Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

قتال الدبابات في حرب أكتوبر - دراسة شاملة

 

                                             الــصــمـــــــود :

لو أردنا أن نحكى عن آيات البطولة والصمود التى سطرتها قواتنا الباسلة بكل أفرعها فى حرب أكتوبر 73 لإحتجنا إلى مجلدات ومجلدات لذكر واحد من جزء من ألف جزء فقط ومع ذلك سنقف خاشعين أمام بعض المواجهات البارزة التى خاضها قواد الدبابات والمدرعات المصرية

يوم 6 أكتوبر تقدمت كتائب الدبابات المصرية فى سيناء بعد أن عبرت فوق الجسور المنصوبة وإنضمت لفرق المشاة التى سبقتها بالعبور تحت وابل من نيران العدو الإسرائيلى وبدأت تأخذ دورها فى مساندة القوات المصرية فى حصار نقاط العدو الحصينة فى خط بارليف والإستيلاء عليها وقدمت بمدافعها معاونة نيرانية فعالة متحركة لقوات المشاة الزاحفة فى تدمير الدبابات الإسرائيلية التى هرعت لتتصدى للقوات العابرة فى مرحلة بدء تكوين رؤوس الجسور المصرية وقد تعاونت المدرعات المصرية مع وحدات صواريخ المشاة من طرازات أربى جى وساجر و ب 10 / 11 وأقعوا خسائر جسيمة فى صفوف الدبابات الإسرائيلية بلغت 120 دبابة فى اليوم الأول وحده ..
وكذلك لا بد من الإشارة إلى قيام كتيبة مدرعة برمائية مصرية 602 من قوات لواء 130 مشاة الأسطول من التوغل حتى قرب منطقة المضايق فى محاولة لمهاجمة بعض الأهداف الإسرائيلية المنعزلة وتأخير تقدم الإحتياطى المدرع الإسرائيلى الموجود فى العمق وواجهت الكتيبة ثقل قوات العدو المدرعة فى المنطقة ومع أن تسليح العربات المدرعة المصرية كان عبارة عن مدافع صغيرة العيار من طراز 76 ملم لم تكن ندا أبدا لقوة مدافع دبابات الإم/ 48 و إم/ 60 الإسرائيليتين ً ذاتا العيار 105 ملم لم توفق الكتيبة 602 فى مهمتها رغم الشجاعة الفائقة التى أبداها جنود الكتيبة 602 بتسليحها الضعيف بعد أن فقدت جانبا من عرباتها المدرعة ومنيت بخسائر مؤثرة ومع ذلك لم تتعرض الدبابات المصرية عامة لخسائر كبيرة فى اليوم الأول للقتال فلم تزد خسائرها عن إصابة وتعطل 26 دبابة فقط
بحلول صباح يوم 7 أكتوبر أتمت الدبابات المصرية حشدها فى سيناء وتوزيعها على فرق المشاة الخمس حيث بلغت 800 دبابة و13 ألف سيارة ومركبة ومدرعة مرافقة مساندة
8 أكتوبر قدر موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أن يوم 8 أكتوبر سيكون يوم (الدروع المتصارعة) حيث شاركت الدبابات المصرية فى قطاع الجيش الثانى الفرفة الثانية مشاة فى معركة تدمير الكتيبة 190 المدرعة الإسرائيلية بقيادة العقيد عساف ياجورى وأسر الأخير
أما فى يوم 13 أكتوبر فقد قتل الجنرال ألبرت ماندلر أكبر وأشهر قائد إسرائيلى فى معارك الدبابات
يوم 14 أكتوبر بدء أكبر معارك الدبابات الكبرى فى التاريخ العسكرى التى إستمرت لحوالى أسبوع تقريباً يوم 14 أكتوبر كان يوم البداية وهو من أصعب الأيام التى قاسها سلاح المدرعات المصرية حيث كلف بالقيام بعملية تطوير الهجوم نحو المضايق بقوة 500 دبابة مصرية مشكلة فى فرقة 21 المدرعة وعدد من اللواءات المدرعة المستقلة وقد خرجت الوحدات المصرية من تحت نطاق حماية حائط الدفاع الجوى ورغم عدم مناسبة المهمة لفرق الدبابات المصرية وتعرضها لصواريخ
Tow الإسرائيلية وصواريخ ss10 , ss11 المضادة للدروع وكذلك والضربات الجوية المعادية ومعاناتها من خسائر كبيرة بلغت حوالى 250 دبابة مصرية إلا انها قاتلت فى بسالة فائقة وتقدمت فى إصرار وعناد على الرغم من كل ماسبق ذكره من عوائق وموانع وسحقت عدد من المواقع الإسرائيلية المتقدمة فى زحفها الأول وعلى أثر هذه المعركة غير الموفقة لرجال المدرعات المصرية رأى الإسرائيليون أن قوات المدرعات المصرية ضعيفة القيادة فى الحرب المتحركة وأن تكتيكاتها تفتقر إلى الخيال ! ومع ذلك ذكر أحد الضباط الإسرائيليين الكبار الذين شاركوا فى تلك المعركة للكاتب البريطانى إدجار أوبلانس (أن نيران دبابات المصريين كانت كثيفة للغاية وإلتهمت النيران كثيراً من الدبابات الإسرائيلية)   فقد العدو (أقل من 50 دبابة فى ذلك اليوم)
أيام 15 و 16 و 17 أكتوبر إستمرار لأكبر معارك الدبابات الرهيبة إذ بدأت معارك ثغرة الدفرسوار وصد الهجمات المضادة على طريق التقدم العدو فى معارك فتح الثغرة فى نطاق الفرقة 16 مشاة إذ إستمرت المعارك بين الدبابات المصرية والإسرائيلية ثلاثة أيام متصلة وهنا تألق المقاتل المصرى فى معارك الإلتحام بالدبابات فوق سيناء والضفة الغربية وفى معارك الفرقة 16 مشاة لقد حقق رجال المدرعات المصرية من عناصر الفرقه 21 المدرعة إنجازات ضخمة على كل المستويات تطلبت درجة عالية من الكفاءة والدقة المتناهية والتدريب المستمر الجيد قبل الحرب والقدرة الفنية والمناورة الميدانية


وإستمرت معركة الدبابات الكبرى أو بالأحرى سلسلة من المعارك وصد المصريون كل الهجمات المضادة الإسرائيلية حتى مساء يوم 17 أكتوبر لأن العدو شن الهجوم على الجبهة المصرية إبتداءاً من يوم 15 أكتوبر بتسعة ألوية مدرعة وقد قال قادة أحد الألوية المدرعة الإسرائيلية (آمنون ريشيف قائد اللواء 14 مدرع) لموشيه ديان أثناء زيارته لموقع القتال الذى دار فى نطاق الفرقة 21 المدرعة المصرية والمزرعة الصينية (( أنظر ياسيدى أنه وادى الموت)) وذلك لكثرة الدبابات الإسرائيلية المدمرة ومعها كذلك الدبابات المصرية للحد الذى جعل موشيه ديان يقول فى مذكراته أن مشاهد الدبابات المصرية والإسرائيلية المحطمة المحترقة والمقلوبة فوق أرض المعركة تفوق ماشاهده فى حياته من معارك سابقة ولا حتى فى الأفلام السينمائية الحربية وقد جرت فى بعض الأوقات وفى مراحل معينة من القتال ـ

يقول الملازم / يهونثان جيفن ـ معارك المدرعات من أعنف ما عرفه التاريخ من معارك الدروع حيث كانت الدبابات المصرية والإسرائيلية يجرى القتال بينهم على مدى 10 أمتار من بعضها البعض وفى أحد المواقع شوهدت دبابة إسرائيلية محترقة على بعد متر واحد من دبابة تى / 55 مصرية مدمرة . لقد علق الجنرال شارون على هذا المشهد الذى تعانق فيه مدفعيهما (( ماتوا فى وقت واحد))


فى القطاع الأوسط من الجبهة بالتحديد ذلك القطاع الذى بذل العدو الإسرائيلى جهداً غير عادى ومنى بخسائر رهيبة ثقيلة كى يحقق إختراقاً يسمح له بالنفاذ عبر قناة السويس إلى الضفة الغربية وتوسيع الثغرة حيث تكبدت ألوية شارون وبرن خسائر ضخمة فى كبرى معارك الدبابات التى دارت فى القطاع الأوسط لفتح الثغرة وإضطر كلا من شارون وإبراهام آدان الشهير ببرن لتدعيم ألويتهما المدرعة وتعزيزها بالمزيد والمزيد من الدبابات أكثر من مرة فى مواجهة القوات المصرية ودباباتها المتخندقة بشرق القناة فى نطاق الفرقة 16 مشاة بالجيش الثانى والتى أصلت العدو ناراً حامية بمدافعها وأوقعت به خسائر مميتة فى الارواح والعتاد
وما تعرض له لواء 25 مدرع المصرى يوم 17 أكتوبر 1973 من عدم توفيق فى قفل ممر الثغرة الذى كان تتدفق منه قوات العدو إلى الغرب وبعد أن فقد ذلك اللواء أغلب دباباته ومع ذلك راحت دباباته ـ ماتبقى منها ـ تتبادل القذائف مع الستائر الإسرائيلية المضادة للدبابات المنصوبة فى مواجهة اللواء 25 حتى تم إنسحاب ماتبقى من دبابات اللواء 25 مدرع إلى نقطة كبريت الحصينة حيث لم تحاول الدبابات الإسرائيلية أبداً الإشتبالك مع دبابات اللواء 25 مدرع وجها لوجه أو عن قرب رغم ان المراجع الأجنبية والإسرائيلية إعترفت بأن معظم دباباته قاتلت بشجاعة ومهارة فى المعركة

وفى يوم 18 أكتوبر خسرت مصر اللواء 23 مدرع أثناء محاولته الهجوم على الثغرة غرب القناة بدون إستطلاع كافى لأرض المعركة وذلك بفعل التدخل الجوى المعادى وستائر صواريخ الـ Tow الأمريكية الفتاكة ولم يحاول العدو الإشتبالك بدباته مع دبابات ومدرعات اللواء المذكور وجهاً لوجه
وجدير بالذكر أن يوم 18 أكتوبر كان اليوم الأخير فى معارك الدبابات الكبرى الأساسية التى إستمرت مشتعلة منذ نهار يوم 14 أكتوبر حيث لم تجرى معارك أخرى شهيرة مميزة بين الدبابات الإسرائيلية والدبابات المصرية بألوية مدرعة كاملة بعد ذلك التاريخ اللهم إلا فى مواجهات أقل حدة وضراوة  
وفى مذكرات لواء / يوسف عفيفى قائد الفر قة 19 مشاة يلقى الضوء على موقف دبابة مصرية واحدة أوقعت بالعدو خسائر جسيمة أثناء زحف قوات الجنرال إبراهام آدان نحو مدينة السويس وحصار الجيش الثالث إذ قال يوم 23 أكتوبر قامت مدفعية الفرقة 19 مشاة بقصف قوات العدو المتقدمة نحو الجنوب على طريق القناة وتمكن قائد كتيبة الدفاع الإقليمى بتوجيه نيران إحدى فصائل دبابات الفرقة 19 المتمركزة على الساتر الشرقى للقناة من منع العدو من إحتلال المصطبة 152 وتمكنت الفصيلة المدرعة المصرية من تدمير نصف القوة المعادية وإيقافها وإضطر قائد القوة الإسرائيلية إلى إستدعاء الطيران الإسرائيلى لتدمير هذه الفصيلة ليتسنى له الإستمرار فى تقدمه وقبل أن يقوم الطيران الإسرائيلى بمهمته فى تدمير الفصيلة كانت الفصيلة الأخرى قد إحتلت مرابضها وتمكنت من إيقاف تقدم العدو إلى الأبد على هذا الطريق
لقد قاتلت هذه الفصيلة بشجاعة نادرة وإستشهد قائدها ودمرت لها دباباتان وبقيت دبابة واحدة
هذه الدبابة ظلت شوكة فى حلق قوات العدو وحرمته من معاودة الهجوم والأكثر من ذلك أنها دمرت من قواته الكثير !! حاول العدو أكثر من مرة الإلتفاف حول الدبابة المصرية من ناحية منية الغلة وكفر أحمد عبده لكن أطقم إقتناص الدبابات التى دفعتها الفر قة 19 فى هذا الإتجاه يوم 25 أكتوبر كانت لهم بالمرصاد وكانت عوناً لتأمين الجانب الأيسر لهذه الدبابة الصامدة ..!!!!
فى حديثه لمجلة الهلال عدد 6 أكتوبر 1977 يقول اللواء / كمال حسن على قائد حرب الدبابات فى أكتوبر 1973 أن الدبابات بالنسبة للمشاة والمدفعية كما يقول القادة القدامى هى الغلاف الصلب لعين الجمل ولقد إستمدت الدبابات المصرية عناصر تفوقها من خلال التعاون الراقى بينها وبين المشاة والمدفعية المضادة للدبابات والمدفعية وحققت الدبابات المصرية من خلال التنسيق مع الأسلحة الأخرى أعلى صور المناورة طبقاً لحجم هجوم العدو .. هناك رجال كثيرون أظهروا من البطولات مايفوق الخيال على سبيل المثال البطل (البرشى) غير دباباته ثلاث مرات فى المرتين السابقتين على إستشهاده كانت دباباته تصاب فيتركها ويستقل دبابة جديدة مستمراً فى القتال عبر معارك القطاع الأوسط وكان له شرف الإشتراك فى تدمير اللواء الإسرائيلة المدرع 190 بقيادة عساف ياجورى
لقد كان للدبابات المصرية دور قتالى متألق متميز فى معارك الدبابات ضد الدبابات وفى المعارك التصادمية التى خاضتها وفى تدمير اللواءات الإسرائيلية المدرعة المدعومة بالحماية الجوية

 

 

ويستطرد اللواء / كمال حسن على فى حديثه : ـــ
إن معارك عديدة قامت بها المدرعات المصرية فى حرب 1973 تعد من أرقى دروس حروب الدبابات وقد تتبعها بالدراسة معلقون عسكريون من أنحاء الدنيا
معركة البطل الشهيد جمال المهدى فى الجيش الثالث كانت قمة فى المناورة والنيران وفى معركة كتيبة مصرية ضد كتيبة مدرعة إسرائيلية بعدها إستمرت المعارك التى تألقت فيها دباباتنا ـ وخاصة فى صد هجمات العدو المضادة حيث تدمرت مدرعاته ، ومعاركنا حين ركز العدو على الحد الأيمن للجيش الثانى ـ قطاع الفرقة 16 و 2 مشاة وهدفه خلق الظروف المواتية لكى يعبر إلى الغرب لذلك إستخدم ثلاثة لواءات مدرعة كانت تهاجم بالتتالى .. وإستطاع مقاتلونا تكبيده أقصى الخسائر ..
فكانت الساحة رهيبة بالنيران حيث وجدنا دبابات إسرائيلية مدمرة على مسافة مائة متر من دباباتنا ولذلك حصل كثير من ضباط المدرعات على وسام نجمة الشرف والنجمة العسكرية .
إن من بين رجالى قائد سرية دمر 34 دبابة للعدو ، دمرها بعشر دبابات مصرية أصيبت منها أربع دبابات فقط !
يختتم اللواء / كمال حسن على حديثه قائلاً : ــ
لم تكن تلك المعارك بنتائجها العالية عفوية أو ضربة حظ ، بل كانت حصيلة جهد وإيمان وكفاءة فى التدريب طوال سنوات الصبر والصمت "
إذا أردنا أن ننقل صور حية من أرض المعركة مباشرة ونرى أثر معارك الدبابات التلاحمية بالنيران والمناورة والحركة التى جرت فى أكتوبر 1973 ففى الفقرة التالية سنقترب من ساحة المعركة مباشرة بما يشبع عدسة الزوم المقربة من خلال تقارير إثنين من المراسلين الحربيين المصريين الأول المراسل حمدى لطفى والثانى عبد الستار الطويلة
لنبدأ بما كتبه حمدى لطفى فى مجلة الهلال عدد أكتوبر 1977 إذ كتب يقول فى وصف إحدى معارك الدروع بين الدروع المصرية ودروع العدو الإسرائيلى :
هؤلاء الرجال المقاتل البطل / شنن والمقاتل / عبدالرحيم من مقاتلى الدبابات تم دفعهم إلى الضفة الشرقية مع بداية الحرب للقيام بمهمة تطوير القتال على المحور الشمالى فى سيناء وقد واجهت هذه الوحدة قوة لواء إسرائيلى مدرع هاجم بفرقته هجوماً موجهاً جنوب إحدى فرقنا المشاة ومنتصفها وشمال فرقة مشاة أخرى من قواتنا بالقطاع الشمالى شرق القناة ..
وبدأ الإشتباك دبابات ضد دبابات فى عمق رأس الشاطئ الذى أقامته قواتنا المشاة ولم تكن المسافة بين الدبابات المصرية والإسرائيلية تزيد على 3 كيلومترات .. 36 دبابة إسرائيلية فى المقدمة وأمامها 7 دبابات مصرية وفى اللحظة الأولى للقتال دمر أبطالنا دبابتين للعدو الذى تراجع سريعاً فى محاولة للإلتفاف حول الدبابات المصرية وظهرت 4 أبراج دبابات عدوة ، إستطاع أبناؤنا بكل الثبات تدمير دبابتين جديدتين وعلى الفور أسرع جنود مشاتنا بالتقدم نحو مواقع الدبابات الإسرائيلية إذ شاهدوا أطقم 4 دبابات إسرائيلية أخرى يغادرون دباباتهم طالبين التسليم وأسرنا أربعة دبابات جديدة إم/60 لم يصبها خدش واحد مع أطقمها .
ولجأ العدو إلى طيرانه وغاراته الجوية كما تقدمت نحونا عرباته المزودة بالصواريخ وإشتعلت الرمال بالنيران نتيجة طلقات المدفعية الإسرائيلية وإستمر تقدم وحداتنا وبعض معاركهم أدراوها بالضرب الأعمى وهو إصطلاح يستعمله مقاتلو الدبابات فى المواقف المفاجئة حتى لاتفلت المبادرة من أيديهم على الإطلاق ومعارك أخرى بين الدبابات المصرية والإسرائيلية دارت فى مسافة لا تزيد عن 2 كيلومتر فقط ومعارك دارت ليلا ً حين حاول العدو إقتحامنا مستعملا ً أجهزة الأشعة الحديثة لديه ولم ينجح فى محاولة واحدة أمام إصرار مقاتلينا المردة الذين قاتلوا لمدة 48 ساعة فى بداية الحرب دون ان يتناولوا وجبة طعام واحدة أو شربة ماء أو فكر أحدهم فى تدخين سيجارة بل أن أكثرهم قضى فى هذه الحرب مائة ساعة متصلة بلا نوم ـ تلك هى شريعة الحرب وماتفعله بأعصاب الر جال المحاربين المؤمنين بحربهم وشرعيتها .
وتقدمت هذه الوحدة الصغيرة وإلى جانبها وحدة أخرى مماثلة فى الحجم لحقت بها للهجوم على كتيبة دبابات إسرائيلية متخندقة ، واحدة من أقسى وأصعب العمليات الهجومية تلك هى الهجوم على دبابات فى خنادقها .
وأعد رجالنا خطتهم من الحركة ، التجمع الأول ثم من الحركة أثناء العمليات بفاصل وقتى ضئيل للغاية ميزة فريدة إمتلكها الأبطال من خلا ل التدريب المسبق وجدوا العدو فى منطقة عالية بالتدريج .. كتيبة سنتوريون كاملة ، وإذا بعدد كبير من دبابات العدو تظهر خلفنا فى نفس الوقت !
وكانت معركة من أشرف وأخلد وأروع معارك الدروع فى التاريخ الحديث . معركة تصادمية خطيرة دباباتنا تواجه العدو المدرع وفجأة تظهر خلفها دبابات أخرى ويتصاعد القتال ضارياً ووقعت المعركة التصادمية التى أظهر فيها المقاتل المصرى إقتداره وتفوقه وسيطرته على أرض المعركة رغم هذا الموقف المفاجئ وإمكانياته فى الإلتفاف والتطويق بعد ذلك وإحتلاله التباب العالية حتى أصبحت المسافة بين دباباتنا ودبابات العدو 1600 متر فقط وهنا إنتشر فى اللاسلكى نداء للمقاتل مجدى لايزال يتردد حتى اليوم فى سهرات رجال تشكيله الصغير حين تأتى سيرة المعارك التى خاضوها .. كان النداء يقول 1600 ــ اللـه وأكبــر ... وفتح الرجال نيران مدافع دبابتهم ..
فى دقيقتين إحترقت 6 دبابات سنتوريون ولا دبابة خسائر لدينا .. وتراجع العدو عن محاولة تطويقنا وأسرنا بعض الضباط الإسرائيليين وأخذنا على الفور نتقدم فى مواجهة نيران مدفعية العدو فى العمق وعربات صواريخه المضادة للدبابات وأشعلنا النار فى عربتين متقدمتين بالذخيرة شديدة الإنفجار وناورنا جيداً وأحصينا فى نهاية المعركة خسائر العدو ، فى الدبابات والطائرات 12 دبابة غير العربات المحترقة والطائرات التى أسقطها مقاتلو الدفاع الجوى ، كانت خسائرنا 4 دبابات مصابة بأعطاب ولكنها تحركت وعادت للإصلاح السريع ...
سأل ضابط إسرائيلى أسير المقاتل درويش :
ــ كيف حدث هذا .. !؟ كيف إستطعتم القضاء علينا وكنا نرى عدد دباباتكم قبل أول طلقة !؟ .. وأجاب المقاتل المصرى الشاب " الجواب ببساطة شديدة هو المقاتل المصرى النصر الأن للمقاتل المتفوق وليس للدبابة الأكثر إمكانيات ومعدات تقدير مسافة أو أشعة تحت حمراء أو ذخيرة بدليل أن كل هذا كان لديكم وعجزتم عن هزيمتنا رغم تفوقكم العددى فى الدبابات والأطقم إلى جانب طائراتكم وضربكم فى العمق"
قالى لى مقاتل مدرعات :
ــ " ذهن قائد الوحدة المدرعة لابد أن يعمل أثناء القتال بسرعة جنازير الدبابات .. ولقد كانت أذهاننا تفوق سرعة الجنازير .. ذلك لأننا كنا عطشى للنصر"
إنتهى مقال حمدى لطفى فى وصفه لأكبر معركة تصادمية دارت بين الدبابات المصرية والإسرائيلية فى الأسبوع الأول من الحرب فى سيناء


من كتاب حرب الساعات الست وإحتمالات الحرب الخامسة للكاتب الصحفى المراسل الحربى عبد الستار الطويلة فى وصف معارك الدبابات فى الأسبوع الثانى من الحرب كتب يقول :

كيف كان الوضع عندما بدأت معركة الدبابات ؟
كانت القوات المصرية إحتلت مابين 14 إلى 17 كيلومتراً فى عمق سيناء على طول خط القناة وهذه المنطقة مسطحة ومكشوفة بينما كانت قوات العدو مخبأة جيداً خلف منحدرات ومرتفعات وأخوار عديدة وهذه كانت مميزة ولا شك للجيش الإسرائيلى ..
ولكن الدبابات المصرية تقدمت وتقدمتها سحب من الغبار الكثيف وصوت الجنازير الفولاذية يصطدم بالصخور والأحجار ويدوى فى الصحراء فى تلك الساعة المبكرة من الصباح وهى تجرى بسرعة اثنين وثلاثين كلم فى الساعة مندفعة إلى خطوط العدو ..
ولقد سمعت ذلك الوصف .. ولكنى رأيته بعينى فى إحدى جولات تلك المعركة .. وقد أعمى غبار الصحراء الرؤية المجردة .. وملأ التراب أفواهنا وقد تحولت الصحراء المنبسطة أمام عيوننا إلى سحابات متحركة من الغبار و الدخان .. تتخللها شعلات نار متفجرة من دبابات أصيبت بقذائف من أنواع مختلفة .. سيارات مجنزرة مصابة ورجال يقفزون منها .. وبعد دقائق بدأت معركة تصادمية ..
العادة أن حرب الدبابات تجرى فى مدى 1500 و 3000 متر هى التى تفصل بين الدبابات المتحاربة بعضها البعض .. فى هذه المعركة حدث تصادم ولم يكن يفصل بين الدبابات أكثر من 400 أو 600 متر فمن هنا كان تأثير القذائف فى الدروع مروعاً ..! وفى مثل تلك الحال تكون الدبابة التى تتمكن إطلاق الطلقة الأولى على دبابة أخرى هى المنتصرة .. كان المنظر هكذا يبدو من بعيد .. تجرأت وإنتقلت إلى مكان أخر أكثر قرباً ولجأنا إلى خندق وفيه وقفت ورأسى منحنية على الرمال وعلى عينى منظار مكبر أمسكت به أشهد مايدور أمامى عن قرب .. امامى أربعة دبابات مصرية إستطاعت بحركة إلتاف ومناورة أن تحاصر ثلاثة دبابات إسرائيلية .. كانت الدبابات قريبة جداً من بعضها البعض حتى أن دبابة إسرائيلية سنتوريون حاولت المناورة فإصطدمت مباشرة وهى مندفعة بدبابة مصرية تى /54 ..
هاهو برج دبابة مصرية يطير بقذيفة مباشرة إسرائيلية
قال مرافق الضابط : لا تجزع .. فإطارة البرج ليست مقتلا ً للدبابة
دقائق قليلة والدبابات الإسرائيلية الثلاث أصيبت بضربات مصرية مباشرة واحدة فى بطنها والثانية فى الجنزير والثالثة فى جنبها الذى تحول إلى حديد مصهور ..
طاقم دبابة إسرائيلية من الثلا ث يقفز .. إثنان منهما النار مشتعلة ى ظهورهما منظر مروع أن ترى إنسانا يشتعل لكن رصاص الرشاشات المصرية أنقذتهما من الموت حرقاً . كان واضحاً أن طاقمى الدبابتين الأخرتين قد ماتا داخل الدبابتين
أحرك المنظار كمن يشهد شريطاً سينمائياً توقفت يداى عند منظر إلتقطته عيناى ..
قفز طاقم دبابة باتون أمريكية من دباباتهم التى أصيب جنزيرها فى محاولة منهم لإصلاح الجنزير ..
إتجهت الرشاشات المصرية إليهم .. أصيب واحد كف الثلاثة عن محاولة الإصلاح وأسرعوا يجرون وتعلقوا بدبابة إسرائيلية كانت تجرى وإختفوا خلف دوامة الغبار
فى اليوم التالى دفع الإسرائليون فى تلك المعركة بمائتى دبابة باتون أمريكية جديدة عندما أسر بعضها كانت عداداتها تنبئ بأنها لم تقطع أكثر من 120 كيلومتر هى المسافة بين العريش وميدان القتال

 


فى مطار العريش الطائرات الأمريكية الحاملة للمعدات تهبط حيث كان ينتظرها طواقم من الإسرائيليين ومسشارون عسكريون أمريكيون متطوعون يرشدون الجنود إلى كيفية تحريك الدبابات ذات التعديلات الجديدة وتندفع كل دبابة بإثنين فقط السائق والرامى بدلاً من أربعة كان الإسرائيليون يحاولون كسب الوقت وتعويض خسائرهم الفادحة ..
فى أحد المواقع كان لواء من دباباته قد حوصر ولما فشل فى فك الحصار إنتهز فرصة الظلام وعمد إلى الإنسحاب من ثغرة ضيقة بعد قتال ليلى شرس وترك 25 دبابة محطمة وعشرات من جثث القتلى وسبعة سيارات للمشاة الميكانيكية ..
منظر الدبابة بشع فى حد ذاته إنها كتلة صماء من الحديد تشبه حيواناً خرافياً ينثر الموت والدمار فى كل مكان ولكن منظر الدبابة المصابة فى بطنها وقد إنصهر فولاذ ذلك البطن أبشع .. أن الفولاذ المصهور أشبه بأمعاء ملتوية برزت من بطن مبقورة !

 


وقصص البطولة فى معركة الدبابات هذه كثيرة وتملأ مجلدات والكاتب يحار فى تسجيل أيها للقارئ
قصة البطل خيرى الذى كان يقود دباباته مع ثلاثة من زملا ئه ورأى على بعد قولا من سيارات العدو يحمل مواد تموينية وذخيرة
وأراد خيرى تدمير القول الإسرائيلى ولكن نيران دبابته لا يطوله فإندفع بدبابته ولكنه إكتشف أن امامه حقل ألغام لابد أن يعبره قبل أن يدرك القول الذى سيبتعد عن مرمى مدافعه فلم يبال وإندفع بالدبابة فى حقل الألغام دون أن يعترض عليه احد من زملائه الثلاثة الأخرين فى طاقم الدبابة وكان طبيعياً أن ينفجر لغم ولكه لحسن الحظ لم ينسف الدبابة بل أوقفها ومن وسط حقل الألغام صوب خيرى مدفعه إلى قول السيارات الباقية من الحركة وإصطاد السبع سيارات جميعاً وأضرم فيها النار ..
وظلت دبابة خيرى محاصرة فى حقل الألغام حتى جاء بعض زملا ئه الذين ساروا على آثار الدبابة وأنقذوه هو وزملائه كان خيرى يحكى القصة وهو ير بت على دبابته تى/55 فى حنان كمن يربت على جواده الكريم وقال بإعتزاز " دى دبابة أصيلة"

وهذه الفصيلة التى يقودها الملازم سعد . الملازم الذى لايزيد عمره عن عشرين عاما التى إشتهرت فى القطاع الأوسط بأنها فصيلة الغبار
كانت براعتها تتركز فى ميدان القتال فى إثارة الإرتباك بين فصائل الدبابات الإسرائيلية بهدف تقريب تلك الدبابات من بعضها البعض حتى يثار عامل جديد هو عامل الغبار فمن أصول الحرب الميكانيكية فى الصحراء تباعد المركبات الآلية عن بعضها البعض بما لايقل عن 150 متراً تحاشيا للغبار الكثيف الذى يسبب إنعدام الرؤية ويجعل المركبة فريسة للضربات خصوصاً من المشاة الراجلة ..
لقد كانت الفصيلة التى يرأسها ملازمنا الشاب تتخصص فى إثارة هذا الإرتباك حتى تثور سحابات من الغبار تعمى قائدى الدبابات عن فصيلة المشاة ليصيبوا منها ـ من الدبابات ـ مقتلاً بسهولة أكثر !

ينتقل الكاتب الصحفى والمراسل العسكرى على الجبهة عبدالستار الطويلة ليروى قصة مواجهة أخرى بين دبابات مصر ودبابات إسرائيل دارت يوم 22 أكتوبر 1973 وقد شهد تفاصيلها وكتب يقول :
فى يوم 22 أكتوبر قبل وقف إطلاق النار بساعات ركبت سيارة مجنزرة مع ضابط مصرى كبير ..
وكانت قنابل المدفعية تنفجر من حولنا وكل إنفجار يسبب سحابة هائلة من الغبار الرملى تسقط على سيارتنا بينما تصفر الشظايا المتطايرة فوقها ومن حين لأخر كان بعض تلك الشظايا يصطدم بسقف السيارة فيحدث دوياً مخياً مرعباً .. ثمة دبابات مصرية محطمة منذ حرب 1967 ولكن كان هناك عدد أكبر من دبابات وعربات مجنزرة ومدرعات إسرائيلية بعضها قد ذاب صلبه وإنصهر وجثث الإسرائيليين محترقة بعضها وإختلط بعضها بالصلب المصهور
وصلنا إلى تبة عالية صعدتها سيارتنا وما كدنا نصل فوقها حتى وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه أمام ست دبابات إسرائيلية .. وعندما نقول وجهاً لوجه نعنى أن بيننا وبينها أكثر من ألف متر ولكن ألف متر فى حرب الدبابات لاتعنى شيئاً .... على الفور بدأ الضرب


إلى جانبنا أصيبت سيارة مجنزرة مصرية وإنفجرت فى لهب مخيف ... وفى هدوء مثير أمرنا الضابط الكبير بترك السيارة والزحف على بطوننا إلى أقرب خنادق مصرية ..
أنا أتدحرج على المرتفع فى حركات سريعة لا أحس بشيئ .. أتخيل أن إنحدارى على سفح المرتفع ينجينى من قذائف الدبابات الإسرائيلية ولكن القنابل تتساقط من حولنا ..
أخيراً وصلنا إلى خنادقنا قفزنا وانا لا أكاد أشعر اننى فى خندق حاولت أن أحفر بيدى تحت وجهى لأغطس أكثر قلت للضابط الكبير وأنفاسى تخترق حجب الرمال والتراب
ـ من حظنا أن الإنفجارات فى كل مكان إلا هنا سننجو قطعاً مادامت لاتصيبنا قنبلة مباشرة
ربت الضابط الكبير على كتفى مشجعاً وخجلت من نفسى
سكت صوت القذائف لحظات أشار لى الضابط بالنهوض نهضنا وكان الظلام قد حل ركضنا ونحن منحنون وقد أضاءت مركبات القتال الميدان بأضوائها الباهرة بعد أن حل المساء وجدت عربتنا المجنزرة سليمة لم تمس فى مكانها على بعد مائتى متر
فى الملجأ قال لنا قائد الكتيبة أن الإسرائليين خسروا أربع دبابات من الست التى رأيناها عند التبة العالية وخسرنا نحن سيارة مجنزرة ودبابة واحدة
وقال الضابط الكبير أننا قادرون على الإستمرار فى هذا المعدل وإن كانت هناك خسائر أكثر لنا فى بعض المواقع ولكننا هزمنا الإسرائيليين وقادرون على إلحاق هزيمة دائمة بهم
ومصمص شفتيه فى أسف وهو ينظر إلى الساعة :
ــ ولكن بعد ساعة واحدة سينفذ أمر وقف إطلا ق النار لكن وقف إطلاق النار أو لا وقف لاخوف على مصر بعد سقوط قلعة التفوق الإسرائيلى !

                                        * * * * * * * * * * *

وقد ذكرت المراجع والمصادر الأجنبية أن معركة الدبابات الكبرى التى إشترك فيها 1600 دبابة من الجانبين والتى بدأت يوم 14 أكتوبر وإستمرت حتى قرب وقف إطلاق النار قد بدأت تخف حدتها نتيجة نفاذ الذخيرة والوقود وحدوث الإنهاك التام للطرفين المتحاربين  
ويقول الجنرال الإسرائيلى برن الذى كلف بمهاجمة جسر الفردان وفشل فى غزو السويس عن معارك المدرعات فى حرب أكتوبر


(( كانت المعارك تجرى بصورة لم تحدث فى أى حرب أخرى فى العالم وفى بعض الأحيان إشتبكت 100 دبابة مع 100 دبابة وأحياناً أخرى تدور المعارك ضمن مدى إحتكاك فوهات المدافع وهذه أول حرب تتراجع فيها دبابات إسرائيل إلى الوراء وكانت الظاهرة العسكرية التى حيرت العسكريين فى معارك الدبابات هو الجندى المصرى ))

وعن معركة المزرعة الصينية على سبيل المثال يكتب أندريه دويتش البريطانى صاحب كتاب نظرة على حرب الشرق الأوسط فى وصف معارك الدبابات التى دارت خلالها
(( ولقد دارت معركة دبابات قاسية وضارية طوال الليل وكان المصريون يقاتلون فيها الإسرائليون دبابة بدبابة ووصل الأمر إلى أن أحد المهندسين الإسرائليين عند ضفة القناة قال " إن المصريين أغلقوا الطريق خلفنا" ))

ونحن مازلنا فى معرض الحديث عن الصمود تحدثنا كثيرا عن آيات الصمود البطولية الأسطورية الخارقة التى بذلها رجال المدرعات المصرية فى أرض المعركة ـ وباقى زملائهم من كافة أفرع الأسلحة الأخرى المقاتلة فى الحرب ـ لكن بالنسبة للجانب المعادى وأقصد بهم رجال العدو الإسرائيلى فلن نجد قصة واحدة يمكن ذكرها أو موقف واحد نستشهد به لأى ضابط أو جندى إسرائيلى قاتل فى بسالة أو واقعة واحدة يمكن روايتها أو الإستدلال بها على ذلك ويعترف الإسرائليون بذلك فى صراحة يحسدون عليها ...

ففى كتاب التقصير (ِأشهر كتاب إسرائيلى عن حرب أكتوبر) يذكر مؤلفوه ان جنود إسرائيل الجرحى كانوا يصرخون ويبكون وهم ينادون على أمهاتهم كالأطفال ..!! لدرجة أن أشهر أغنية شعبية فى إسرائيل بعد الحرب كان مطلعها (بإسم جنود الدبابات الذين إحترقوا) وذلك فى إشارة بليغة مؤثرة يصعب تجاهلها عن كثرة قتلى جنود ورجال المدرعات الإسرائليين الذين ماتوا حرقاً داخل دباباتهم ومدرعاتهم على جبهتى القتال بفعل مختلف الأسلحة المصرية والسورية من صواريخ ومدفعية م/د ومدفعية ثقيلة ومدافع دبابات الجيشين المصرى والسورى وحتى بقنابل الطائرات العربية المغيرة ..إلخ ..إلخ فى مشهد بارز من أشهر مشاهد القتال الذى إنحفر فى الذهن الإسرائيلى وفى العقل الجمعى عندهم وفى صفحات نفس الكتاب الرائع يكتب ضابط مدرعات إسرائيلى يدعى إيلى يقول صراحة أقرب إلى الإحتقار بأن عشرة بالمائة من تلك الشراذم التى يطلق عليها ـ جيش الدفاع الإسرائيلى ـ وخاصة أطقم الدبابات هم الذين يقاتلون من اجل ذلك الشعب اما الباقون فيكثر بينهم المرتبكون والذين يريدون النجاة بجلدهم ..!! ـ وهذه شهادة تتعاظم قيمتها فى أن من شهد بها هو ضابط مدرعات مخضرم هو وزملائه هم الذين واجههم رجال مدرعاتنا وجهاً لوجه وتبارزوا معهم بنيران الدبابات الكاسحة المميتة فى حرب أكتوبر 1973
وهذا الكتاب ـ كتاب التقصير ـ يعد شهادة حية وثيقة رسمية تعترف صراحة ربما بعدم صلاحية الإنسان الإسرائيلى للقتال عامة وحتى حمل السلاح من أساسه ..!!!
وتأتى شهادة رئيس الأركان الإسرائيلى ديفيد إليعازر خاتمة متممة بل وصادمة عندما إعترف فى مذكراته أن كثير من رجاله قاموا بتخريب وإتلاف مركباتهم عندما جاءتهم أوامر بالإنطلاق للتصدى للهجوم المصرى السورى المشترك على الجبهتين وذلك خوفا على أنفسهم من التعرض للقتل او الأسر على يد أبطال الجيشين المصرى والسورى فى ساحات المعارك وكتعقيب على كلمة إليعازر نقول أنه لاريب أن الجنود المشار إليهم بإتلاف معداتهم ومركباتهم حتى لا يخوضوا القتال جبنا وخوفا وخزيا هم من جنود الدبابات على الأرجح .. جنود الدبابات الإسرائيليين الذين جبنوا أمام مواجهة فرسان الدروع المصريين ونظرائهم رماة الصواريخ م/د الذين تشاركوا جميعهم فى عمل حفلة شواء بالنيران الحارقة طوال أيام الحرب لرجال مدرعات العدو الإسرائيلى وكذلك دباباتهم وعرباتهم فى أكبر معارك الدبابات فى التاريخ وفور إندلاع القتال ذكر المؤرخ العسكرى جمال حماد فى كتابه الشهير عن حرب أكتوبر أن عدد كبير من الدبابات الإسرائيلية لم تجد ناقلات دبابات لنقلها إلى جبهة السويس مما أدى إلى قيام الدبابات الإسرائيلية بقطع 225 كلم على جنازيرها من بئر سبع إلى قناة السويس مباشرة بما سبب الإجهاد لجنازير ومحركات الدبابات عندما قطعت على جنازيرها كل هذه المسافة الطويلة عبر الصحراء وحتى الإهمال عانى منه سلاح المدرعات ذو السمعة الأسطورية ففى إحدى الوحدات المدرعة الإسرائيلية لم يجدوا فى المخازن نظارات رؤية ميدانية ولا كشافات للإضاءة يحتاجها رجال الدبابات بشدة وقت المعركة فتم عمل المستحيل لمحاولة حل هذه المشكلة عن طريق السطو عليها من المحلات المتخصصة فى بيعها والتى كانت مغلقة وقت إندلاع القتال بطريقة اللصوص ورجال العصابات إذ إقتحموا تلك المحلات بعد كسرأبوابها بواسطة الشرطة الإسرائيلية كل ذلك التخبط ساهم فى إهدار الوقت وتأخير إنطلاق الدبابات الإسرائيلية إلى ساحة المعركة لنجدة حصون بارليف المتداعية وهى لا تفتأ الأخيرة تستنجد بالإحتياطى الإسرائيلى قبل أن تتساقط كقطع الدومينو المتداعية أمام زحف القوات المصرية المظفرة فى الساعات الأولى الحاسمة من إندلاع المعارك اما على الجبهة المصرية فلم يكن هناك أى وجود لمثل هذه المهاترات والتقصيرات فى صفوف القوات المصرية وكانت عمليات الحشد والعبور تتم بمنتهى الدقة والإنضباط العسكرى المتبع فى أرقى جيوش العالم

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech