Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

حرب أكتوبر وأزمة المخابرات الاسرائيلية

 

 

 

حظيت حرب أكتوبر باهتمام واسع من قبل المفكرين والساسة والعسكريين في الوطن العربي واسرائيل بل وفي العالم أيضا ولعل كتاب حرب أكتوبر وأزمة المخابرات الاسرائيلية للمؤلف الاسرائيلي، تسفي لائير أحد كبار المفكرين في مجال الدراسات الاستراتيجية في اسرائيل نموذج لذلك ومما يزيد من أهمية هذا الكتاب أنه أثار ضجة كبيرة في اسرائيل عند صدوره أدت في النهاية الى اختفائه والتعتيم الشديد عليه وتجاهله تماما في الكتابات العسكرية والاستراتيجية والسياسية الاسرائيلية التي تتناول حرب أكتوبر بالتحليل والدراسة والنقد وهو ما دفع مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة الى ترجمته الى العربية واصداره مؤخرا في اطار سلسلة الدراسات الدينية والتاريخية التي يصدرها المركز.

ويقول د. محمد محمد أبوغدير الذي قام بالترجمة أن المؤلف يقدم في هذا الكتاب نقدا عنيفا للتفسيرات الاسرائيلية التي أعطيت لتبرير هزيمة الجيش الاسرائيلي في حرب 1973 مؤكدا على ضعف تلك التفسيرات وأنها لا تتناسب أبدا مع هذا الحدث الهائل في تاريخ العسكرية الاسرائيلية لكونها أول هزيمة عسكرية لاسرائيل على أيدي العرب.. كما أنها لم تفد في الكشف عن جوانب التقصير التنظيمية والمخابراتية من جانب الجيش الاسرائيلي ولا في تحليل عنصر المفاجأة وكيفية حدوثها حيث أنها تناولت قشور القضية فقط والظواهر السطحية لها ولم تتناول صلب المفاجأة والأسباب العميقة لها حتى لا تعترف بانتصار الفكر السياسي والعسكري العربي على الفكر الاسرائيلي لذلك فإن هذا الكتاب يعد شهادة تقدير واعتراف قوي بالنجاح الذي حققته العسكرية العربية في 1973 رغم محاولات التخفيف من الصدمة التي لحقت باسرائيل وبالاسرائيليين وبمؤسساتها السياسية والعسكرية والتي تصل الى حد عدم الاعتراف الكامل بالهزيمة.


ويتكون الكتاب من ثلاثة فصول ويتحدث المؤلف في الفصل الأول عن المفاجأة والانذار المبكر وهل المفاجأة في حرب أكتوبر كانت نتيجة لفشل في الانذار المبكر وأن المخابرات العسكرية الاسرائيلية فشلت لأنها لم تقدم الانذار المبكر المطلوب وبالتالي فهي مسئولة مسئولية مباشرة عن الانتصار المصري السوري في الحرب فالانذار المبكر يسمح بالتعبئة المنظمة لقوات الاحتياط كأساس راسخ في خطط دفاع الجيش الاسرائيلي وقد سقط هذا الأساس وبالتالي فشل الجيش الاسرائيلي في تنفيذ خططه الحربية وبخاصة لأنه يعتمد اعتمادا أساسيا على وحدات الاحتياط وانتشارها واستدعاء الاحتياط يعتمد على الانذار المبكر الذي لم يتم، فقد قضت لجنة اجرانات في أعقاب حرب يوم الغفران بأن المخابرات العسكرية «أمان» فشلت لأنها لم تقدم الانذار المبكر المطلوب ولذلك رأت اللجنة أن «أمان» مسئول بدرجة كبيرة عن النجاحات غير المتوقعة التي حققتها كل من مصر وسوريا خلال الأيام الأولى للحرب.


وقد رأت لجنة أجرانات وكذلك الرأي العام الاسرائيلي أن فشل جهاز المخابرات الاسرائيلي في اعطاء الانذار المبكر كان أحد الأسباب الرئيسية التي حالت دون توفير الامكانيات لجيش الدفاع لتنفيذ خططه السابقة عن الحرب ولو نفذت لكان في استطاعة جيش الدفاع كما حدث في الحروب السابقة تحقيق الانتصار الحاسم والسريع على الجيوش العربية حيث أن القوة الرئيسية لجيش الدفاع تعتمد على وحدات الاحتياط.


ومن المسلمات الراسخة الأخرى والتي تتصل بالمفاجأة التي حدثت في حرب يوم الغفران تلك التي ترى بأن الانذار المبكر المخابراتي الذي قدم صبيحة السادس من أكتوبر حدد الساعة 18.00 موعدا لبدء الحرب ولكن الحرب بدأت فعلا قبل ذلك بأربع ساعات أي في الساعة 13.58 ويتمسكون بأهداب تلك الحقيقة لتفسير الفشل العسكري الذي حدث في الأربع والعشرين ساعة الأولى للحرب وفي تفسير حقيقة أن الوحدات النظامية في القيادة الجنوبية لم تكن منتشرة وفق التخطيط المسبق، فمن المؤكد أن عدم تعبئة الاحتياط كما كان مخططا له بسبب الانذار المبكر قصير المدى فجر مشاكل خطيرة على مستوى تسليح القوات وتزويد الوحدات المختلفة بالعناصر البشرية المنقولة اليها على استعجال وأدى ذلك في بعض الأحيان الى الدفع بقوات الى ساحة القتال قبل أن تصل كل عناصر الدعم.


وفي نهاية هذا الفصل يقول المؤلف أنه يجب أن نضع علامة استفهام في نهاية الزعم القائل بأنه لو وصل انذار مبكر وبصورة مبكرة ولو قام جيش الدفاع بنشر كامل قواته لفشل المصريون والسوريون في تحقيق هدفهم ولما وقعت الحرب حيث يؤكد رئيس الأركان المصري الأسبق الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته عن حرب يوم الغفران أن تقديرات المخابرات المصرية كانت ترى بأنه رغم خطة التمويه المصرية سيكون لدى الاسرائيليين انذار مبكر لمدة ثلاثة أيام على الأقل بل ربما سيكون لديهم هذا الانذار المبكر قبل اندلاع الحرب بخمسة عشر يوما


اكتشاف الصورة الخاطئة وفي الفصل الثاني يناقش المؤلف الفارق بين المفاجآت الآتية والمفاجآت الأساسية وأن صدمة يوم الغفران تتركز في اكتشاف المجتمع الاسرائيلي للصور الذاتية الخاطئة عن أنفسهم وعن قدرتهم العسكرية والاجتماعية وعن قدرتهم المعنوية حيث رأت لجنة أجرانات أن مفاجأة حرب يوم الغفران وقعت لأن التصور الخاص بشعبة المخابرات في القيادة العامة كان خاطئا وقد ربطت اللجنة ذلك بافتراضين استراتيجيين وهما.

ان مصر لن تبدأ الحرب ضد اسرائيل إلا اذا ضمنت لنفسها وفي البداية توافر القدرة الجوية على مهاجمة العمق الاسرائيلي وبخاصة مهاجمة المطارات الاسرائيلية الرئيسية لكي يصاب السلاح الجوي الاسرائيلي بالشلل. أن سوريا لن تشن هجوما واسعا على اسرائيل إلا اذا حدث ذلك في توقيت واحد مع مصر.


والملمح الهام الآخر الخاص بحجم المفاجأة الأساسية والذي لم يشمله وصف لجنة أجرانات لمصطلح «التصور» هو حالة الهلع التي شعر بها الطرف الذي تعرض للمفاجأة والتي لا ترتبط بالخصم مباشرة فقد انهارت خلال حرب يوم الغفران الفكرة القائلة بأن الجيش الاسرائيلي هو «محمية طبيعية» داخل المجتمع الاسرائيلي وأنه يمكن الحفاظ ولفترة طويلة من الوقت بهذا الجيش كواحة للفاعلية والمنعة للنأي به بعيدا عما يصيب المجتمع المحيط به وفوجئ الاسرائيليون بعدم فاعلية تنظيمه وانهيار المصداقية في التصريحات المتكررة من جانب زعمائهم من أن اسرائيل حققت بعد الأيام الستة انتصارا رسخ أمنها وحولها الى قوة جوية كبرى مما سيساعدها على تخليد الوضع الراهن السياسي الاستراتيجي على الدوام.


ولكن تبين للاسرائيليين في السابع من أكتوبر وللمرة الأولى أن هناك امكانية في أن تقع الهزيمة بجيش الدفاع على أيدي العرب بكل ما يستدل من ذلك من معان تجاه الصورة التي كونها الاسرائيليون عن قوتهم القومية - الاجتماعية - لقد فوجئ الاسرائيليون عندما تبين لهم بأنه ليس في مقدور الجيش الاسرائيلي حسم المعركة في جبهتين في آن واحد وأنه لكي يحقق الحسم في إحدى الجبهتين فإن عليه أن يتقبل وبصورة مؤقتة المكاسب العسكرية التي يحققها العرب في الجبهة الأخرى. ويمكن أن نفسر حالة الهلع التي حدثت بأنها ناجمة عن التبدد المفاجئ للمسلمات المتوارثة فهذه الفجوة بين التوقعات وبين الأحداث الفعلية فجرت الدافع النفسي للعثور على سبب أو عنصر تحمله مسئولية ما حدث وكان السبب الأول الذي سبق كتفسير للفجوة بين التوقعات وبين الواقع الفعلي هو عدم تلقي الانذار المبكر في الموعد المناسب فلقد خلقت سلسلة حروب اسرائيل منذ حرب 1948 وحتى حرب يوم الغفران صورتين داخل المجتمع الاسرائيلي ـالأولى: أن الأمن يحدد بالوسائل العسكرية وليس السياسية.


ـ الثانية «أن أي صدام عسكري مع العرب ينتهي بتعاظم الأمن الاسرائيلي وكان لحرب الأيام الستة دور حاسم في ترسيخ هاتين الصورتين..


وقد توافرت خلال حرب الاستنزاف جميع الملامح المطلوبة لزعزعة هذا التصور ولكن وبصورة تدعو للاستغراب قاموا بترسيخ هذا التصور حيث نظر الاسرائيليون الى نهاية حرب الاستنزاف على أساس أنها نصر اسرائيلي يثبت عجز العرب في أن يفرضوا على اسرائيل حلولا بالوسائل العسكرية وأنه بعد ثبوت التفوق الاسرائيلي في حرب الأيام الستة باعتبارها حربا شاملة فإن حرب الاستنزاف أثبتت أنه ليس أمام العرب فرصة الصمود في وجه اسرائيل في مثل هذه الحرب بينما تشكل الرؤية المصرية لحرب الاستنزاف دحضا واضحا لتلك النظريات الاسرائيلية، وهكذا ازدادت في أعقاب حرب الاستنزاف الآمال التي علقها الجيش على السلاح الجوي لكي يكون قادرا خلال الحرب القادمة أيضا على العمل كمدفعية ثقيلة وأن يقدم الدعم للقوات البرية ويحدث ذلك رغم أن حرب الاستنزاف أبرزت المصاعب المتزايدة أمام تحقيق حرية العمل للسلاح الجوي في الجبهة بسبب حوائط الصواريخ وفي صيف 1973 نشر نظام صاروخي للدفاع الجوي من دمشق فجنوبا صوب درعا وهكذا أصبحت هضبة الجولان جميعها منطقة مغطاة بالصواريخ وتضاءلت مساحة العمل أمام السلاح الجوي بنسب كبيرة واستند الدفاع الاسرائيلي في مرحلة صد الهجوم السوري على الدعم الفوري الذي يقدمه السلاح الجوي اذ لم تتواجد على امتداد الخط الأمامي ذاته سوى 70 دبابة تقريبا وقوة مشاة محدودة وما بين 3-4 بطاريات مدفعية.


ولكن ورغم كل ذلك لم يتم الاستفادة من هذه المعلومات حيث واصلت اسرائيل التمسك بتصور خاطئ عن أهداف الحرب العربية عشية حرب الغفران وخلالها أيضا فالمعلومات الواضحة التي تتحدث عن قيام المصريين والسوريين بحشد قواتهم استعدادا للحرب لم تدفع القيادة السياسية الى تصديق أن السادات والأسد يبدآن الحرب حقا وكان الموقف الاسرائيلي يرى بأن مثل هذه الحرب ستحسم عسكريا لصالح اسرائيل حيث أن العرب يفتقرون أي فرصة للانتصار فيها. ولذلك فقد شكلت حرب يوم الغفران بعدا جديدا عند مقارنتها بسلسلة الحروب التي خاضتها اسرائيل ضد العرب منذ حرب 1948 فهذه هي المرة الأولى التي خاض فيها الجيش الاسرائيلي حربا جاءت بدايتها في صورة هجوم عربي بكامل قواته فالخبرة التاريخية لجيش الدفاع لم تحصنه ضد هذا الاحتمال.


صحوة مبكرة ويشير المؤلف الى أنه رغم تعرض الجيش الاسرائيلي لحرب جاء بدايتها من جانب العرب لأول مرة فقد برزت سمة هامة خلال المراحل المتأخرة من الحرب وهي معدل الصحوة التي شاهدها الجيش لقد توافرت لاسرائيل خلال حرب يوم الغفران القدرة على قراءة الوضع وبسرعة الى جانب الحنكة والارتجال والجرأة لدى القادة المحاربين وكانت تلك عوامل هامة في الصحوة العسكرية في تحويل عجلة الحرب من وضع استهلالي خطير الى وضع تحقيق مكاسب عسكرية في نهايتها فقد نفذ الاسرائيليون الهجوم المضاد الأول الذي فشل في الجبهة الجنوبية في الثامن من أكتوبر أي بعد يومين من حدوث المفاجأة وفي الجبهة الشمالية استكملت قوات الجيش الاسرائيلي حتى العاشر من أكتوبر اعادة الاستيلاء على هضبة الجولان فيما عدا جبل الشيخ وبدأت في تقدمها في عمق الأراضي السورية وحدث كل ذلك رغم تعرض اسرائيل لمفاجأة في جبهتين وفي توقيت واحد.


وفي الفصل الثالث يقدم المؤلف تحليلا عميقا للدروس المستفادة من حرب اكتوبر 1973 ومن أهم هذه الدروس من وجهة نظر المؤلف أن حرب يوم الغفران كشفت التناقض الجوهري القائم بين التطور العظيم للفكر السياسي والعسكري المصري والسوري وجمود الفكر السياسي والأمني الاسرائيلي حيث تضمن التخطيط المصري السوري للحرب مجموعة كبيرة من اجراءات الاخفاء والتضليل ونفذ ذلك تحت ستار المناورة العسكرية حيث تلقى الضباط الذين تقرر اشراكهم في الحرب على مستوى السرية والكتيبة أوامر العبور قبل بداية الحرب بساعات معدودة فقط وأشارت البرقيات والرسائل المصرية الكثيفة التي قامت شعبة المخابرات في القيادة العامة بفك رموزها الى أن هؤلاء مشغولون بمناورة كبرى وقد أدى ذلك الى تزايد مشاعر المصداقية في المعلومات العلنية التي بثها المصريون عن المناورة كما قام المصريون في الرابع من أكتوبر بتسريح حوالي 20 ألف جندي من الاحتياط ونشر ذلك على الملأ كما نشرت جريدة «الأهرام» في الخامس من أكتوبر خبرا عن تسجيل أسماء الجنود للحج لمن يرغب في ذلك كما لم تعط اعمال المراقبة لما يحدث على مسافة 150-200م حيث تتواجد مواقع الجنود المصريين في الضفة الغربية للقناة أي اشارة الى الحرب المقبلة بل العكس هو الصحيح فقد قيل بعد الحرب من أن الجنود المصريين شوهدوا صبيحة يوم الغفران وهم يجلسون في استرخاء على المرتفعات الرملية ويرتدون ملابسهم الداخلية.


ويبدو في نهاية الأمر أن خطة الاخفاء والتضليل المصرية رسخت الاعتقاد لدى الاسرائيليين بأن المصريين والسوريين لن يجرؤوا على الهجوم ولكن لم يكن الاخفاء والتضليل يشكلان العنصر الحاسم في خلق هذا الاعتقاد بل الذي فعل ذلك هو الخداع الاسرائيلي الذاتي وكما يبدو فإن المخططين المصريين لم يولوا قبل الحرب أهمية حاسمة لعملية الخداع والتضليل ومن الشواهد الهامة على أن المصريين لم يعلقوا أهمية حاسمة على الخداع خلال تخطيطهم للحرب ماقاله الفريق الشاذلي والذي ورد في كتابه «حرب أكتوبر - مذكرات» من أن المخابرات المصرية ذاتها كانت ترى أن اسرائيل ستحصل على انذار مبكر قبل الحرب بخمسة عشر يوما وبدأ المصريون في تبني أسطورة الخداع بأثر رجعي عندما تبين لهم الى أى مدى كانت المفاجأة شيئا حاسما وعلى ضوء السهولة غير المتوقعة التي تمت بها عملية العبور جاء ابراز أهمية النجاح في الخداع كجزء من التوجه المصري الى اظهار حرب يوم الغفران ليس فقط كنصر عسكري بل كشاهد على انهيار أسطورة التفوق العسكري الاسرائيلي.


مفاجأة السادات وجاء الدرس المستفاد الآني والهام للغاية متصلا بحجم الجيش ففي أعقاب الحرب بدأ الجيش الاسرائيلي مسيرة تعاظم كمي ضخم وبصورة غير مسبوقة وزاد حجم الجيش الاسرائيلي بحوالي الثلث مقارنة بحجمه قبل الحرب وزادت قواته النظامية بما يقرب الى النصف وبالنسبة لأجهزة المخابرات فإن الدرس الأساسي الذي يجب الخروج به من مفاجأة حرب يوم الغفران هو أنه ليس هناك ما يضمن عدم وقوع أجهزة المخابرات التي تعمل بفاعلية أكبر نسبيا على مستوى تقديرات الموقف الآنية والتي حققت انجازات كبيرة في مجال جمع المعلومات بل ونجحت في تطوير منظومة انذار مبكر آن ومتطور «وهو ما تميزت به منظومة المخابرات الاسرائيلية عشية حرب يوم الغفران» في مفاجآت أساسية أخرى وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك فقد تعرضت أجهزة المخابرات الاسرائيلية للمفاجأة مرة أخرى بعد اربع سنوات من حدوث المفاجأة الاساسية لحرب يوم الغفران وكانت هذه المفاجأة من نوع المفاجأة الأساسية ونقصد بذلك زيارة السادات للقدس التي كانت بمثابة مفاجأة اساسية لغالبية الاسرائيليين بما في ذلك أجهزة المخابرات والزعامة السياسية خاصة وأن عددا محدودا من الأشخاص كانوا مشاركين في سر هذه الزيارة. ولا يتمثل فشل المخابرات الاسرائيلية «أمان» في عدم تقديمها الانذار المبكر بشأن الزيارة وموعدها بل يتمثل أيضا في الكشف عن عدم الادراك الأساسي للتغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي حدثت في مصر والتي حدثت قبل ذلك بفترة من الوقت وأدت الى قيام الرئيس السادات بزيارة القدس.


ومن المجالات التي ربما كان تمسكنا فيها بتصور قومي خاطئ ما يتصل بنظرتنا الى سوريا باعتبارها أكثر أعداء اسرائيل تطرفا وشراسة ونشاطا وأنها آخر الدول العربية المرشحة للتوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل ويبدو على الأقل توافر عدة حقائق كان يجب أن تفجر علامات استفهام حول هذا التصور فليس هناك أي شك في الوضوح والتشدد الايديولوجي المعلن من جانب النظام البعثي في سوريا ولكن هذا النظام أثبت ولمرات عديدة قدرته على اتباع سياسة تتسم برجاحة العقل تجاه اسرائيل وعلى الالتزام بكبح جماح النفس والمرونة طالما أن مصلحته تدعوه الى تطبيق هذه السياسة التي مكنت الطرفين سوريا واسرائيل من تحاشي الدخول في حرب .


بينهما في الساحة اللبنانية ومن تحقيق الاستقرار المستمر وعلى عدم تجاوز رد فعل عال في هذه الساحة الصاخبة والمتقلبة إلا أن التصور الاسرائيلي تجاه السوريين هو تصور راسخ واحتمالات اعادة دراسته بصورة موضوعية هي احتمالات ضئيلة للغاية ولا ينبع ذلك فقط من الحاجز النفسي الايديولوجي بل ينبع أيضا وبصورة لا تقل عن ذلك من أن النظام السياسي في اسرائيل يخلو من أي عنصر سياسي مهتم باجراء مثل هذه الدراسة فليس هناك من يقوم بجمع بل وتقديم نفس الشواهد القائمة التي يستدل منها أن التصور الاسرائيلي تجاه سوريا ليس سليما بالضرورة.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech