلال العراق 2003-2017 الجزء الثالث

 

تتشرف المجموعة 73 مؤرخين 

بنشر كتاب حرب احتلال العراق 2003-2017 بموافقة الكاتب سيادة اللواء الركن 

 علوان العبوسي احد ابطال القوات الجوية العراقية

 نظرا لاهمية الكتاب الكبيرة وما فية من معلومات تاريخية يجب أن يعرفها علي عربي - نتمني ان يحوز اعجابكم وسنقوم بالنشر علي حلقات تباعا

ويرجي عند النقل او الاقتباس ان يتم الاشارة للكاتب وللمجموعة 73 مؤرخين كمصدر للنقل كحق ادبي اصيل لنا .

 

الفصل الرابع

مواقف واهداف الاطراف المؤيدة والمعارضة للحرب

عام

يمكن الوقوف على حقيقة الاهداف الامريكية من حربها على العراق من خلال مراجعة سياستها السابقة للوصول الى اهداف حملتها التي يعتقد انها تهدف الى :

•        التطلع الى احتلال منابع النفط الذي دخل طوراً نوعياً عام 1974 عندما بدأ النقاش لتعديل مبدأ الرئيس نيكسون الذي يقضي بعد حرب فيتنام بعدم إرسال القوات الامريكية الى المناطق الساخنة والمتفجرة بالعالم والعمل على إحداث استثناء لهذا المبدأ وقد تجسد هذا الاستثناء بمبدأ الرئيس كارتر عام 1977 ووضع آلية تتمثل بقوات التدخل السريع على تامين منابع البترول .

•        مخطط استراتيجي للشرق الاوسط من ثلاث أهداف هي :

-        قوة وأمن وتفوق إسرائيل.

-        السيطرة على منابع النفط وطرق إمداده ووصوله .

-        أقامه نظام اقليمي جديد .

•        تامين القيادة المنفردة للولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً وتكنلوجياً واقتصادياً للعالم وفرض سياسة العولمة التي تصب في اتجاه هذا التامين والتغاضي الاخلاقي عن القيم الانسانية على اساس أولويات المصالح الامريكية طبقاً لسياسة تهدف الى :

-        عدم السماح لأي طرف او قوة في العالم باللحاق بالولايات المتحدة الامريكية عسكرياً او تكنولوجياً .

-        أعطت الولايات المتحدة الامريكية لنفسها الحق بالدور العالمي والانفراد بقراراتها.

-        للولايات المتحدة الحق في توجيه الضربات الاستباقية .

-        فرض القيم والمبادئ الامريكية عالمياً .

ومن الواضح ان العمل بهذه المرتكزات يعني الشيء الكثير للمجتمع الدولي و حصر المواقف بصورة منفردة من الحلفاء وإضعاف ميثاق الامم المتحدة بصورته الحالية وفرض الامر الواقع عليه وابراز التفرد بالدور الامريكي عالمياً واستخدام الامم المتحدة كمسلك رئيس لا عمالها التي قد تقوم بها لتحقيق الاهداف الامريكية بالمطلق ، وهذا واقع جرى تطبيقه والسير بمقتضاه سواء بحربها ضد العراق او ضد دول عربية اخرى .

فألمانيا وفرنسا الدولتان المهمتان في الاتحاد الاوربي وحلف الأطلسي على سبيل المثال تعارضان حرباً تخوضها الولايات المتحدة دون التشاور معهما لخشيتهما انفراد واشنطن بقيادة العالم وتشعران بانهما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة اضمحلت اهميتهما الاستراتيجية بعدما كانت البوابة الشرقية لحلف الاطلسي ، كما ان موقف هاتين الدولتين المعارض للحرب على العراق تشكله عوامل اقتصادية وهما تدركان ان شركاتهما لن تحضي بعقود مماثلة لما ستحظى به الشركات الامريكية والانكليزية في العراق .

اما روسيا فتعتبر من اكثر الدول المتضررة من التغيير في حكم العراق ، وللنظام العراقي علاقات اقتصادية وسياسية قديمة وعريقة مع الاتحاد السوفيتي القديم ومع روسيا الاتحادية وعليه فان خشية روسيا اكبر من المانيا وفرنسا من ان تخسر السوق العراقية عند تغيير النظام.

اما بالنسبة للصين فهي معاضة للسياسة الامريكية التي تهدف الهيمنة على العالم وعلى الطاقة وبحكم علاقتها السياسية والاقتصادية مع العراق ولكن في نفس الوقت بعض الدول وعلى راسها بريطانيا تؤيد هذا التصعيد الامريكي تجاه العراق .

قوى التحالف والدول المؤيدة للحرب ضد العراق

الولايات المتحدة الامريكية

بالرغم ان الرئيس بوش قد حصل على تفويض من الكونجرس بشن الحرب على العراق ولكن الاعلام الامريكي والصحافة اظهرت موقفاً معارضاً قوياً للحرب حتى انه بدأ ان الصحافة الامريكية اخذت دور ممثلي الشعب غير الرسميين المعارضين للحرب بعدما اعطى ممثلو الشعب الرسميون (الكونجرس) تفويضاً للرئيس بوش بشن الحرب، فقد شهدت الاسابيع الاخيرة في الصحافة الامريكية سيلاً من التحليلات المناهضة للحرب وأرسلت معظم الصحف الامريكية مراسلين الى بغداد وارسل هؤلاء تقارير تصور بالتفصيل الحالة الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي ، كما ان معظم التحليلات انصبت على مدى جسامة الخسائر في الارواح التي ستصيب الامريكيين في حال نشوب حرب وتأثير ذلك في الرأي العام الامريكي.

الموقف البريطاني

الموقف البريطاني كان اكثر تشددا للحرب على العراق ، فالقوات البريطانية تعمل جنباً الى جنب مع القوات الامريكية في الخليج لفرض العقوبات الدولية على العراق ، وقد قدم رئيس الوزراء البريطاني في اكثر من مناسبة معلومات وافتراءات يحسبها دقيقة عن اسلحة الدمار الشامل التي يملكها العراق وعن الاخطار التي يمكن ان تنجم عن استخدامها ، وبغرض دعم الموقف الامريكي ضد العراق قدم توني بلير اواخر ايلول ( سبتمبر) 2002 الى مجلس العموم البريطاني تقريره الشهير ضد الرئيس صدام حسين الذي اوضح فيها ان العراق سيكون قادراً على انتاج سلاح نووي خلال عام او عامين ، وان الرئيس العراقي لايزال حريصاً على تطوير اسلحة الدمار الشامل وبإمكانه نشر اسلحته البيولوجية والكيمياوية في مدة تقل عن الساعة ،ومنذ صدور ذلك التقرير بدأت طبول الحرب ضد العراق تقرع بشدة في واشنطن وارتفعت اصوات المعارضة الفرنسية والروسية والصينية ، وهددت واشنطن عندئذ بالقيام بنزع اسلحة العراق سواء قبلت الامم المتحدة بالشروط الامريكية ام لم تقبل .

الموقف الاسباني

قدم السيد خوزيه ماريا رؤيته عن الازمة العراقية الامريكية من خلال ما نشره في جريدة الحياة في 15 / 3 / 2003 التي توضح وجهة النظر الاسبانية في تأييدها للولايات المتحدة واهم ما تضمنه :

•        (أن مرور أكثر من ثلاث أشهر على مصادقة مجلس الامن للقرار 1441 ، وهو القرار الذي يتيح امام نظام صدام حسين الفرصة الاخيرة لنزع اسلحته وكما يطالب بذلك المجتمع الدولي منذ 12 عاماً ، ولكن فإن النظام العراقي يواصل نهجه بعدم القيام بواجباته المتعلقة بنزع اسلحته وإن الرئيس صدام حسين لايزال يتلاعب تلاعباً متزايداً القسوة بالمفتشين وبالمجتمع الدولي) .

•        (ان القرار 1441 يشكل مطالبة المجتمع الدولي من صدام حسين بالتخلي عن اسلحة الدمار الشامل الحالية والمستقبلية ، كما ان القرار يشير الى الفرصة الاخيرة امام العراق للقيام بعملية نزع اسلحته لو كان نفذ ما طلب منه وقام بواجباته لكان بإمكان المفتشين ملاحظة ذلك والاشارة اليه في فترة قصيرة من الوقت وهذا ما حدث في عمليات نزع الاسلحة التي تمت في كل من اوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان وجنوب افريقيا).

•        (ان نزع اسلحة الدمار الشامل والتوصل الى احراز تقدم في الصراع العربي – الاسرائيلي هما اهم التحديات التي يواجها المجتمع الدولي واكد على مشاركة اسبانيا وكما شاركت في قضية الشرق الاوسط في مؤتمر مدريد ولن تدخر جهداً في تحقيق هذين المقصدين )

يبدوا ان السيد خوزيه ليس على اطلاع للمراوغة والكذب التي قامت به فرق التفتيش تجاه العراق طوال 12 عام ، بعد ان نفذ العراق كل ما طلب منه لتدمير اسلحة الدمار الشامل وكافة بنود القرار 1441 ولكن يبدوا انه قصد من تصريحاته دعم الولايات المتحدة في نهجها العدواني تجاه العراق حكومة وشعباً ( الباحث ) .

القوى المعارضة للتوجهات الامريكية في استخدام القوة ضد العراق

الموقف الفرنسي

علقت آمال كثيرة بمواقف كلا من روسيا والصين وفرنسا والمانيا في مطلع الازمة العراقية لمعارضتها السياسة الامريكية ومشروع الحرب على العراق ، ولكن ما ان تصاعدت الازمة حتى فقد معظم العرب ومعسكر مناهضة الحرب الكثير من الاطمئنان للموقفين الروسي والصيني وبرزت فرنسا والمانيا باعتبارهما الاكثر جدية وتماسكاً في وقوفهما بوجه الهيمنة والابتزاز الامريكي ، وقد لعب الفرنسيون دوراً هاماً في تعديل مشروع قرار مجلس الامن 1441 بحيث أصبح للمراقبين ولمجلس الامن الحق في تقدير الموقف العراقي ومدى تعاونه واستعداده للتخلص من اسلحة الدمار الشامل بمصداقية تامة ، وبالرغم من الضغوط الامريكية وقيام بريطانيا بمناورة شق الصف الاوربي وقيادة معسكر موال لواشنطن فقد استمرت فرنسا تقاوم التحركات الامريكية المتسارعة نحو الحرب وفرنسا تدرك جيداً الاهداف الامريكية من هذه الحرب متجاوزة هدف نزع اسلحة الدمار الشامل الى الاطاحة بالنظام العراقي واحتلال العراق والسيطرة على مقدراته بل تتجاوز العراق لتطال كل منطقة الشرق الاوسط ، وقد تبلور الموقف الفرنسي من خلال تأييد المطالب الامريكية في نزع سلاح الدمار الشامل العراقي والتأكيد على ان يتم هذا من خلال قرار دولي وإطار مجلس الامن والامم المتحدة وعملوا على إبراز دور المراقبين الدوليين كقضاة في تقدير مدى الاستجابة العراقية وليس واشنطن التي تسعى لا ظهار الدور السلبي للعراق .

الموقف الالماني

لم يختلف الموقف الالماني كثيراً عن الموقف الفرنسي في معارضة الهيمنة الامريكية على الاحداث في العالم وإخضاعها لدول العالم المختلفة لسيطرتها وتحقيق مطامعها ومصالحها في آن واحد ، فالموقف الالماني يعتمد بالأساس على إعطاء مهلة كافية للمفتشين لنزع أسلحة الدمار الشامل إن وجدت والحل السلمي للمشكلة، كما تعارض المانيا الولايات المتحدة فيما يلي :

•        الهيمنة الامريكية على مسار الاحداث العالمية وتحقيق حلول تتفق مع مصالحها فقط وليس طبقاً لمصالح شعوب العالم المختلفة .

•        تخوف الماني من احكام سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على منابع البترول في ارجاء العالم المختلفة مما قد يضعف القدرات الاقتصادية لكل من المانيا وفرنسا ووضعهما تحت رحمة الولايات المتحدة الامريكية .

•        تطلعات المانيا لعائداتها الاقتصادية مع العراق في اطار تخوفها من الهيمنة الامريكية على منطقة الخليج وحرمان الدول الاوربية التي لا ترضخ للولايات المتحدة الامريكية .

•        تحقيق المكانة الاوربية المناسبة كقوة عظمى تقف على قدم المساواة والمنافسة مع الولايات المتحدة وربما تكون ازمة العراق بداية لتحقيق هذا الهدف المنشود .

الموقف الروسي من الازمة العراقية الامريكية

تعتبر روسيا من الدول ذات العلاقات الجيدة مع العراق ، وكانت من اكبر الدول المصدرة للسلاح للعراق ، وقد استمرت هذه العلاقة في اطار تسلسل الاحداث التي مرت بها دول المنطقة عبر حربي الخليج الاولى والثانية وعقب ذلك كانت روسيا تحاول جاهدة مساعدة العراق لتجنب الازمات الدولية التي كان يمر بها مع التحالف الدولي او مع الامم المتحدة ، ويجدر القول ان الدبلوماسية الروسية حذرت الساسة العراقيين مراراً من خطورة سياستهم التي ينتهجونها باتجاه المماطلة بعملية التطبيق الكامل لقرارات مجلس الامن الدولي ومن ان الولايات المتحدة يمكنها القيام بعملية عسكرية ضد بغداد ، ويجدر القول ان الدبلوماسية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظلت سياستها مع العراق متينة ومتزنة في تقديم الدعم المعنوي والسياسي بما في ذلك في اطار الامم المتحدة برفضها التوجه نحو استخدام القوة العسكرية في تطبيق قرارات الامم المتحدة ،وحاولت روسيا عدم انفراد الولايات المتحدة الامريكية بغزو العراق دون غطاء دولي وقرار الامم المتحدة في اطار سعيها لتحقيق الحل السلمي للازمة العراقية الامريكية ، كما سعت روسيا من جراء تحالفها مع المانيا وفرنسا من خلال مجلس الامن عدم استصدار قرار جديد بعد القرار 1441 ، هذا وقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية الضغط على روسيا بكافة الوسائل لموافقتها على تمرير قرار جديد من مجلس الامن يخول لها استخدام القوة ضد العراق تارة بالوسائل الدبلوماسية وتارة بالوسائل الاقتصادية سواء عن طريق مساعدتها الاقتصادية منها تقديم تكنلوجيا استخراج النفط من حقول سيبيريا ومد خط انابيب للغاز من غرب روسيا الى الجزر اليابانية ومنها الى غرب الولايات المتحدة الامريكية في اطار الحملة الامريكية لتقليل اعتمادها على بترول الشرق الاوسط واستخدام روسيا كمنافس للبترول السعودي في منظمة اوبك .

الموقف التركي

يُعد الموقف التركي من الأزمة العراقية شديد الخصوصية ، بحكم أن تركيا حليف مهم للولايات المتحدة الأمريكية، وعضويتها في حلف الناتو، وبها أهم قاعدة جوية للناتو وهى (أنجر ليك) في جنوب تركيا. وفي الوقت ذاته كان الموقف التركي شديد التحفظ إزاء ضرب العراق، لخشية أنقرة من أن يؤدي ذلك إلى تطورات لا تنتهى بقيام دولة كردية شمال العراق، يكون لها امتداداً مع أكراد جنوب تركيا، حيث ينشط حزب العمال الكردستاني   .

والواقع أن الإدارة الأمريكية سعت لاستخدام الورقة الكردية وسيلة ضغط على القيادة التركية، التي رفضت حتى نهاية 2002 استخدام قواعدها الجوية في (أنجر ليك)، وباتمان، وديار بكر بواسطة القوات الأمريكية، في حال شن هجوم على العراق.

إلا أن زيارة رئيس الحكومة أردوغان لواشنطن أحدثت تحولاً سياسياً في الموقف التركي، حيث استغلت واشنطن حاجة أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، ومساعدات عسكرية قيمتها 800 مليون دولار لشراء ثمان طائرات عمودية من نوع (سي هوك) ، وست طائرات عمودية من نوع (بلاك هوك) ، واستجابت لها واشنطن مقابل تأييد حكومة أنقرة للحرب على العراق، والموافقة على نشر 90 ألف جندي أمريكي في الأراضي التركية ، فضلاً عن استخدام ستة مطارات وميناءين تركيين تحت تصرف واشنطن.

إلا أن أنقرة، حتى انتهاء عام 2002، لم تكن قد بتَّت في هذا الطلب، خشية الاصطدام المبكر بالرأي العام التركي الرافض للحرب ، ومن ثم رفض البرلمان التركي ، إلا أن الحكومة التركية عوضاً عن ذلك وافقت على التجديد السنوي للاستخدام الأمريكي للقواعد التركية في مراقبة مناطق الحظر الجوي شمال العراق.

وقد اضطرت القيادة الأمريكية إلى تعديل خططها لمواجهة الرفض التركي، وذلك بتحويل السفن التي تحمل المعدات الثقيلة إلى الخليج عبر قناة السويس، وهى رحلة تستغرق أسبوعين، مع نقل الأفراد جواً عبر الأجواء التركية رأساً إلى شمال العراق، وأن تشن المقاتلات الأمريكية الرابضة على حاملات الطائرات في البحر الأحمر هجماتها مباشرة ضد الأهداف العراقية في شمال العراق بدلاً من المطارات التركية.

الموقف الايراني

لاشك ان حرباً امريكية ضد العراق يتم من خلالها اسقاط نظام الرئيس صدام حسين وتدمير القوات المسلحة العراقية والبنية الاساسية العراقي يصب في مصلحة ايران لكون العراق يعد منافسها القوي في تحقيق اطماعها وهيمنتها الفارسية على منطقة الشرق الاوسط وهو حلم خميني عند عودته من باريس عام 1979 في تنفيذ مخطط تصدير الثورة الخمينية للعالمين العربي والاسلامي ، مما ادى نشوب الحرب العراقية الايرانية 1980 – 1988 ادت الى خسائر جسيمة للبلدين بالأرواح والمعدات وانهيار كبير لاقتصادهما ، ثم قبول ايران بقرار مجلس الامن 598 لوقف اطلاق النار بعد ان تجرع خميني السم (كما ذكر في خطاب الموافقة على وقف اطلاق النار بين العراق وايران ) واعتبر العراق منتصرا في هذه الحرب .

إلا أن روح الانتقام والحقد الإيراني المتأصلة من العروبة بشكل عام والنظام العراقي بشكل خاص كانت هي التي تحكم السياسة الإيرانية ، عندما لاحت بوادر غزو أمريكي للعراق، عام 2003، حيث أفادت بعض مصادر المعلومات أن تعاون مخابراتي تم بين أجهزة المخابرات الأمريكية والإيرانية، لاستيضاح موقف إيران عند نشوب الحرب، حيث تعهد النظام الإيراني بعدم التدخل في أثناء الحرب .

في أغسطس 2002، أعلنت إيران رسمياً وقوفها على الحياد حال اندلاع الحرب، وأنها ليست على استعداد للدخول في مغامرة غير مضمونة العواقب ، ولكن جرت اتصالات سرية بين واشنطن وطهران (*) ، في أوائل ديسمبر 2002  في باريس  تم بمقتضاها سماح إيران للمقاتلات الأمريكية والبريطانية باستخدام الأجواء الإيرانية في حال تعرضها لوسائل الدفاع الجوي العراقية ، فضلاً عن تقديم إيران معلومات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية ووسائل إيصالها الصاروخية ، وفي ذات الوقت   استضافت إيران مؤتمراً للمعارضة العراقية جاء تحضيراً لما سيجري بعد احتلال العراق .

في هذا الصدد يذكر الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي سفير العراق في ايران لغاية الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ما يأتي (قبيل احتلال العراق بنحو ستة أشهر كانت الاستعدادات الإيرانية الرسمية تجري بمنتهى السرية على المستويات كافة ، فيما كان الغزو الأمريكي المرتقب هو القضية المركزية على صفحات جرائد طهران ودورياتها واعلامها الفضائي  وإذاعاتها الموجهة ، وبالوزن السياسي المكثف نفسه كانت مراكز البحوث الحكومية تنشغل بمناقشة دوافع الحرب المحتملة والتنبؤ بنتائجها ، وانخرط رجال الحوزات الدينية في معمعة التوصيف والتحليل ، وكان كل فريق يضع تصوراته المستقبلية من منطلقات خاصة تعبر عن رأيه العقائدي أو تعكس رؤيته الإيديولوجية ، ووسط هذه الأجواء المتأججة بالأفكار والنظريات وحمى السجالات واختلاف وجهات النظر، ما بين الأفندية والمعممين،  يفاجأ المراقب وقد يصاب بالذهول حين يكتشف أن جوهر الصراع بين القوى السياسية بيمينها ويسارها يكمن فقط في النقاط الفنية، نحو حجم التدخل وكيفياته ، التوقيتات قبيل ، وأثناء الحرب  أسلوب استغلال مدخلات الغزو الأمريكي المرتقب على العراق ، بعبارة أخرى  إن القوى الحكومية والحزبية كافة  لا خلاف بينها على جدوى غزو العراق، هي كانت تخشى فقط المتغير الطارئ الذي يلزم تراجع الولايات المتحدة عن عزمها تحت الضغط الأممي المناهض للحرب، فتضيع فرصة موت الخصم العنيد ، وعندما أدركت ولاية الفقيه من خلال اجتماعاتها مع الأمريكيين والأوروبيين أن الحرب على العراق واقعة لا محال وأن العد التنازلي لساعة الصفر قد يبدأ في أي وقت ، سارعت إلى إعداد خطط التسلل وصممت مناطق النفوذ  وطبقاً لذلك راحت تهيئ المعارضة وتنظم حركتها باتجاهين ، الأول تهيئة رجال الدين والمرجعيات والأحزاب الموالية لولاية الفقيه  وهذا هو الجزء الأكثر أهمية لتكريس النفوذ الإيراني ذي الطابع الشعوبي من ناحية والقضاء على القوى العروبية من ناحية أخرى، وجعل منطقة جنوب العراق رأس سهم لمحاربة العشائر العربية.

الثاني  ركَّزت فيه على تقوية علاقاتها وتوطيدها بالعناصر والتنظيمات العلمانية  أمثال أحمد الجلبي ومن هم على شاكلته  وقيادة حزبي الطالباني والبارزاني.

إن أول ما يلفت النظر عند تأمل سلوك الدولة الإيرانية تجاه العراق إن لإيران مصلحة راسخة وهدفاً ثابتاً في منع العراق من التحول مرة أخرى إلى دولة قوية تناطح إيران أو السعي إلى الحد من قدرتها على مد نفوذها وتحقيق أهدافها في الخليج العربي بنحو خاص، وذلك هو أبرز ما تعلمته إيران واستنبطته من دروس حرب الثماني السنوات ، فالدولة الإيرانية تحرص الآن أو مستقبلاً على أن لا تصل إلى حكم العراق أي قوة ذات موقف وطني مستقل  أو ذات رؤى واستراتيجيات طموحة تعمل من أجل تقوية العراق والعروبة، وبعبارة أخرى: إن إيران تأخذ بالفكرة القائلة إن ضعف دولة الجوار إنما يعنى قوتها هي، وإن قوة دولة الجوار يحولها إلى دولة تهدد الأمن القومي الإيراني.

هنا كانت طهران تقف في منطقة التضليل الكبرى، طبقاً للحياد المزعوم، وهي تتحدث بلسانين في آن معا: (نعم) و(لا). نعم لزوال العراق، وهذه الـ (نعم) هي الترجمة الأمينة لتواطؤ طهران مع النوايا العدوانية للولايات المتحدة الأمريكية، اتفاقاً وتنسيقاً على إسقاط العراق وتدمير بنيته وتفكيك جهازه العسكري. أما الـ(لا) فهي جملة تصريحات مسؤولي الجمهورية الإسلامية وقادتها المعلنة إعلامياً، والتي تصب في خانة الممانعة على شن الحرب)  (1) .

جورج تنيت .ايران تدعم الحرب على العراق

كانت ايران تقف على الحياد  من الحرب على العراق ولكن ذلك في الباطن ، لكنها تنتظر اللحظة المناسبة لتكشف موقفها الحقيقي ، ففي الصفحة 400 من كتاب (في قلب العاصفة ) يذكر مدير المخابرات الامريكية (CIA)  جورج تنيت  ما يأتي ( وعدت الولايات المتحدة بتسليم كمية كبيرة من الاسلحة الى الفصيلين الكرديين الرئيسيين شمال العراق لكي ينضما الى القتال بفعالية ، ولم يكن الحصول على الاسلحة يثير مشكلة ، لكن ايصالها الى هناك هو المشكلة بعد رفض الاتراك عبور الاسلحة عبر بلدهم ، استأجرت (CIA) عدة طائرات نقل كبيرة لكن رفضت كل البلدان المجاورة التي طلب منها حقوق المرور في اجوائها فغضب  الاكراد من التأخير واخذوا يسالون مراراً وتكراراً اين الاسلحة التي وعدتمونا بها؟ ولم يكن لدينا جواب مرضي . أخيراً في شباط 2003 قبل نحو شهر من بداية الحرب   قال ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني المحلي ( لطوم سي ) رئيس فريق جهاز الارتباط الامريكي في شمال العراق بمدينة السليمانية (لا عليكم ) ذُهل طوم عندما شاهد شاحنات تصل الى مستودع على بعد خمسين قدم من مقره واطناناً من الاسلحة التي سلمها الحرس الثوري الايراني الى الاكراد .  (2)

الموقف الاسرائيلي

من الناحية الظاهرية  أدعت إسرائيل أن الحرب الأمريكية ضد العراق لا شأن لها بها  إلا أن ذلك لم يكن صحيحاً  حتى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تُشير بين حين وآخر إلى مشاركات إسرائيلية  ونصائح وتقارير تقدمها إلى قوات التحالف  من قبل بدء العمليات  من أجل توفير صورة عن طبيعة المعارك المحتملة  التي قد تواجهها هذه القوات في العراق  لاسيما في المدن ،  ولم يكن ذلك مستغرباً  لأن تدمير دولة عربية كبيرة وجيشها مثل العراق يصب بشكل رئيس في مصلحة وأهداف إسرائيل  التي غايتها  أن تكون القوة الإقليمية العظمى في المنطقة بلا منازع باحتكارها  السلاح النووي، فضلاً عن باقي أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية، ووسائل إيصالها الصاروخية والجوية.

وفي سياق إعداد المجتمع الإسرائيلي لحالة خوف مصطنع  تسوّغ الحصول على مساعدات عسكرية أمريكية  وإيجاد قاعدة تأييد داخلية لضرب العراق  مستذكرا ماتم من في حرب الخليج الثانية من ضرب اسرائيل بصواريخ سكود العراقية .

وفي السياق ذاته أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية عدة بطاريات باتريوت مضادة للصواريخ مع طواقمها الأمريكية إلى إسرائيل ، فضلاً عن تقديم واشنطن مساعدات مالية وفنية سخية لتطوير الصواريخ الإسرائيلية (حيتس) المضادة للصواريخ ، كما منحت إسرائيل ميزة تلقي المعلومات والصور مباشرة من الأقمار الصناعية الأمريكية، وأية إنذارات عن إطلاق صواريخ من داخل العراق، أو حتى أي تحرك جوي هناك.

وقبل فترة وجيزة من بدء العمليات العسكرية، تكررت إشارات عن وجود قوات نخبة إسرائيلية وعملاء للمخابرات الإسرائيلية  في مناطق عدة من العراق لاسيما في المنطقة الكردية بشمال العراق  وفي غرب العراق  الأمر الذي سبب حرجاً للإدارة الأمريكية التي طلبت من إسرائيل عدم نشر أي معلومات عن الحرب في العراق  لاسيما بعد أن أشارت تقارير لوجود مستشارين إسرائيليين في مركز القيادة الوسطى الأمريكية في (السيلية) بقطر  يقدمون خدمات استشارية  للقوات الأمريكية والبريطانية  ناهيك عن تقارير أخرى أشارت إلى تدريبات مشتركة بين قوات إسرائيلية وأمريكية  ووجود أسلحة ومعدات إسرائيلية في أيدي القوات الأمريكية، أبرزها طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع.

 


*).الباطن في مقابلة الظاهر والباطنية هم الذين يخفون خلف كل ظاهر باطنًا مضمرًا، والسياسة الايرانية قد الفت   بواطن العمل السياسي وظواهره

1).الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي : سفير العراق في ايران : وقائع من الدور الايراني في احتلال العراق :ولاية الفقيه والخليج العربي : موقع وجهات نظر .

2).الفريق الركن ياسين فليح المعيني : مصدر سابق ص442 .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech