۩ الي مُقـاتليـنـا... مُصـابـى العمليــات ۩

بقلم 
نسمة سراج

صباح الخير يا سيناء , صباح يتجدد مع كل شروق شمس على أرضك السمراء ,صباح الخير على رجالك المرابطين مداهمين القلوب وصائدوا الأعداء بشراسة , صباح الخير على أرواح جنودك الغائبين جسدا الحاضرين روحا وفكرا وحافزا ممتدا الى الأبد .
صباح الخير على رجالك الذين خاضوا معاركهم بشرف وضحوا بكل فخر عن اجزاء من اجسادهم سبقتهم الى الجنة يضحون بإجسادهم غير مبالين الا بالوطن , فمنهم من عاد لأرضك يستكمل مهامه القتاليه ومنهم من يستكمل رسالته فى مجالات الحياة المتنوعة ومنهم ابطالنا الذين مازالوا يتلقون العلاج شفاهم الله جميعا .

.. ابطالنا مصابى العمليات العسكرية على طول تاريخ هذا الوطن هم شهود العيان وسجلات الواقع لكل لحظة عصيبة مرّ بها الوطن والتى كانوا فيها كالبنيان المرصوص يشد بعضه على قلب الأخر بكل شجاعة فى صورة هى الأروع والأوجع فى تاريخ الوطن . هؤلاء الرجال من عاشوا تفاصيل المعارك بشراستها وغبارها وقوتها وشجنها حيث لانسيان لوجوه الشهداء الرفقاء ولا لقلب استمد الشجاعة من حبه لوطنه , عاصروا اللحظات التى لاتُنسى فى تاريخ اوطانهم , يعيشونها لحظة بلحظة وتبقى الذاكرة تضيف ذكريات ودقائق كانت فى عمر الوطن هى الفارقة !
..تلك الأحداث التى عاصروها تشكل منعطف كبير فى حياتهم بعد انتهاء المعركة وربما يتغير خط سير الكثيرين منذ بداية المعركة وحتى يومنا هذا , فـ الجميع ليس لديه رفاهية النسيان والتخطى ! هناك من بمقدوره تخطى مايمر به فى وقت قصير وهناك من لايستطيع ذلك ويأخذ الحدث من روحه ونفسه الكثير , هناك من يمكنه البدء من جديد وهناك من يزال عالقا بالمشهد حتى رغم انتهاء الحدث ! فـ نحن بشر وتخطينا لما يعصف بالروح نسبى وعبثا فيه التعميم , ومن هنا كانت الضرورة لإعادة التأهيل النفسى لكل مصابى العمليات والمداهمات.
....
ساحة معركة ممتدة الى مالا نهاية ..

اصوات مدافع ورصاص وانفجارات ..

عيون مفتوحة تآبى النوم وقلب يخفق..

يمسك سلاحه لايتركه ابدا كما أقسم ..

يجرى هنا وهناك ينال من هذا ويصيب ذاك ...

تنفلت احدى الرصاصات مخترقة جسده , كتفه , قدمه , صدره ,ظهره , رأسه

ويستمر ...!!

يستشهد امامه قائده , رفيق سلاحه , صاحب عمره .. ويستمر..!

لايترك رجال خلفه حاملا صديقه والدماء تجمعهم ومازال مستمر ..!

تتناثر اجزاء الرفقاء ويآبى ان يترك ولو شيئا منهم ورائه حفاظا على العهد والوعد ..ويستمر ..!

تمر به لحظات نفسة عنيفة يشتاق للأهل والونس واللمة.. يتناسى كل شىء ويستمر..!

ايام وليالى ..اسابيع وشهور ..حروب ومعارك يستعد لدورا طال انتظاره ..يستمر..!

شهداء ,ومصابين , ومداهمات وانتصارات .. تنتهى المعركة وبداخله مازالت مستمرة ..!

هؤلاء هم مصابينا من العمليات العسكرية , نفسيتهم تتأثر بشكل لايمكن تصوره بعد اى معركة , الاحداث والمواقف واصوات المعركة يسرى بداخل وجدانهم كل لحظة .. هل تتخيل ذلك ؟
.. نفسية المقاتل بعد المعركة تحتاج الى التعامل معها بمنتهى الدقة والجدية , نظن نحن ان المعركة تنتهى بإعلان المتحدث العسكرى عن نتائجها ولكن الحقيقة المعركة لاتزال مستمرة فى نفوس مقاتليها المصابين ,لذا لابد ووجب علينا ان ندرس جيدا كيف نتعامل بجدية مع نفسية مصابى العمليات وكيف تؤهله الدولة ومن ثم مجتمعه وافراده نفسيا لتخطى تلك اللحظات العصيبة ليتمكن المقاتل من ان يحقق التوازن النفسى ليكمل رسالته بعد الاصابة .
.. من الضرورى ان نتكاتف جميعا من اجل ان نعيد لهؤلاء المقاتلين الحياة بكل ايجابيتها وتفاؤلها بعد الاصابة وفقد اجزاء من اجسادهم , نتكاتف كـ وطن بمجتمعه بمؤسساته بأفراده , من حقهم علينا ان الا يكونوا فى طى النسيان والا تغلق صفحات التاريخ ابوابها تجاه بطولاتهم وتضحياتهم فهم لابد ان يشهدوا فخر اوطانهم بهم وتكريمهم فهم مازالوا على قيد الحياة , تكريمهم ان يكونوا القدوة وان يكونوا المادة الدسمة لـ اعلامنا وفننا ودرامتنا ومسرحنا وكتب الدراسة لزرع انتماء فى زمن اصبح لايلقى بالا بمعنى الوطن فـ خسارات الاوطان اسهل مايمكن فى هذا الزمن ! , من حقهم ان نكون الأذن المنصتة لهم وان نستمع اليهم وان يعرف شعبنا كيف فقد هذا البطل جزءا مهما من جسده ؟ لابد لأجيال قادمة ان تعى جيدا مدى تضحية هؤلاء الابطال واقل رد جميل ان يكونوا القدوة ..ابحثوا عنهم وزوروا ممن منهم تحت العلاج , تحدثوا اليهم , بثوا فيهم الروح من جديد لأن داخلهم متعب ومثقل بما يكفى , كونوا دوما بالقرب منهم بأى صورة , هؤلاء فى يوم عصيب من ايام الوطن وقفوا بثبات على الأرض حتى لاتهتز انت .. حتى لايختل توازن الوطن .. والوطن لاينسى رجاله .

:: كل التحية لرجال كسروا حدود المعقول فـ حققوا نصرا ومعجزة

:: كل التحية لثبات رجال متشبثين بعقيدة حب الوطن , مستعدين كل لحظة لإستلام مهامهم وسلاحهم والوقوف رغم الاصابات على الجبهة لملاقة رصاصات العدو مرة اخرى

:: كل التحية لمصابينا رجال الوطن ::
بـقلـمـــــى
نسمة سراج
13/7/2019