Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

تاريخ القواعد الأجنبية في دول الخليج العربي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الباحث / خالد عبدالفتاح أحمد فؤاد سيد

وحدة الدراسات العسكرية والأمنية

 

" البداية التاريخية "

 

منذ القرن السادس عشر والدول الاستعمارية تسعى جاهدة لوجود موطئ قدم لها على سواحل الخليج العربي وذلك لأسباب عدة :

  • تأمين محطات للتجارة البحرية
  • وإستغلال الايدي العاملة لانشاء السفن والاساطيل من ممالك دول الخليج العربي آنذاك
  • التحكم والسيطرة على المعابر الاستراتيجية

تعددت الدول الأجنبية التي طالما حلمت أن تبقى لها موطئ قدم في الخليج العربي ومنها :-

أولا : البرتغال   ثانيا :- هولندا    ثالثا :- بريطانيا    رابعا :- فرنسا

 

بدايات الاطماع الاستعمارية في الخليج العربي :-

تميز الخليج العربي قبل اكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح في نهاية القرن الخامس عشر بموقعه الجغرافي، ومركزه التجاري المتوسطين بين الشرق والغرب، حيث ازدهرت الملاحة العربية بين موانئ الخليج العربي وموانئ المحيط الهندي، وكانت البضائع الشرقية المنقولة بالسفن العربية عبر المحيط الهندي والخليج العربي ترد إلى البصرة ثم تتجه براً قاصدة حلب مارة ببغداد وحمص وحماة حيث تنقلها السفن الإيطالية من حلب إلى الموانئ الأوروبية.
واشتهر من بين أبناء الخليج أحمد بن ماجد الملاح العربي المشهور المولود بنجد مؤلف كتاب الفوائد في علم البحر والقواعد، وقد أرشد (فاسكو دي جاما) في رحلته من إفريقيا إلى كاليكورت.
ثم وقع الغزو البرتغالي بما عرف عنه من تعصب صارخ وتنكيل شديد على الساحل العماني وهرمز في العقد الأول من القرن السادس عشر، وما أعقبه من منع السفن العربية من الملاحة في المياه الشرقية إلا بتصريح من السلطات البرتغالية في هرمز وجاوه حيث احتكرت التجارة والثروة في الموانئ العربية الخاضعة لسيطرتها، وكان الدافع وراء الغزو البرتغالي قوة الروح الصليبية لدى البرتغاليين بعد المعارك التي خاضوها ضد المسلمين في الأندلس، حيث كانت المغامرة التي خاضوها في الخليج العربي امتداداً لهذه الروح، حيث أرادوا القضاء على القوة السياسية للمسلمين في البحار، والتبشير بالنصرانية في الشرق، كما أصاب البرتغاليون غنى فاحش من وراء التجارة في الخليج العربي والهند حيث احتكروا السلع التجارية مثل الفلفل والزنجبيل والقرفة والدارصيني والقرنفل وجوز الطيب والحرير ..الخ.
وكان البرتغاليون يطمحون إلى تكوين إمبراطورية برتغالية في الشرق عن طريق تأسيس عدد من القلاع الحصينة في كل من عدن وديو وهرمز وجاوه، مع إقامة سلسلة من الوكالات التجارية، والقلاع الحربية الصغيرة، بهدف حماية التجارة، والسيطرة على الحكام المحليين، وإرغامهم على الاعتراف بالتبعية لملك البرتغال.
أما فرنسا فقد أنشأت شركة الهند الشرقية الفرنسية سنة 1664م للتجارة، وأقاموا علاقات جيدة مع العمانيين، فعقدوا معاهدة تجارية مع سلطان مسقط سمح لهم بإقامة وكالة فرنسية تشرف على تجارة فرنسا في الشرق، كما أقاموا محطة لتزويد الأسطول الفرنسي بالمياه، وفي أثناء وجود نابليون في مصر عام 1798م حاول الاتصال بسلطان مسقط إلا أن الإنجليز عرقلوا جهوده.
ازداد النفوذ الهولندي في الخليج العربي عن طريق شركة الهند الشرقية الهولندية في العقد الخامس من القرن السابع عشر، أرغمت شركة الهند الشرقية البريطانية على نقل وكالتها التجارية من بندر عباس إلى البصرة، وجرى صراع عسكري مرير بين الشركتين الهولندية والبريطانية وحقق الهولنديون في البداية انتصاراً عسكرياً على الإنجليز، إلا أنهم أرغموا على التخلي عن مركزهم بسبب الأخطار التي هددت استقلالهم في أوروبا بعد اتفاق بريطانيا وفرنسا ضدهم.
أما البرتغاليون فقد أدركوا أهمية الاستيلاء على الخليج العربي ليتمكنوا من وقف الملاحة العربية، فاحتلوا سوقطرة سنة 1506م، ثم هاجموا بقيادة (البوكير) عُمان وهرمز ومسقط حيث حرقوا السفن وأسروا الرجال وجدعوا أنوفهم وآذانهم، ثم هاجموا صحار وعقدوا معاهدة مع أهلها أصبحوا بموجبها تابعين للبرتغاليين، واستولى البرتغاليون على هرمز عام 1515م، وتحالفوا مع الشاه الصفوي وكان من بنود الاتفاق: مساعدة الشاه لغزو البحرين والقطيف، وقمع ثورة مكران، مقابل موافقة الشاه على احتلال البرتغال لميناء جوادر على ساحل بلوشستان، وتنازل الشاه عن هرمز، ووعد البرتغاليون بفتح جاوه أمام التجارة الفارسية. وعلى الرغم من هذه الاتفاقية إلا أن البرتغاليون احتلوا البحرين، وتوجهوا إلى عدن لاحتلالها

 

الاستعمار البرتغالي في الخليج العربي :-

 

تميّزت فترة دخول البرتغاليين وإنشاء الإمبراطورية البرتغالية "إيستادو دا إنديا" (Estado da India) في أقاليم آسيا البحرية، في القرن السادس عشر، بثلاث مراحل؛ فقد شقّوا طريقهم في المرحلة الأولى من عام 1500م وحتى نهاية حكم أفونسو دي ألبوكيرك عام 1515م، للوصول إلى المحيط الهندي وخليج عمان، وثبّتوا أنفسهم هناك بقوة السلاح، أما المرحلة الثانية والتي دامت من عام 1515م وحتى نحو عام 1560 م، فقد توصّلت خلالها النيابة الملكية في جوا إلى أوج قوّتها البحرية، كما تمكّنت من وضع احتكار نصفي في تجارة التوابل قيد التنفيذ. لقد سعى البرتغاليون، بواسطة سلسلة من المستوطنات المحصّنة في المحيط الهندي، يساندها دورية بحرية منتظمة، إلى تعزيز احتكارهم للتجارة بإلزام التجار المحليين شراء تصاريح مرور لضمان سلامتهم "كارتاز" (Cartazes) من "إيستادو دا إنديا" ( Estado da India) ودفع الرسوم الجمركية. وخلال المرحلة الأخيرة من الانحدار، واجه البرتغاليون مقاومة أهلية طبيعية ومنافسة خارجية من قبل قوى أوروبية أخرى.

شهدت العقود الأولى من القرن السادس عشر تأسيس الإمبراطورية البرتغالية، بعزم واحد من قبل لشبونة للسيطرة على أكثر الموانئ تحقيقاً للربح في شرق إفريقية، وملابار، وكنكان، والخليج، ومضيق ملقا؛ ففي عام 1507م استولى ألبوكيرك على سوقطرة ، لتصبح قاعدة لسدّ الطريق عن البحر الأحمر، ومن ثمّ حوّل كلّ اهتمامه إلى هرمز، التي تسيطر على مدخل الخليج العربي، لانتزاع كلا هذين الطريقين التجاريين المهمين من قبضة المسلمين. ومنذ عام 1507م، تمكّن البرتغاليون من تشديد الخناق على تجارة عمان البحرية، حين سيطروا على عدة موانئ ومدن تجارية هامة في الخليج وتشمل جلفار ( إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة) وخصب، بالإضافة إلى المدن الساحلية الواقعة بين رأس الحدّ وشبه جزيرة مسندم، وتشمل موانئ صور، وقريات، ومسقط، ومطرح، وسيب، وصحار، وخور فكان، ودبا، وليما.

وفيما رحّبت قلهات- الواقعة على ساحل عمان- بألبوكيرك، أبدت كلّ من قريات ومسقط مقاومة ضدّه مما جعلهما تتعرّضان لعمليات السلب والنهب؛ ورغم أنّ صحار كانت محميّة بحصون وأبراج كبيرة وضخمة إلاّ أنها استسلمت دون مقاومة من جانبها. من ناحية أخرى لقيت مدينة خورفكان، (وهي مدينة تقع في إمارة الشارقة الحديثة في دولة الإمارات العربية المتحدة)، والتي كانت آنذاك ميناءً يمتاز بالازدحام والازدهار، مصير مسقط نفسه. فقد تمّ الاستيلاء على المدينة كما تمّ حرقها بحيث لم يتبقّ فيها أيّ مبانٍ قائمة، كما تعرّضت النساء والأطفال إلى الأسر، وقُتل العديد من الرجال. وصف ألبوكيرك خورفكان" بأنها مكان كبير جداً"، وأنّها مدينة تحتوي على منازل جيدة، كان يعيش فيها عدد كبير من تجّار الهند الأغنياء، كما كان هناك إسطبلات كبيرة تحتوي على الخيول التي كان يتمّ تصديرها إلى الهند. وفي داخلها أراضٍ وممتلكات كثيرة عليها منازل مبنية بشكلٍ جيّد، كما كان فيها الكثير من أشجار الفاكهة والخضراوات، وفيها عدد كبير من برك المياه التي كانت تستخدم لأغراض الريّ. وفي الميناء عدد من المراكب ذات ثلاث صوارٍ لصيد السمك، والشباك أيضاً.

كان وصول البرتغاليين إلى المنطقة نقطة تحوّل في تاريخ المحيط الهندي والخليج العربي لأكثر من سبب ؛ فقد سعوا خلال النصف الأوّل من القرن السادس عشر، إلى تثبيت سيادتهم التنفيذية في المحيط الهندي بإبعاد التجّار المسلمين، كما فرضوا بوجود سفنهم البحرية المسلّحة نظام شراء تصاريح المرور البحرية "الكرتاز" (cartazes) على سفن التجّار المسلمين غير المسلّحة. لقد حدّد تحوّل التجارة الشرقية من أيدي عرب الخليج، الذين كانوا لقرون عديدة بارعين في التجارة البحرية وخوض البحار، بداية الانحدار الاقتصادي في المنطقة. وعلى الصعيد الأوروبي تمكّن البرتغاليون من تحويل تجارة التوابل من المراكز التجارية الرئيسة التقليدية في الإسكندرية والبندقية إلى ليشبونة وأنتويرب لتوزيعها في سائر أنحاء أوروبا.

لقد لعب البرتغاليون في الواقع دوراً مميّزاً ليس فقط في تحويل النظام التجاري في المحيط الهندي، بل من حيث ميزته الأساسية وتكوينه أيضاً، مما كان عليه بين عامي 600م و1500م. كان البرتغاليون قد استولوا على دور الوسيط التجاري بين موانئ المحيط الهندي من أعضاء كانوا يمثلّون الطور الطبيعي الفطري في التجارة؛ وما لبثت أن تأثّرت مجتمعات العرب المحليين التجارية، والمجتمعات الأخرى في المحيط الهندي بتلك التحوّلات. وتحت تأثير انتهاكاتهم وسيطرتهم، تركت المجتمعات العربية التجارية في الخليج والساحل، حيث تراجعوا مؤقتاً نحو المناطق الداخلية، كما تعرّضت عدة مدن تجارية في عمان وسائر مدن الخليج العربي إلى الانحدار.

 

أدّت عدة عوامل مشتركة خلال القرن السابع عشر، إلى إضعاف سيطرة البرتغاليين على الساحل العربي، ومن ثمّ انحدار سيادتهم في الخليج، وكان استمرار مقاومة موانئ الخليج ضدّ الاحتلال البرتغالي وتشديد الخناق عليهم من قبل المجتمعات الاقتصادية في المنطقة، من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى ذلك، وقبل ذلك بكثير كانت قد قامت في عامي 1521م و1526م ، ثورتان رئيستان ضدّ سيطرة البرتغاليين عبر الساحل العربي، اشتركت فيهما كلّ من هرمز، والبحرين، وقلهات، وصحار، ومسقط. وفي عام 1602م، تمكّن شاه عبّاس الأوّل، حاكم فارس، من طرد البرتغاليين من البحرين، كما تمّ الاستيلاء على هرمز عام 1622م نتيجة عملية عسكرية إنجليزية - فارسية مشتركة. كان سقوط هرمز للبرتغاليين هزيمة رمزية لإمبراطورية البرتغاليين الهندية "إيستادو دا إنديا" (Estado da India) .

 

استولى الفرس في السنة نفسها، على خورفكان، ولكن ما لبث الأميرال البرتغالي راي فرير دا أندرادا أن طردهم منها عام 1623م، وبعد ذلك بفترة قصيرة تمكّنت قوة عربية بقيادة إمام اليعاربة الأوّل، ناصر بن مرشد، من طرد راي فرير نفسه. لقد أفلتت مسقط وساحل عمان كلياً من قبضة البرتغال نتيجة لقوة وطنية فرضتها نشأة تلك السلالة العربية الجديدة، وتمكّنت قوات اليعاربة عام 1633م بقيادة ناصر بن مرشد، من طرد البرتغاليين من جلفار، ودبا كذلك ، حيث كان البرتغاليون قد بنوا قبل ذلك، حصوناً وقلاعاً لهم، كما استعادوا صحار عام 1643م. وقد استمرّ القتال إلى أنّ استعيدت مسقط، آخر معاقل البرتغاليين، عام 1650م، تحت قيادة الإمام الجديد سلطان بن سيف. ومع نهاية القرن السادس عشر بدأت كلّ من بريطانيا وهولندا تبدي اهتماماً بإقامة روابط وعلاقات تجارية مباشرة مع الشرق، وكان وصول السفن البريطانية والهولندية في المحيط الهندي كمنافسين تجاريين لتحقيق السيادة على البحر، قد شكّل أكبر تحدٍّ كان على البرتغاليين أن يواجهوه في آسيا. لقد برهن هذا التنافس على المدى الطويل نهاية قوّتهم وازدهارهم الاقتصادي، وأدّى إلى انحلال وتمزيق إمبراطوريتهم الشرقية.

 

ورغم انحدار قوة البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، إلاّ أنّ سجلاتهم التاريخية وبعثاتهم تركت وراءها الكثير من الروايات حول تقدّمهم في الشرق، فثمّة الكثير من الوثائق المطبوعة منها والمخطوطة تلقي ضوءاً قويّاً على الشؤون العربية المحلية المعاصرة، كما تحتوي على معلومات مهمة عن الأماكن والأشخاص والأحداث المتعلّقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة، وتعتبر رحلات بيدرو تيكسيرا (The Travels of Pedro Teixiera)، النصّ الجغرافي الرئيس خلال النصف الأوّل من القرن السابع عشر. كانت الإشارة الوحيدة لأم القيوين في القديم قد ظهرت فقط في كتاب بالبي، الجواهري البندقي، وفي كتاب دوارت باربوسا الذي أشار إليها باسم مالقويهون ( Malquehoan).

ظلّ البرتغاليون لمدة قرن ونصف تقريباً يفرضون سيادتهم المطلقة على الخليج، ولكنّهم في الوقت نفسه ورغم مواجهتهم تحديات كثيرة، واجهوا تحدياً كبيراً من الغزو العثماني من الشرق الأوسط. لقد شكّل التنافس القائم بين العثمانيين وبين الصفويين الفرس -الذين كان البرتغاليون قد أقاموا سياسة من التعاون المشترك معهم ضدّ العثمانيين - عائقاً كبيراً أمامهم لطرد البرتغاليين بشكل دائم من الخليج العربي أو المحيط الهندي. وبقيام ثورة اليعاربة في بداية القرن السابع عشر، تحرّرت عمان أخيراً من سيطرة البرتغاليين.

 

وتعتبر جلفار أشهر المناطق المعروفة جيداً في المنطقة تظهر بشكل بارز في كثير من الوثائق الأوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وأكثرها أهمية الروايات المجيدة عن هذه المدينة الميناء في الوثائق والروايات البرتغالية. ويعتبر كتاب دوارت باربوسا (The Book of Duarte Barbosa) من أقدم المصادر التي ورد فيها وصف جلفار على أنّها "مكان كبير جداً فيها العديد من الناس والأعيان والملاّحين الذين كانوا يعملون في صيد " الجفار" أو اللآلئ الصغيرة والعديد من اللآلئ الكبيرة التي كان تجّار هرمز يقصدونها لشراء تلك اللالئ". وبعد ذلك كان قد أشير في المصدر نفسه إلى جلفار أو راكويما (Racoima) (رأس الخيمة حديثاً) على أنّها "مكان كبير جداً". ولقد أشار الرحّالة البرتغالي بيدرو تيكسيرا إلى صناعة اللؤلؤ في جلفار حين كتب يقول بأنّ أسطولاً مكوّناً من خمسين مركباً كان يبحر من هناك في شهري يوليو وأغسطس من كل عام لصيد اللآلئ على شواطئ قطر والبحرين. وأضاف قائلاً أنّه قد نسب إلى جلفار نوع من اللآلئ كان يعثر عليه في المياه الإقليمية. لقد ورد في كتاب دي باروس (Decades) بيانات تفصيلية عن العائدات والنفقات في هرمز تحت الاحتلال البرتغالي، كما أشار إلى أنّ منطقة جلفار كان تدفع مبلغ 7500 "أشرفي"، وهو أكبر مبلغ كان قد تمّ دفعه آنذاك. وهناك أيضاً مواصفات ورسومات قديمة لعدد من الحصون البرتغالية التي كان قد تمّ تأسيسها في دبا، والبدية، وخورفكان، وكلبا التي هي حالياً أجزاء من دولة الإمارات العربية المتحدة.

حصون برتغالية على ساحل عمان لتأمين الوجود والتجارة البرتغالية في الخليج العربي

 

حصون برتغالية في مضيق هرمز والساحل الفارسي

 

حصن برتغالي من الداخل  في ساحل مضيق هرمز

 

 

الاستعمار الهولندي في الخليج العربي :-

 

كان سقوط هرمز من البرتغاليين عام 1622م، بدايةً لدخول الهولنديين والإنجليز الأسواق الشرق أوسطية لتكثيف تجارتهم في البصرة وغمبرون (بندر عباس)، وأصبحت بندر عبّاس في المائة والخمسين عاماً التالية مركزاً للنشاطات التجارية والسياسية الهولندية والبريطانية والفرنسية في الخليج. كان الهولنديون قد اكتسبوا في البداية معقلاً لهم في الخليج نتيجة لأعمالهم المشتركة مع البريطانيين، ولكن سرعان ما قويت المنافسة لدى كلتا الدولتين عندما نقلت شركة الهند الشرقية الإنجليزية وكالتها في الخليج إلى بندر عباس بعد عام 1622م؛ وقد رفض الهولنديون دفع الرسوم الجمركية لهم، ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبحت المحطة التجارية الهولندية في بندر عباس أكثر نشاطاً ونجاحاً من الإنجليز، وبدأوا يتاجرون بالسكّر، والتوابل، والأقمشة القطنية الهندية، والنحاس، والحديد، في منطقة الخليج.

وفي عام 1623م، أبرم الهولنديون اتفاقية مع شاه عباس الأوّل تتعلّق بتجارة الحرير، حصلوا بموجبها على حقّ التجارة الحرّة على الجانب الفارسي من الخليج مقابل شراء كمية محدّدة من الحرير سنوياً من الملك. وبالإضافة إلى مركزهم الرئيس في بندر عباس، كان لدى الهولنديين عدد قليل من المكاتب الصغيرة عادة في أصفهان، وأحياناً في مواقع أخرى مثل لار، وكيرمان، وبوشهر، وشيراز. ونتيجة لتجارتهم بالسلع الفارسية وخاصة الحرير بين عامي 1623م و1630م، حقّقت شركة الهند الشرقية الهولندية أرباحاً هائلة، مما جعل التجارة الفارسية في ذلك الوقت أكثر ربحاً من أي وكالة هولندية أخرى في المحيط الهندي باستثناء باتافيا. وخلال القرن السابع عشر، كانت مكاتبهم الأخرى في البصرة ومسقط تمثّل أهمية اقتصادية ثانوية، ولم يكن أحد من العاملين فيها إلاّ خلال موسم التجارة.

لقد أصبح الهولنديون مع بداية القرن السابع عشر القوة البحرية السائدة في المحيط الهندي/ الخليج العربي. كان الفرس قد سمحوا للهولنديين والبريطانيين بممارسة التجارة في بلادهم، لأنّهم توقّعوا المساعدة العسكرية في توسيع نطاق طموحاتهم للسيطرة على المنطقة وفرض سيادتهم عليها؛ وبذلك التزم الإنجليز والهولنديون بتحالف من نوع معيّن مع فارس، كما اعتمدت مصالحهم الاقتصادية في الخليج على المزايا التجارية التي كانوا قد حصلوا عليها وضمنوها من فارس.

 

استمرّ نشاط شركة الهندية الشرقية الهولندية  التجاري - بعد أن حقّقت استقلالها عن أسبانيا عام 1648م - نحو مائة عام من الأعمال التجارية والازدهار والنجاح دون التعرّض لأي إزعاج. كانت سيطرة العرب على مسقط بعد تحريرها من أيدي البرتغاليين عام 1650م حادثة أخرى لصالح الهولنديين، وقد أدّى وصول عدة سفن من هولندا إلى وكالتهم في غمبرون بعد ذلك بفترة قصيرة، إلى مزيدٍ من الأعمال التجارية من قبلهم جعلهم يتفوّقون مؤقتاً في تجارة الخليج. في غضون ذلك - وبينما كان الهولنديون على خلاف مع الفرس حول تجارة الحرير كما كانوا يسعون إلى التملّص وتجنّب دفع الرسوم- تلقّوا عرضاً من سلطان بن سيف، إمام مسقط، على الأرجح، لتغيير الطريق التجاري كلياً، وكانت تلك الخطة تقضي بنقل البضائع بواسطة القوافل من قطيف- وهي منطقة ساحلية تقع إلى الشمال من قطر، في طريق موازٍ للساحل عبر المناطق التابعة لبني ياس وبني خالد إلى ميناء معيّن خارج سيطرة البرتغاليين، إلاّ أنّ رئيس الوكالة الهولندية رفض ذلك العرض مع الشكر.

ومع اشتعال الحرب الإنجليزية الهولندية في أوروبا عام 1652م، فقد الإنجليز وكالاتهم التجارية في الخليج العربي في بندر عباس والبصرة لصالح الهولنديين، وأصبحت شركة الهند الشرقية الهولندية بحصولها على تلك الوكالات، المزوّد الرئيس للتوابل في بلاد فارس والخليج العربي، حيث حقّقت نجاحاً تجارياً ملموساً هناك. وفي عام 1666م كان لشركة الهند الشرقية الهولندية  مقرّ في مسقط لفترة قصيرة من الزمن. وتؤكّد سجلاّت السلع الواردة إلى بلاد فارس والخليج أنّ الهولنديين كان لهم دورٌ كبير في التجارة الآسيوية. لقد تمكّن الهولنديون مع حلول منتصف القرن السابع عشر، من طرد شركة الهند الشرقية من الجزء الأكبر من الخليج العربي، ومع حلول عام 1680م ثبّتوا أقدامهم في كلّ من البصرة وبندر عباس.

وصل الهولنديون إلى المحيط الهندي لتأكيد حرية الملاحة في أعالي البحار، ودحضوا القرار البابوي بجعل المحيط الهندي تحت سيطرة البرتغاليين. وقد استمرّت شركة الهند الشرقية الهولندية  وشركة الهند الشرقية الإنجليزية- كما كان البرتغاليون من قبل- تلجأ إلى استخدام القوّة وسيلة للحصول على اتفاقيات تجارية وحقوق للوكالة في موانئ المحيط الهندي، كما أنّهم اتبعوا نظام البرتغاليين في إصدار تصاريح عبور "للحماية" من أجل تسهيل تحقيق طموحاتهم التجارية على حساب المجتمعات التجارية المحلية في المحيط الهندي. لقد اتبع التجار الهولنديون والإنجليز نظام التجارة بين الموانئ بالإضافة إلى تجارة التصدير التي كانت متبعة في المحيط الهندي، والتي أدّت بدورها إلى تصدير كميات هائلة من البضائع التجارية إلى الأسواق الأوروبية. وقد أدّى هذا الازدهار الناجم عن التجارة إلى الدخول في عهد جديد في هولندا عُرف "بالعهد الذهبي" والذي شهد على مدى النجاح الشامل والنموّ على صعيدي الفنون والصناعات اليدوية. وعلى الجانب الآخر، انحدرت العمليات التجارية البعيدة في الخليج مما أدّى إلى نهاية عهد مدن عمان والخليج العربي التجارية القديمة، وإلى نهضة مدنٍ جديدة مثل مسقط، وبندر عباس، وبوشهر.

لقد ضعفت قوة الهولنديين، نتيجة للحرب الثلاثية التي قامت بينهم وبين الإنجليز والفرنسيين، مع حلول الخمسينيات من القرن الثامن عشر، ففقدوا بذلك معظم ممتلكاتهم ومستنداتهم التي كانت بين أيديهم في معظم أنحاء المحيط الهندي باستثناء الأرخبيل الإندونيسي، وضعفت سيطرة الشركة الهولندية في الخليج على وكالاتهم في بوشهر وبندر عباس والبصرة نتيجة لمنافسة البريطانيين، ولزيادة الضرائب التي فرضها عليهم حاكم بوشهر، والعلاقات المتدهورة مع السلطات العثمانية. فكان أن أغلق الهولنديون تلك الوكالات عام 1753م.

ولكنّ الهولنديين حاولوا بعد إغلاق تلك الوكالات الثلاث، المحافظة على مكانتهم في الخليج العربي ، فاحتلّوا جزيرة خرج التي قدّمها لهم حاكم بندر رق العربي، مير ناصر من قبيلة الزعاب وعمل الهولنديون على تقوية مكانتهم هناك بتشييد حصن ووكالة لهم، كما سيطروا على النشاطات الاقتصادية المختلفة التي كان يقوم بها السكّان العرب المحليون والتي تشمل صيد اللؤلؤ. وقد أدّت تلك النشاطات إلى مقاومة السكّان العرب المحليين تحت قيادة مير مهنا الذي نجح في تحرير جزيرة خرج من أيدي الهولنديين عام 1766م وتعتبر تلك الحادثة الأولى في تاريخ عرب الخليج يشار إليها في إحدى الصحف والتي تشير أيضاً وللمرّة الأولى إلى شيخ عربي – مير مهنّا. كان انتصار مير مهنا كتحديد لنهاية وجود الشركة الهولندية المتحدة  في الخليج العربي، إلاّ أنّ التجار الهولنديين ظلّوا يمارسون الأعمال التجارية بين المؤسّسات الهولندية في آسيا والخليج، كما استمرّت سفن النقل تبحر بكثرة بين مسقط وملابار الهولندية.

لم يؤدّ ظهور الأوروبيين في المحيط الهندي والخليج العربي إلى إحداث تغيير جذري في بناء وتحوّل التجارة الشرقية فحسب، بل إنّه أضاف الكثير أيضاً على الصعيدين التاريخي والجغرافي في الموضوع. وقد عملت السجلات الكثيرة لدى الشركات الهولندية والإنجليزية على إثراء المعلومات والمواد التوثيقية التي تركها البرتغاليون. وعلى الرغم من أنّ هذه الوثائق كانت تتناول بشكل رئيس النظام التجاري المعمول به في المحيط الهندي، إلاّ أنها كانت تحتوي أيضاً على مواصفات مفصّلة لمجتمع المنطقة ونظام الحكم فيها. فالوثائق الهولندية تشكّل أهمية خاصة 
لتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة إذ أنّها تزخر بالمعلومات النفيسة التي لا تقدّر بثمن حول مجموعة مختلفة من المواضيع المتعلّقة بالمنطقة. لقد ظهر اسم جلفار (رأس الخيمة الحديثة) في وثيقة هولندية يعود تاريخها إلى عام 1634م ضمن نصّ يشير إلى عرض لتقديم المساعدة إلى العرب الذين كانوا يقاتلون البرتغاليين هناك وفي مسقط أيضاً. وتؤكّد المذكّرة التي يعود تاريخ كتابتها إلى عام 1646م، أنّ ساحل شبه الجزيرة العربية كانت له أعماله الخاصة في نقل البضائع بحراً إلى مسافات وأنحاء بعيدة، ، وتشير تلك المذكّرة إلى وصول سفينة من جلفار إلى البصرة محمّلة بالسكّر.

 


وثمة روايات مهمّة موجودة في الوثائق الهولندية تتعلّق ببروز الحكم القاسمي؛ فقد ورد ذكر الشيخ رحمة بن مطر على أنّه أمير جلفار بعد عام 1718 م بقليل عندما برز دوره في حصار جزيرة هرمز، كما أشير إليه مرة أخرى عام 1728م كأحد أغنى وأكثر التجّار العرب نفوذاً وكحاكم لجلفار. وبعد ذلك بسنوات عديدة أكّدت الوثائق الهولندية أنّ نادر شاه قد اعترف بالشيخ رحمة على أنّه الحاكم الشرعي والوريث لجلفار(1740م). وقد وصف تيدو فريدريك فان كنيبهاوزن – المقيم في وكالة شركة الهند الشرقية الهولندية في جزيرة خرج- جلفار على أنّها "مدينة كبيرة، محصّنة على الطراز المحلي، وأنها مزوّدة ببعض المعدّات الحربية، ويسكنها قبيلة من الهولة تدعى القواسم". وأضاف في تقريره أنّه قد تمّ تنفيذ عدة حملات على هذا المكان من قبل إمام مسقط، ولكنّها باءت جميعها بالفشل، وذلك بسبب عدم مقدرته " للقيام بأيّ شيء ضدّ شيخ القواسم الذي يدعى تشافل أو رشمة بن مطر، الذي كان يسانده عدة قبائل من البدو أو عرب الصحراء. والشيخ رشمة هذا هو في الوقت الحالي الأقوى بين حكّام الهولة فلديه قوة من أفراد شعبه يبلغ عددهم 400 رجل مسلّحين بالبندقيات اليدوية المعروفة ب"أم فتيلة" في صور التي فيها ميناء جيّد حيث تتمكّن السفن الكبيرة من الرسو فيها، كما أنّ هناك أكثر من 60 سفينة معظمها كبيرة ومزوّدة جيّداً، كانت تبحر حتى ميناء مخا".



لقد أصبح الهولنديون في الربع الأوّل من القرن السابع عشر، أفضل الجامعين والمحرّرين للخرائط والبيانات البحرية والكتب المتعلقة بالإبحار، إذ أسهم ذلك بشكل كبير في رسم خرائط الخليج. وتشير الأطالس البحرية والبيانات والرسومات والخرائط التي جمعها سادة القرن السابع عشر ونشرتها دور النشر الهولندية الشهيرة، إلى أنّ الهولنديون تولّوا مركز القيادة حتى عام 1675م، وتحتوي الرحلات الاستكشافية القديمة التي قام بها الهولنديون خلال منتصف القرن السابع عشر إلى المناطق الداخلية من الخليج وعبر شبه جزيرة مسندم عدة إشارات مهمة إلى المدن والموانئ الواقعة في دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة وعمان. وتعود أهمية الحملات القائمة إلى شبه جزيرة مسندم إلى أنّها تقدّم أوّل وصف مفصّل عن المنطقة. وفي الفترة الواقعة من عام 1644-1645م، قامت السفينة الهولندية "زيميو"(
Zeemeeuw) و(تعني النورس) باكتشاف ساحل الخليج الجنوبي بين خصب ودبا. ويعتبر الرسم الذي رسمه قائدها القبطان كليس سبيلمان لخليج دبا وللمدينة، أحد أقدم الرسومات لموقع في دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة. وفي عام 1666م، قامت السفينة القديمة "ميركات" بقيادة القبطان جاكوب فوجيل برحلة من غمبرون إلى مسقط، وبعد هذه الرحلة كتب تقريراً مفصّلاً عن كلّ ما شاهده عبر الساحل بين خصب ومسقط، كما ترك رسماً وخريطة لخليج مسقط، وكذلك أشير إلى كل من دبا وخورفكان والبدية وكلبا من ضمن الأماكن الأخرى، وأضيف إليها معلومات أخرى مفصّلة عن أسلوب الحياة فيها. وتؤكّد الإشارات المهمّة إلى جزر أسفل الخليج ضمن سجلاّتهم أنّ البحارة الهولنديين قد اكتشفوا جزيرة طنب، أما جزيرة أبو موسى فقد ورد ذكرها أوّلاً في خريطة هولندية عام 1645-1646م، بينما ورد ذكر جزيرة سرّي القريبة منها لدى البحارة الهولندييين عام 1646م. وفي أبريل من عام 1651م وصف القبطان بوداين من يخت (Popkensburg) رحلاته بين جزر طنب الكبرى، والصغرى، وأبوموسى

 

الإستعمار البريطاني في الخليج العربي :-

 

تأسّست شركة الهند الشرقية عام 1600م، وانحصرت أعمالها في البدايةخلال عام 1616م، في ممارسة الأعمال التجارية في بلاد فارس عبر جاسك. وقامت في العامالتالي بتأسيس وكالتين في المناطق الداخلية
الواقعة في شيراز وأصفهان. وفي عام 1617م حصلت الشركة على مرسوم "فرمان" من شاه عباس، ملك الفرس، يمنحها احتكار تجارةالحرير من الموانئ الفارسية. وقد افتتح ممثّلو الشركة وكالتهم الأولى على ساحلالخليج عام 1623م في بندر عباس ( غمبرون) على ساحل فارس الجنوبي، إثر الانتصارالفارسي البريطاني على البرتغاليين عام 1622م. تحوّلت بعد ذلك تجارة هرمز إلى بندرعباس فأصبحت بذلك المقرّ الرئيسي للنشاطات التجارية البريطانية في الخليج للسنواتالمائة والخمسين التالية.

 

بدأ ازدهار الثروات البريطانية المحدودة مع انحدار تجارة الهولنديين؛ إلاّ أنّ التنافس الإنجليزي- الفرنسي على السيادة في الهند والخليج قد أدّى إلى فترة من عدم الاستقرار والثبات. وقد نتج عن الاضطرابات السياسية
والتغيّرات السلالية المستمرّة في بلاد فارس خلال النصف الأوّل من القرن الثامن عشر، تعرّض مكانة البريطانيين في بندر عباس- والذين كان اهتمامهم الرئيس ينحصر بالتجارة- إلى المزيد من التقلقل وعدم الاستقرار. وفي عام 1763م، فتحت الشركة "مقرّاً لإقامة" مسؤول بريطاني في بوشهر؛ وقد تمكّنوا - تحت إشراف "المقيم البريطاني"- من احتكار الموارد الصوفية إلى بلاد فارس، لإبعاد الدول الأوروبية الأخرى. كان ذلك بداية لفترة مائتي عام تقريباً من السيادة البريطانية على الصعيدين التجاري والسياسي في المنطقة بعد انهيار مكانة البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين كما أنّها حدّدت بداية المقيمية السياسية البريطانية في الخليج.

ومنذ أواخر القرن الثامن عشر فصاعداً حلّت شركة الهند الشرقية محلّ الوكالات التابعة للشركة شبكة معقّدة من المقيميات والوكالات التي أصبح دورها الرئيس سياسياً كلياً، حيث انحصرت أهدافهم الرئيسة في حماية البحر والطرق البرية إلى الهند، وحماية المصالح الاستعمارية البريطانية من تدخّل القوى الأوروبية الأخرى الآخذة بالنموّ. وقد تمّ بين عامي 1763م و 1947م إنشاء المقيميات والوكالات في بوشهر، ومسقط، والبصرة، وبغداد، والبحرين، والكويت، والشارقة والمحافظة عليها.

 

أدّى سقوط سلالة الصفويين في إيران وانهيار اليعاربة في عمان إلى حالة من الفوضى والاضطرابات، ومن ثمّ إلى فراغ سياسي في الخليج، وذلك في العقود الأولى من القرن الثامن عشر. وقد بدأت الجماعات العربية البحرية الذين كانوا قد فرّوا منذ قرن خلال النظام البرتغالي هناك، بالنزوح والهجرة من المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية وعمان إلى الساحل واستئناف نشاطاتهم التجارية فيه. وقد أصبحت المواقع الجديدة التي استقرّوا فيها النواة والمركز الرئيس لدول الخليج العربية الحديثة. في أوائل القرن الثامن عشر، كان كلّ من القواسم واتحاد بني ياس وسلالة آل بو سعيد وعاصمتهم مسقط، يمثّل الحركات السياسية الثلاث البارزة في جنوب شرقي شبه الجزيرة العربية. ومع مرور الوقت، أصبح القواسم - وقاعدتهم الرئيسة رأس الخيمة - تجّاراً ناجحين كما حازوا السيادة بين القبائل في المنطقة كاتحاد قوي جداً. لم يكن هناك لبعض الوقت، من ينافسهم في المنطقة كما أنهم تمكّنوا من السيطرة على المناطق النائية التابعة لرأس الخيمة. وكان لديهم موانئ على جانبي الجهة الجنوبية من الخليج، في الشارقة ورأس الخيمة ولنجة ولافت.

 

 

لم يكن الخليج خلال تلك الفترة آمناً؛ فقد بدأ القواسم يتحدّون السيادة العمانية في البحر لانتزاع نصيب أكبر من التجارة الخليجية والهندية والإفريقية التي نتج عنها صراع بينهم وبين حكام آل بو سعيد لكسب السيادة والتفوّق. ونتيجة لمخاوف البريطانيين من هجوم فرنسي محتمل على ممتلكات شركة الهند الشرقية الهندية، أقاموا تحالفات مع حاكم مسقط وشاه فارس. وقد نشأ نتيجةً لتزويد عمان بالأسلحة والذخيرة، صراع مع القواسم حول المصالح، فقد كان هؤلاء ينظرون إلى البريطانيين بكثير من الشك لأسباب سياسية واقتصادية ودينية. ولما أيقن البريطانيون بأنّ القواسم يهدّدون السلام البحري والطرق التجارية البحرية التابعة لهم، أبدوا رغبتهم الخاصة في السيطرة على الطرق التجارية البحرية الواقعة بين الخليج والهند، والتي أدّت إلى تفاقم الخلافات بينهم. وفي عام 1806 م تمّ التوصّل إلى اتفاقية (القلنامة) بين البريطانيين والقواسم تمّ الاتفاق بموجبها على إقامة السلام بين الجانبين واحترام كلّ طرف رعايا وممتلكات الطرف الآخر. ويمكن القول أنّ تلك الاتفاقية (القلنامة) كانت تشكّل بداية العلاقات البريطانية الرسمية مع المنطقة التي تكوّن حالياً دولة الإمارات العربية المتحدة، إلاّ أنّ أعمال الهجوم على الملاحة البريطانية- رغم إبرام تلك الاتفاقية- لم تستمرّ فحسب بل كانت تزداد تدريجياً.

كانت السلطات البريطانية خلال السنوات الأولى من تورّطهم في شؤون الخليج، قد تبّنت الاعتقاد الخاطئ بأنّ القواسم كانوا يمثّلون السبب الرئيس لكافة الأعمال غير القانونية القائمة في البحر؛ ولذلك قاموا بحملات ضدهم وضدّ حلفائهم أيضاً. لكنّ أعضاء طبقة المسؤولين العليا قد تراجعوا عن ذلك الاعتقاد. وفي عام 1809م وقع هجوم على رأس الخيمة -وهو ميناء القواسم الرئيس- وعلى لنجة ولافت وغيرها من قواعد القواسم على الساحل الفارسي، واستمرّت المنازعات من حين لآخر، وأخيراً، تمّ في عام 1819م تدمير رأس الخيمة نتيجة حملة بريطانية بحرية ضدّها، وبعد سقوطها تحوّلت الحملة إلى موانئ أخرى، حيث قامت بتدمير الحصون والمعاقل والسفن الكبيرة في فشت، والشارقة وأم القيوين، وعجمان. لقد أزال إخضاع رأس الخيمة آخر الآثار لأيّ تحدٍّ للسيطرة البريطانية على مياه الخليج. وفي عام 1820م، أبرم البريطانيون معاهدة السلام العامة مع شيوخ عرب الساحل وافق بموجبها الحكام على وقف الأعمال العدوانية في البحر نهائياً، كما فرضوا حظراً على بناء السفن الكبيرة، وتشييد التحصينات عبر الساحل، وبالإضافة إلى كلّ ذلك تضمّنت المادة التاسعة من هذه المعاهدة أوّل إشعار مدوّن ضمن معاهدة رسمية بإنهاء تجارة العبيد. لقد منحت بنود تلك المعاهدة البريطانيين الحق في ضبط الأمن في بحار أسفل الخليج، كما حدّدت نقطة تحوّل للمصالح البريطانية في المنطقة.

"افتتحت اتفاقية عام 1820م عهداً من العلاقات الرسمية بين بريطانيا ودول الخليج، وأمناً عاماً على نطاق واسع، رغم عدم اكتماله بأي شكل من الأشكال". كانت الشروط العامة التي تمّ وضعها في معاهدة عام 1820م قد عملت على تكوين أسس كافة الاتفاقيات اللاحقة بين بريطانيا العظمى ومشيخات الساحل. لقد وضعت السلطات البريطانية السياسة التي كان يجب اتباعها تجاه الدويلات العربية كنظام " للسيطرة الثابتة المقرونة بالتعاملات الودية" ، وتمّ ذلك بقليل من التغيّرات خلال الفترة المتبقّية من ذلك القرن. كان المقيم السياسي في بوشهر مسؤولاً عن شؤون المنطقة بأكملها، رغم أنّ المصطلح المتّبع " المقيم السياسي" لم يكن يُستخدم قبل منتصف القرن. وفي عام 1822م ، طُلب منه في بوشهر بأن يقوم بدراسة النظام السياسي في الخليج، وإعادة تقارير الأنباء المفصّلة إلى رؤسائه. وتلا ذلك تأسيس "الوكالات المحلية" في موانئ عربية معيّنة لتمثيل البريطانيين، والحصول على قنوات الاتصال مع شيوخ الساحل. وخلال العشرينيات من القرن التاسع عشر كان يوجد " وكلاء محلّيون" في كلٍّ من مسقط، والشارقة، والبحرين على الجانب العربي، وأيضاً في لنجة، وشيراز، وأصفهان، وموغو في بلاد فارس.

 

ورغم ظهور بعض النتائج الإيجابية بعد عام 1820م من ارتفاع نسبة تجارة اللؤلؤ، وغياب الهجمات على النقل البحري الأجنبي، إلاّ أنّ المعاهدة لم تؤدّ إلى وقف تامّ للحروب بين القبائل العربية في البحر؛ ولهذا السبب قام البريطانيون عام 1835م بإقناع حكام أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان للتوقيع على صلحٍ بحريّ تُمنع فيه كافّة الأعمال العدوانية والحروب في البحر خلال موسم الغوص. وما لبث شيخ أم القيوين أن وقّع على تلك الاتفاقية في السنة التالية. ومنذ العشرينيات من القرن التاسع عشر، كان المقيم السياسي يقوم بجولة سنوية إلى الجانب العربي من الخليج، وبعد عام 1836م أصبحت تلك الجولة أكثر ضرورةً وأساسية أيضاً، إذ كانت تهدف إلى تجديد الصلح البحري لعام 1835م. وخلال السنوات الثماني عشرة التالية، كان هناك سلسلة من معاهدات الصلح البحرية شبيهة بتلك القائمة عام 1835م، ولكن تمّ خلال عام 1843م تنفيذ صلح مدّته عشر سنوات. وبدأت القوّات البحرية الهندية بحراسة مغاصات اللؤلؤ ومراقبتها كل عام، إلاّ أنّ الاضطرابات أصبحت بعد عام 1843 م نادرة وتافهة.

وبعد انتهاء صلح عشر السنوات وافق الشيوخ - بتوصيات من المقيم السياسي - على إقامة صلح دائم في البحر، وفي عام 1853م، تمّ التوقيع على معاهدة السلام البحري الدائمة وافق الشيوخ بموجبها على وقف تامّ للأعمال العدوانية في البحر وعلى إقامة "صلح بحري تام... ودائم". كان دور البريطانيين محدوداً اقتصر على الأمن البحري؛ ومن هذا المنطلق لم يكن لديهم الرغبة في التدخّل بشؤون المشيخات الداخلية. ونتيجة لهذا الصلح، أصبحت المنطقة معروفة في الوثائق البريطانية السياسية بالساحل المتصالح، كما كان يشار إليها أيضاً "بعمان المتصالح". من ناحية أخرى قامت الحكومة البريطانية بإبرام أربع معاهدات مختلفة مع شيوخ الساحل المتصالح خلال أعوام 1838م،و 1839م، و1847م، و1856م، وذلك بهدف القضاء على تجارة العبيد التي كانت آخذة في الازدياد رغم شروط معاهدة عام 1820م، وقد حقّقت تلك المعاهدات المختلفة تحسّناً في الوضع. ومع إنشاء خطوط ومحطات للبرق عام 1864 م في مناطق مختلفة في الخليج، أو قربه، حصل البريطانيون على ضمان خطّي من شيوخ الساحل المتصالح لحمايتهم؛ وذلك بإضافة مادة إلى الصلح البحري الدائم لعام 1853م.

كانت بريطانيا في أوج قوّتها في السبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عشر عندما دخلت قوّات جديدة على الساحة شكّلت تحدياً لسيادتها غير المتنازع عليها في عمان المتصالح. وخلال تلك الفترة، قام الأتراك بمحاولات متكرّرة لتثبيت سلطتهم على الساحل العربي، بينما أبدى الفرس اهتمامهم بالسيطرة قليلاً على الساحل المتصالح. كذلك دفعت النشاطات الفرنسية في مسقط وعلى الساحل المتصالح خاصة خلال السنوات القليلة التالية، الحكومة البريطانية للدخول في اتفاقيات مانعة مع مشيخات الخليج. لقد ألزمت الاتفاقيات المانعة لعام 1892م شيوخ الساحل المتصالح بعدم الدخول في اتفاقيات أو إجراء اتصالات مع أية قوة أو دولة أخرى عدا الحكومة البريطانية. ومقابل ذلك تعهّد البريطانيون بتحمّل مسؤولية الدفاع عن الإمارات من أيّ عدوان خارجي. لقد مثّلت الاتفاقيات المانعة آخر طبقة في بناء المعاهدة التي أنشأها البريطانيون في الخليج في القرن التاسع عشر، كما استمرّت حجر الزاوية للسيادة البريطانية في الخليج حتى انسحابهم من المنطقة عام 1971م.


كانت منطقة الخليج قد أصبحت خلال الفترة الواقعة بين عام 1892 م وعام 1914م مسرحاً للمنافسات المكثّفة بين القوى والدول الأوروبية. فقد سعى كل من الفرنسيين والألمان والروس للحصول على حرية مشاريعهم التجارية فتحّدوا حقّ بريطانيا باعتبار الخليج "بحيرة بريطانية". بالإضافة إلى ذلك كان تورّط الفرنسيين في تجارة الأسلحة في المنطقة قضيّةً ذات اهتمام خاص عند البريطانيين. وفي عام 1902م، تمكّنت السلطات البريطانية من انتزاع ضمان من زعماء الساحل المتصالح بمنع استيراد وتصدير الأسلحة من مناطقهم المختلفة. وفي السنة التالية، قام اللورد كيرزون نائب الملك في الهند بزيارة إلى المنطقة هدف منها إظهار السلطة والسيادة ردّاً على زيارات السفن الحربية الروسية والفرنسية لها. وكان قد عُقد اجتماعٌ كبير في الشارقة على متن السفينة "أرغونوت" (
Argonaut) - وهي أكبر سفينة تظهر في الخليج قبل الحرب العالمية الأولى- أعلن فيه اللورد كيرزون بكلّ صراحة، - بحضور جميع زعماء الساحل المتصالح - أنّ

الحكومة البريطانية قد أصبحت تمارس السيادة المطلقة لحمايتهم وأنّ زعماء الساحلالمتصالح ليس لهم أيّ علاقة بدول وقوى أخرى. بالإضافة إلى ذلك صرّح أنّه رغم أنّالسياسة البريطانية التي تقضي بعدم التدخّل في شؤونهم الداخلية، إلاّ أنّ القتالبين الحكّام براً، ليس مقبولاً بسبب القيود المفروضة على الحروب البحرية، لأنّهاتوازي إلغاء روح المعاهدة التي كان قد تمّ توقيعها. وقد حقّ البريطانيون انتصارهمبمزيج من الدبلوماسية والإكراه، كما ضمنوا اعترافاً رسمياً بسيادتهم في المنطقة،وبتفوّقهم على الفرنسيين والروس والألمان والعثمانيين.

كانت منطقة الخليج خلال القرن التاسع عشر مهّمة للبريطانيين في إستراتيجيتهم الدفاعية في الهند،فالسياسة البريطانية تقضي بتحقيق السلام والمحافظة عليه في البحر والقضاء على تجارةالعبيد بالقوة، ولكن عدم تورّط الحكومة في الشؤون الداخلية للإمارات لم تكن ذاتفائدة للمنطقة. ومع إهمال قضية التعليم والعمل على تحسين وضع السكان المحليين عامة،نشأ جوّ من عدم التفاهم ومن الكراهية الفطرية. ومع نهاية القرن بدأ موقفالبريطانيين وقراراتهم في التغيّر تدريجياً نتيجة لتفاعل العديد من القوى والعوامل؛فقد شهدت السنوات التالية للحرب العالميّة الأولى عدة تغيّرات اقتصاديّة وسياسيّةوثقافيّة على الساحل المتصالح انعكست ضمن ردود فعل الحكّام والشعب تجاه السياسةالبريطانية. وأدّى انتشار التعليم على الساحل، ونموّ القومية العربية في المنطقة،وتوقّعات اكتشاف النفط إلى حثّ بريطانيا على إبداء اهتمام أكبر بالشؤون المحليّة.
كان تدخّل بريطانيا في شؤون الدول المتصالحة الداخليّة كبيراً خلال السنواتالواقعة بين الحربين العالميتين؛ فقد حصلت "الخطوط الجوية الملكيّة البريطانية" علىحقّ الهبوط في الشارقة مع حلول عام 1932م وفي السنة نفسها تمّ تأسيس محطة لاسلكيعلى الساحل، وبعد ذلك بفترة، تمّ الحصول على تسهيلات لتعبئة الوقود، وعلى مرسى بحريمن شيخ دبي، بينما سمح شيخ أبوظبي لهم -بعد إقناعه- بتأسيس مقرّ للهبوط في جزيرةصير بني ياس، وآخر بالقرب من أبو ظبي. وعلى الجبهة الإداريّة، كان تحويل مسؤولياتالمقيم السياسي في بوشهر، والذي لم يعد قادراً على التعامل بكلّ كفاءة مع شؤونالساحل المتصالح، إلى الوكيل السياسي في البحرين، "انتقالاً تاريخيّاً للمصالحالبريطانيّة في الخليج من الساحل الفارسي -حيث استمرّت لأكثر من قرن واحد- إلىالجانب العربي". وبعد الحرب العالميّة الثانية بدأت بريطانيا تلعب دوراً داخليّاًأكثر فعاليّة مع بداية الوكالة السياسيّة في الشارقة والتي تحوّلت فيما بعد إلى دبيعام 1953م. وتشجّع الشيوخ لأن يقبلوا بنصيحة ومساعدة الوكيل السياسي.

 

كانتأهم حادثة عملت على تغيير مكانة المشيخات المتصالحة في الاستراتيجيّة البريطانيّة،توقيع امتيازات النفط منذ الثلاثينيّات من القرن العشرين؛ فقد قدّمت توقّعات اكتشافالنفط وإنشاء طريق جويّ على الساحل المتصالح، بعداً جديداً في الاعتقاد البريطانيعن الخليج. وفي وجه التنافس الناشئ من قبل قوى أجنبيّة أخرى، حصلت بريطانيا علىتعهّدات من زعماء الساحل المتصالح لتحويل سلطتهم وسيطرتهم لمنح امتيازات النفط فيمناطقهم إلى الحكومة البريطانية، وأيضاً عدم منح الأجانب امتيازات مصرفيّة. ونتيجةللتوقيع على تلك الاتفاقيات المتعلّقة بامتيازات النفط، أصبح من الضروري تعيينالحدود غير المرسومة قبل ذلك، والتي أدّت إلى انفجار المنازعات القائمة بين القبائلوأصبحت حاسمة بشكل خاص بعد الحرب العالميّة الثانية. ونتيجة لذلك، أصبح للبريطانيينمنذ خمسينيات القرن العشرين يد في تعيين ورسم الحدود لضمان متطلّبات حماية شركاتالنفط التي كانت تقوم بأعمال التنقيب في المناطق الداخليّة من الإمارات المتصالحة.



ومع بداية إنتاج وتصدير النفط في بداية الستينيات، تحوّلت أهميّة الإماراتالمتصالحة ضمن الإستراتيجية البريطانية تحوّلاً دراماتيكياً. وعلى الرغم من أنّالبريطانيين غادروا الهند عام 1947م، إلاّ أنّ الإمارات المتصالحة ظلّت منطقة حيويةللمصالح البريطانية الاستعمارية من خلال ممارستهم لحقّهم الخاص. وقد أدّى ذلك بدورهإلى تحوّل أساسي في السياسة البريطانية التقليدية من عدم التدخّل إلى تدخّل فعّالفي الشؤون المحليّة. وفي عام 1951م أسسّ البريطانيون دورية عمان المتصالح (التيدعيت فيما بعد بكشّافة ساحل عمان)، كقوة حافظة للسلام وللمساعدة في اكتشاف النفط فيالداخل، ولعبت تلك القوات دوراً بارزاً عام 1955م في النزاع القائم بين أبو ظبيوالمملكة العربية السعودية خلال أزمة البريمي. وفي عام 1952م تمّ تأسيس مجلسالإمارات المتصالحة، وهو مجلس استشاري يتألّف من حكّام الإمارات السبع تحت رئاسةالوكيل السياسي لدفع فكرة الاتحاد بينهم. وفي عام 1965م تمّ اتخاذها من قبل الحكّامأنفسهم ليصبح مجلس الإمارات المتصالحة التطويري، وانسحب الوكيل السياسي من رئاسةالمجلس في العام التالي. ووسّع المجلس نشاطاته لتشمل المصالح الداخليّة، كما عملعلى تصعيد عمليّة التطوير في المنطقة. وفي غضون اجتماعاته المتعدّدة، تمكّن الشيوخمن إيجاد قضيّة مشتركة مهّدت الطريق أمام قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971م.



لقد أدّى ظهور النفط في أبو ظبي عام 1962م، ومن ثمّ في دبيوالشارقة، إلى أن تحتلّ المنطقة مكانةً بارزة في الشؤون الاقتصادية والسياسيةالعالمية. وقد واكب التطوّر السريع والتحديث الذي أحدثه ثراء النفط، تطوّر داخليهام هو الرغبة في الاتحاد بين الإمارات، التي أصبحت فيما بعد أقوى وأشدّ بعد أنأعلنت الحكومة البريطانية في بداية عام 1968م، نيّتها للانسحاب من الخليج مع نهايةعام 1971م. وفي 30 نوفمبر، 1971م، انسحب البريطانيون من الإمارات المتصالحة، وكانذلك الانسحاب نهاية لسيادة العهد البريطاني في المنطقة. ومن الجدير ذكره أنّ "الإمارات المتصالحة كانت أوّل منطقة عربية تفرض بريطانيا سلطتها عليها عام 1820م،وآخر منطقة تتركها عام 1971م

خريطة للأرض المملوكة والمؤجرة لسلاح الجو الملكي البريطاني في المحرق بالبحرين بتاريخ 17 مايو 1947م

 

الأطماع البريطانية في قطر :-

 

وقعت قطر مع بريطانيا في عام 1820، 1835م على معاهدتين تشبه المعاهدات التي عقدتها بريطانيا مع شيوخ إمارات ساحل عمان، وفي عام 1876م وقعت معاهدة ثالثة مع بريطانيا اشترط على شيخ قطر أن يرجع إلى المعتمد البريطاني في كل خلاف يقع بينه وبين جيرانه. وفي عام 1869م أعلن شيخ قطر ولاءه للعثمانيين، وسمح لهم ببناء محطة للفحم لتزويد السفن بالوقود ومرسى للسفن في ميناء الدوحة، اعترضت بريطانيا، ولكن الأمر بقي كما هو حتى طردت القوات التركية من الأحساء على يد عبد العزيز بن سعود، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1919م، أصبحت قطر تحت الحماية البريطانية.

 

الأطماع البريطانية في الكويت :-

 

بدأت العلاقة بين بريطانيا والكويت بمعاهدة سرية عقدت بين الشيخ مبارك الصباح وبين إنجلترا عام 1899م وذلك خوفاً من مد خط سكة حديد برلين بغداد إلى الكويت، وجاء في نص هذه المعاهدة أن يلتزم الشيخ مبارك ويلزم وارثيه بأن لا يستقبل أي وكيل أو ممثل لأي حكومة دون الموافقة المسبقة من بريطانيا، ولا يتنازل أو يبيع أي جزء من مقاطعته دون علم وموافقة بريطانيا. وعقد الشيخ اتفاقية ثانية عام 1900م تنص على أن يمنع إدخال السلاح إلى بلاده، وفي عام 1904م أنشأت بريطانيا مركزاً بريدياً، وفي نفس العام عينت معتمداً سياسياً لها في الكويت، وفي عام 1911م تعهد الشيخ مبارك بعدم استثمار موارد الكويت الطبيعية دون موافقة الحكومة البريطانية، وفي عام 1913م تعهد الشيخ بعدم منح البترول في الكويت دون استشارة الحكومة البريطانية، وفي بداية الحرب العالمية الأولى 1914م بعثت بريطانيا برسالة إلى شيخ الكويت تعترف بها باستقلال الكويت تحت الحماية البريطانية، وقد أعطى الشيخ أحمد الجابر امتيازاً لشركة البترول البريطانية للبحث عن النفط، فأصبحت مقدرات الكويت بيد بريطانيا حتى استقلالها عام 1961م.

المصادر :-

 

الموقع البحثي " الامارات بين الماضي والحاضر "

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech